يقتبس "دونالد ترامب" الرئيس الأمريكي خلال جولته في المنطقة التي غلب عليها إبرام صفقات السلاح مقطعاً من أغنية قديمة لأم كلثوم "راجعين بقوة السلاح" لإثارة مشاعر عربية تبحث عن مجد وهي تشهر سيفاً من خشب بعد أن ألقى خطاباً امتدح فيه العرب وحصد ملايين الدولارات من جيوبهم.
يوم غنت "أم كلثوم قبل هزيمة عام (1967):" جيش العروبة يا بطل الله معك، ما أعظمك ما أروعك ما أشجعك، مأساة فلسطين تدفعك نحو الحدود، حول لها الآلام بارود" كان العرب يحلمون برد عدوان (إسرائيل) عن فلسطين المحتلة لكنهم اليوم يغنون مع "ترامب" ذات الأغنية في محاولة لدفع التمدد الإيراني الذي يهدد أنظمتهم وقد نسوا فلسطين بعد أن تبدّل العدو وتغيّر الصديق.
وعقد "ترامب" مع السعودية في القمة الأخيرة صفقة أسلحة بقيمة (110) مليار $ قالت السعودية إنها توفر قذائف متطورة وكمية كبيرة ونوعية من الذخيرة فيما تعهّد خلال زيارته (إسرائيل) بأن تحافظ الولايات المتحدة على التفوق النوعي للجيش الإسرائيلي على باقي الجيوش في الشرق الأوسط.
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قبيل انتهاء حكم "باراك أوباما" الرئيس الأمريكي السابق عقدت اتفاقا لدعم (إسرائيل) عسكرياً بقيمة (38) مليار$ طوال عشر سنوات وزودت (إسرائيل) فيها بطائرات "إف 35".
ويعود تاريخ المساعدات العسكرية الأمريكية لـ(إسرائيل) إلى عام (1948) وقد حافظت أمريكا من يومها على دعمها بأسلحة متطورة وتكنولوجية متطورة توفر لها عامل التفوق في الهجوم على الدول العربية خلال كافة حروبها معهم.
سباق تسلّح
الحديث عن جديّة دخول العرب بقيادة السعودية في مواجهة مع إيران مسألة للهذر السياسي فقط فاشتعال معركة مع إيران ليس بالأمر السهل وإلقاء إيران التي تطل على الخليج العربي من موقع جغرافي مرتفع لكمية من الخردة في مضيق "هرمز" يغلق المضيق الهام ويعطل حركة الملاحة وناقلات النفط فكيف بها إذا واجهتهم عسكرياً!
ويؤكد د.عبد الستار قاسم أن صفقة الأسلحة في السعودية بقيمة (110) مليار$ لن تغير موقف أمريكا الدائم من دعم (إسرائيل) عسكرياً وإبقائها المتفوقة بدرجة تستطيع هزيمة كافة الجيوش العربية بما تمتلكه من أسلحة هجومية ووسائل تكنولوجية متطورة كانت آخرها طائرات "إف 35" وصلتها من أمريكا.
ويضيف للرسالة:"كل الأسلحة التي نتحدث عنها لم تجد مع مقاومة متخندقة تحت الأرض وقد جرّبت إسرائيل طعم الهزيمة مرة في لبنان و3 مرات في غزة لأن الأسلحة الذكية لن تنال من المقاومة بينما لا يمتع العرب بالإرادة وهم متخوّفون من إيران ".
على شاكلة (الإتاوة) أبرمت السعودية صفقة عسكرية بـ(110) مليار $ لأن الولايات المتحدة الأمريكية توّفر الأمن للأنظمة العربية ولو استخدمت السعودية حسب رأي المحلل قاسم أقل من (480) مليار $ يجري الحديث عنها في صفقات القمة الأخيرة لطورت أسلحة نووية بأقل من ذلك لكنها لا تملك الإرادة.
مواجهة خاسرة
الرئاسة الأمريكية اعتادت أداء يمين مغلّظ وهي تتعهد بالحفاظ على تفوق (إسرائيل) عسكرياً في المنطقة وقد كرر "ترامب" قبل يومين ما قاله أسلافه من قبل.
وكانت الرئاسة الأمريكية أصدرت بياناً بعد انتهاء زيارة (إسرائيل) شدد فيه "ترامب" على التزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل، وتحديث القوة العسكرية لحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة في مواجهة إيران.
وقال "ريكس تيلرسون" وزير الخارجية الأميركية، في حديثه مع الصحافيين من الطائرة الرئاسية خلال الرحلة الجوية من السعودية إلى (إسرائيل)، إن صفقة الأسلحة مع السعودية لا تتناقض مع التزام الولايات المتحدة في الحفاظ على التفوق النوعي للجيش الإسرائيلي.
ويؤكد العميد يوسف شرقاوي الخبير العسكري أن الولايات المتحدة الأمريكية زودت السعودية بالكثير من الأسلحة المتطورة مشككاً في إمكانية استخدامها ضد إيران سوى في اليمن.
ويضيف للرسالة:" المقاتل في إيران مختلف عنه في السعودية وإذا اشتعلت حرب سيدفع كل الخليج الثمن على يد إيران وقد تستعين السعودية بخبراء من دول صديقة لها للقتال بأسلحة نوعية إن وقعت مواجهة".
ويقول الخبير شرقاوي:" إن أمريكا زودت السعودية بالقنابل الموجهة هي قذائف متطوّرة تمتلك قدرة كبيرة على تتبع هدفها إذا أطلقت وهو ما يجسر عامل الشجاعة الذي يتفوق فيه الجندي الإيراني
أبعاد إقليمية
رائحة البارود التي فاحت من جولة "ترامب" وهو يعقد صفقات السلاح في السعودية ويكرر التزامه بضمان تفوق (إسرائيل) عسكرياً تحمل أبعاداً تتعلق ليس بإيران فقط وإنما بالدور الروسي في الشرق الأوسط.
ويؤكد محمد مصلح الخبير في الشئون الإسرائيلية إنه قد جرت العادة في السياسة الأمريكية الرجوع لـ(إسرائيل) عند تزويد أي طرف في المنطقة بالسلاح لضمان عدم تفوق أي طرف عربي.
ويضيف للرسالة: "طائرات إف 35 التي وصلت إسرائيل العام الماضي والتي تطير حتى إيران لم تكن في صفقة السعودية وهو أمر متفق عليه بين أمريكا وإسرائيل".
سياسة "ترامب" استخدمت قوة السلاح في صفقاتها لتدعم مكانتها الاقتصادية والمالية في الداخل وتعزز من حالة (إسرائيل) الأمنية وقد نجح "ترامب" كما يرى الخبير مصلح في فرض رؤية "نتنياهو" أن إيران هي العدو الأول.
ويشير الخبير مصلح أن الحديث والفعل في جولة "ترامب" الذي وضع إيران كهدف إستراتيجي حاول لعب دور استراتيجي أيضاً لمقارعة روسيا التي تدعم وتقف لجانب إيران وسوريا بشكل يوضّح محور إيران وحلفائها في مجابهة حلف السنّة العربي اللاهث خلف (إسرائيل).