لم يكن شغف الغزية ميسون أبو حميد – 38 عاما- حينما كانت صغيرة الاستمتاع بمشاهدة الرسوم المتحركة كأقرانها، فقد كانت تنتظر الليل لتراقب النجوم والتأمل فيها، كما تلازم والدها حينما كان يستمع لنشرات الأخبار عبر المذياع وهي بعمر التاسعة علها تسمع خبراً عن عالم الفلك، ونادرا ما كان يحصل ذلك عبر الاذاعات المحلية والعربية.
بدأت "أبو حميد" رحلة البحث عن عالم "الفلك" خلال دراستها، فقد كانت تحفظ درس العلوم المتخصص بالكواكب والنجوم، وتطرق باب مكتبة مدرستها المتواضعة لتبحث عن المزيد، لكن المعلومات كانت غير مشبعة لها وشحيحة.
انهت الشابة دراستها الثانوية العامة وتزوجت، دون أن يثنيها ذلك عن متابعة عالم الفلك والبحث عن آخر التطورات والاختراعات في المجلات والفضائيات، لكن بحسب ما روته لـ"الرسالة نت" فإن ذلك لم يكن كافياً.
تبتسم وهي تروي حكايتها مع شغفها الأول "عالم الفلك"، أن جميع من حولها عندما يتعثرون بمعلومة يتواصلون سريعا معها ويخبرونها، موضحة أنها قبل أربع سنوات تلقت اتصالا من شقيقتها لتخبرها بوصول أول تلسكوب رصد "للقمر والبقع الشمسية وكوكب المشتري وأقماره الأربعة" في قطاع غزة وقتئذ لم تصدق ما سمعته.
وتابعت أبو حميد:" تحريت عن الأمر حتى تأكدت منه وبقيت انتظر يوم الرصد لمشاهدة القمر عن قرب لأول مرة (..) كنت كالطفل الصغير الذي ينتظر يوم العيد وشعرت أن الأيام بعيدة كأنها سنوات".
وتصف الثلاثينية فرحتها حينما لمحت التلسكوب لأول مرة، أنها شعرت بالفرح والرهبة معا، لكنها حينما أقبلت عليه لترى عالم الفلك عن قرب أحست وكأنها طفل صغير حصل على لعبته التي ينتظرها.
اسمها وسطح القمر
حاولت "أبو حميد" التعرف عن هواة ومختصين في عالم الفلك، إلى أن علمت بوجود عالم فلك في قطاع غزة وهو "سليمان بركة"، حيث تواصلت معه وشجعها وساعدها في تنمية ثقافتها الفلكية عبر الكتب والمجلات.
ورغم أن "أبو حميد" لم تتلق تعليمها الجامعي، إلا أنها تمكنت من إلقاء بعض المحاضرات على طلبة الجامعات من حين لآخر، وتحكي "للرسالة" أنها في إحدى المرات تعرضت لموقف محرج حينما ألقت معلومة خاطئة على الطلبة في نادي "هواة الفلك" مما دفعها للجوء إلى الشبكة العنكبوتية لتتأكد من معلوماتها.
عملت الثلاثينية وهي أم لستة أطفال، على تطوير قدراتها الفلكية، وبقيت حريصة على المشاركة في الفعاليات الفلكية كافة، حتى اهتدت إلى تدشين صفحة خاصة عبر الفيسبوك "Astronomy Science علم الفلك" يتابعها الالاف من العرب والفلسطينيين والأجانب بحيث تضع مقالات مأخوذة من وكالة "ناسا" مترجمة ليستفيد المتابعون، عدا عن وضع الكثير من المقالات التي كتبت في مجلات عربية.
وتعلق على نجاحها:" تلقيت الدعم من أهلي وزوجي وطلبة الجامعات ولم أكترث لتعليقات المحبطين (..) وحينما أشعر بالتراجع يدفعوني للأمام أكثر".
حكاية "أبو حميد" ملهمة للكثيرين، فهي تؤكد على أنها لم تستسلم للروتين اليومي وعدم اكمالها مشروعها الدراسي، بل عملت على صقل موهبتها وتنميتها لتثبت أنها قادرة على الابداع في المجال الذي ترغبه، داعية الشباب إلى عدم الاستسلام للعقبات والعمل على تخطيها بالمثابرة.
ومن حين لآخر تراسل وكالة ناسا وتطلب منهم دعوتها لزيارة مقرهم، كما تتابع البث المباشر الذي يتواصل فيه رواد الفضاء مع الجمهور والاجابة عن تساؤلاتهم، متمنية أن تستجاب دعوتها لزيارة المقر، عدا عن حلمها بأن يحمل أحد رواد الفضاء اسمها على سطح القمر.