لاقت خطة إسرائيلية لاعتماد مناهج جديدة بمدارس القدس تنديداً واستنكاراً شعبياً وفصائلياً في الشارع الفلسطيني، كونها تعمل على "كي" وعي الطلبة وتتعمد تجهيلهم بقضية فلسطين المركزية، وإبقاءهم على المناهج الاسرائيلية، غير المنصفة للشعب الفلسطيني.
وكانت حكومة الاحتلال، قد صادقت، مؤخراً، على خطة خماسية تقدم بها كل من وزير التعليم الاسرائيلي نفتالي بينيت ووزير البيئة زئيف إلكين لتوسيع نطاق استخدام المناهج في مدارس القدس، بزعم تحسين مستوى معيشة سكان الأحياء العربية في المدينة وتعزيز قدراتهم بالاندماج في المجتمع الإسرائيلي.
وفي تفاصيل المخطط، فقد ذكرت صحيفة "هآرتس" أن من بين أهداف هذه الخطة التي سيتم تنفيذها على مدار 5 سنوات، زيادة عدد صفوف الصف الأول التي تعمل وفق المناهج الإسرائيلية، وزيادة نسبة الحاصلين على شهادة "البجروت" الإسرائيلية، وتقليص التسرب من المدارس.
وتشير المعطيات الإسرائيلية إلى أن عدد المقدسيين ممن يتلقون تعليمهم حسب المنهاج الإسرائيلي لا يتجاوز خمسة آلاف طالب وطالبة من أصل 109 آلاف يجلسون على مقاعد الدراسة في القدس بين جيل 3 و18 عاما.
ضرب الهوية
وزارة التربية والتعليم العالي برام الله، أكدت رفضها لمحاولة الاحتلال فرض مشروع يستهدف تهويد المناهج التعليمية في القدس، بعد الإعلان عن تمويل خطة خماسية حكومية إسرائيلية بحجة تحسين نوعية التعليم في القدس، الأمر الذي يكشف عن مخططات الأسرلة والمحاولات الرامية إلى ضرب مقومات الهوية الوطنية الفلسطينية.
وحذرت الوزارة في بيان لها، من تداعيات ومخاطر هذه الخطط، التي تبرهن مجدداً على عقلية الاحتلال وسياساته القمعية والعنصرية المخالفة لكافة القوانين والأعراف الدولية والإنسانية وعلى رأسها تلك المرتبطة بالتعليم.
وشددت على أنها ستوظف كافة الإمكانات لمواجهة هذه الخطط وستكون إرادة الشعب ومؤسساته بالمرصاد؛ حفاظاً على الهوية الوطنية للتعليم في القدس.
يذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي تُقدم عليها سلطات الاحتلال، حيث مارست في السابق الكثير من الخطوات العنصرية، مثل إلغاء مصطلحات النكبة وفلسطين وحائط البراق وتم منع إلقاء النشيد الفلسطيني وطمس تاريخ فلسطين والقدس والمسجد الأقصى وطمس التاريخ الإسلامي والعربي في فلسطين.
الخطوة الأخيرة
المختص في شؤون القدس الدكتور جمال عمرو، قال إن الكثير من قطاعات القدس أصبحت تحت قبضة الاحتلال، في محاولة منه للقضاء على مقومات الهوية الوطنية الفلسطينية.
وأضاف عمرو خلال اتصال هاتفي مع "الرسالة"، أن التعليم الثقافي بالنسبة للاحتلال هو أشد وطأة من العسكري، لذلك يسعى لأن يصبح المنهاج الإسرائيلي هو السائد، بحيث يأتي الجيل الجديد ولا يتحدث عن تحرير القدس إطلاقا. واعتبر ذلك المخطط، الخطوة الأخيرة والأسوأ في مسلسل التهويد بحق مدينة القدس وقطاعاتها.
وأوضح أن الاحتلال يبني صفوف جديدة ويقدم خدمات أفضل للمدارس، بهدف إسقاط العاصمة العربية (القدس)، وبذلك تنتهي قضية القدس تماما، وهذا ما يريده الاحتلال، مشيراً إلى أنه رسم خطة تحتل العقول وتسلم الإرادة، محذراً في الوقت ذاته من الاستمرار بهذا المخطط الذي يعمل على تصفية القدس بكل مكوناتها.
هجمة محمومة
من جهته، أكد المختص في الشأن الاسرائيلي علاء الريماوي، أن الاحتلال يشن هجمة صهيونية محمومة ضد المناهج التعليمية في القدس، في محاولة منه للاستحواذ على بعض المدارس.
وأوضح الريماوي في حديثه مع "الرسالة"، أن هناك محاولات اسرائيلية للتضييق على المدارس، من أجل، تعليم المناهج الاسرائيلية للطلبة الفلسطينيين، مشيراً إلى أن هذه المناهج تعمل على تغيير الرواية التاريخية عن فلسطين، وكيفية التعاطي مع ذاتية الفلسطيني.
وذكر أن الهدف من بث المناهج في مدارس القدس، هو مسخ ثقافة الجيل القادم، وبث معلومات مغلوطة حول وجود مقدسات للاحتلال في محيط القدس. وطالب الريماوي، بضرورة إعادة الاعتبار للثقافة الفلسطينية من خلال السلطة، والحفاظ على المناهج، وخلق انتفاضة فكرية تعبأ المجتمع لرفض سياسات الاحتلال، داعياً إلى التوجه لمؤسسة اليونيسكو، من أجل اعادة الحياة الفكرية والثقافية والهوية الفلسطينية.