من الواضح أن موعد عقد صفقة الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب لتسوية الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي لم يحن بعد، فلم تختلف مواقفه عن غيره من الرؤساء السابقين ويبدو أن ما جرى الترويج له بالحديث عن صفقات مقبلة لم يعدُ أكثر من كونه صفقة وهم.
المصارع الذي نجح في توقيع صفقات بيع السلاح وكسب الاستثمار السعودي داخل بلاده، استطاع أيضا توحيد الإقليم ضد محور المقاومة وتسويق أفكاره التي مزج الحابل بالنابل فيها تحت عنوان محاربة الإرهاب، فيما أبقى الملف الفلسطيني على حاله دون عرض أي مبادرات جديدة أو حتى دعم الطرح القديم.
ورغم ما ألمح له رئيس السلطة محمود عباس من مرونة مستعد يُبديها لتحريك المياه الراكدة وطمعا بإحياء عملية المفاوضات وصولا للسلام المزعوم، إلا أن الدعم الأمريكي المُطلق لإسرائيل شجع الأخيرة على التشبث في عنصريتها والتنكر للحق الفلسطيني.
ويؤكد ذلك ما نقلته القناة العبرية العاشرة عن مصادر رفيعة المستوى في السلطة برام الله، قولها إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيفاجَأ بمدى استعداد الرئيس محمود عباس لتقديم تنازلات، وإظهار أنه مستعد لإعطاء "أكثر من أي وقت مضى بأي مفاوضات مع إسرائيل".
ويمكن الاستدلال على ذلك من تصريحات السفير الأمريكي الجديد في (إسرائيل) اليهودي المتدين ديفيد فريدمان خلال مقابلة أجرتها معه صحيفة "يسرائيل هيوم" الاربعاء الماضي والتي كشف النقاب فيها عن أن ترامب وصل المنطقة "بدون أي خطة سياسية أو خارطة طريق لحل الصراع".
لم يقدم شيئًا
ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي د. فايز أبو شمالة أن زيارة ترامب لم تقدم للقضية الفلسطينية أي جديد، كونه لم يطرح حل الدولتين أو يعتبر المستوطنات معيقا لعملية السلام، مما يدلل على أن زيارته لا تعدو أكثر من كونها علاقات عامة.
ويضيف أبو شمالة في حديثه لـ "الرسالة نت" ترامب جاء ليقترف مال السعودية ويقول لهم نحن من خلفكم ودافعوا عن أنفسكم، في المقابل قدم كافة الدعم والتأييد لـ(إسرائيل).
ويوضح أن من يزور حائط البراق ويضيع أمنياته بين حجارته فيما يمر عن القضية الفلسطينية مرور عابر، ليس لديه أي صفقة أو حل يقدمه للملف الفلسطيني، مرجعا ذلك إلى عدم وجود أي حل من حكومة الاحتلال وكون أن ترامب لا يخرج عن الإجماع الإسرائيلي.
سراب الاختراق
يتفق الكاتب والمحلل السياسي هاني حبيب مع سابقه، مبينا أن ترامب غادر المنطقة، تاركاً من خلفه سراب ما يسمى بالاختراق أو الصفقة على الملف الفلسطيني -الإسرائيلي؛ رغم الصخب الذي رافق جولته والقمم الثلاث في الرياض واجتماعه مع نتنياهو والرئيس عباس.
وتوقع حبيب في مقال له أن يكون ترامب توصل إلى نتيجة كسابقيه من الرؤساء أميركيين، بأن الحل ليس سهلاً وان النوايا والرغبات تتوقف عندما يبدأ الخوض في المبادئ والمصالح والتفاصيل.
ويشير إلى أن الجديد في هذا الزيارة يتعلق بإنجازات ترامب المبهرة في الرياض، والمتمثلة أساساً بإزاحة (إسرائيل) باعتبارها عدواً تاريخياً محتلاً للأرض العربية في فلسطين والجولان، إلى عدو وهمي آخر، يتمثل في إيران.
وعلى أي حال فإن سياسة الإدارات الأمريكية وإن تغيرت تبقى واضحة في تعاملها اتجاه الملف الفلسطيني ومستمرة في انحيازها لـ(إسرائيل) دون القدرة على الذهاب لأي صفقة قد تضر بالأخيرة، وختاما فإن الشريك لا يمكن أن يكون وسيطا.