تجلس الشابة ندى شكشك (23 عاماً) خلف مكتبها الذي تبعثرت عليه أدوات الرسم هنا وهناك، وتُمسك بيدها بعض الأعواد الخشبية التي جمعتها من الطبيعة، استعدادا لرسم لوحة جمالية من الطبيعة الحية.
بدقة متناهية، تخط ندى بريشتها المكسوّة باللون الأسود، أولى ملامح لوحتها التي استوحتها من الطبيعة الحية، والواقع، على مجموعة من "أعواد أسنان" مرصوصة بجانب بعضها البعض، لتكوّن لوحة مربعة الشكل.
برزت موهبة الرسم عند ندى، أثناء فترة دراستها في الجامعة، كونها التحقت بكلية الفنون الجميلة في جامعة الأقصى بغزة، حيث استثمرت دراستها لتكون أولى خطواتها، نحو مواصلة موهبتها بطريقة مختلفة تمُيزها عن غيرها، فاختارت "استثمار مهملات الطبيعة لرسم لوحات فنية".
تقابلها على الزاوية الأخرى، من المكتب شقيقتها "مها" ابنة التاسعة عشر من عمرها، التي لم تقل موهبتها عن شقيقتها، لاسيما أنها التحقت بدراسة طب الأسنان حيث تُمسك بين يديها مجموعة من "أحجار الصدف" التي جمعتها أثناء رحلتها على شاطئ البحر، لتشكيل لوحة فنية.
تتلخص فكرة أعمال الشقيقتين في "جمع المهملات من الطبيعة مثل أعواد الأسنان الخشبية، وأوراق الجرائد، والأوراق البالية والأدوات التي لا قيمة لها، واستغلالها في صنع لوحات فنية من الطبيعة"، وفق ما روت ندى لمراسل "الرسالة".
وتحاول ندى وشقيقتها جمع الأدوات والأشياء البسيطة والمهملة من الطبيعة في عمل لوحات فنية مربعة الشكل، تعطي شكلاً فنياً جميلاً غير مكلف، خاصة في الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها قطاع غزة.
وبحسب ندى، فإن الطابع الذي يغلب على رسمها هو استخدام "أعواد الأسكيمو" وعمل عليها خلفية ودمج خيال من الطبيعة الصامتة والحية.
ولم تقف الشقيقتان عند هذا الحد، حيث أخذتا بالتفكير في أدوات بسيطة إلى أن وصلتا لاستخدام "جذوع الأشجار القديمة الملقاة على الأرض"، وأخذتا بتشكيلها لرسم لوحات جمالية من الطبيعة الصامتة والمتحركة، وفق ندى.
وخلال حديثنا قاطعتنا الطبيبة مها، حيث أرادت إيصال رسالة أن دخولها لمجال طب الأسنان لم يؤثر على هوايتها التي امتلكتها منذ نعومة اظفارها، حينما كانت ترسم بعض اللوحات للمعلمات وتنال اعجابهن فتبادر إلى ذهنها المهنة والعمل عليها في المستقبل.
وتساند مها شقيقتها في تلوين لوحاتها، فإحداهن ترسم الخطوط والأخرى تبدأ بالتلوين، وهكذا يتبادلن الأدوار.
ومما لا شك فيه أن أي عمل فني في قطاع غزة خاصة، يواجه عدة معيقات، ومن أبرز ما واجهت الشقيقتان هو الحصار وقلة المواد الخاصة بالرسم، بالإضافة إلى ارتفاع اسعارها، "وهو ما دفعهن لاستخدام الأشياء البالية، من اجل تقليل التكاليف عليهن".
بالإضافة إلى أزمة الكهرباء التي تؤثر عليهن بشكل كبير، كون عملهن يعتمد بشكل أساسي على وجود الضوء، ومن ثم تتسبب بإطالة المدة المفروضة لإنجاز اللوحة.
وتسعى الشقيقتان لاستغلال موهبتهن كمجال للعمل تحقق لهن الدخل "ولو شيء بسيط" خاصة في ظل ارتفاع نسبة الخريجين العاطلين عن العمل، كما تعربان عن أملها بفتح "ايتيليه" خاص بهن، لعرض أعمالهن وتقديما للبيع أيضاً".
كما تطمحان للمشاركة في معارض دولية، لإبراز موهبتهن، حتى لا تبقى حبيسة في غزة، مطالبتين الجهات الحكومية والخاصة، بالاهتمام بالخريجين وأصحاب المواهب، وتقديم الدعم المناسب لهم.