رغم قسوة الرياح التي هبت من صحراء الربع الخالي، وما تحمله في طياتها من عواصف هوجاء على القضية الفلسطينية والمقاومة تحديدًا، إلا أن حركة "حماس" تجدف عكس التيار في محاولة لفتح ثغرات تنقذها من وحل الأزمات التي يغرق فيها قطاع غزة.
حركة "حماس" ورغم إدراكها حجم المخاطر التي تحدق بمشروعها المقاوم في ظل طرح مشاريع التسوية البديلة، ومحاولة دفعها إلى القبول بخيار الاعتراف بشروط الرباعية الدولية، وصولاً لقبول قضية "تصفية القرن"، إلا أنها تبحث عن خيارات لردم الفجوة مع الأطراف ذات الثقل في المنطقة ومد جسور التعامل معها، والبحث عن تعزيز مواقع التحالف والصداقة، وتحييد مزيد من خصومها.
وبدأت قوارب الحركة تنطلق من ميناء القاهرة التي تعتبر أحد أهم الأطراف حساسية وأهمية بالنسبة لقطاع غزة، من خلال زيارة رأس الهرم في حركة حماس بغزة إلى القاهرة لاستكمال المباحثات حول القضايا العالقة بين الطرفين.
وكانت حركة "حماس" قد بدأت قبل عدة أشهر بلقاءات أمنية جمعت ممثلين عن حماس مع وزارة المخابرات المصرية، وصفها خليل الحية نائب رئيس الحركة بغزة آنذاك في حوار خاص مع "الرسالة" بالإيجابية.
ووفق مصادر قيادية في "حماس" فإن وفدا قياديًا برئاسة يحيى السنوار وعضوية شخصيات أمنية بارزة في الحركة، قد توجه إلى القاهرة لاستكمال المباحثات الثنائية بين الطرفين.
ويبرز في صميم العلاقة بين الطرفين الملف الأمني، إلا أن أوساط متابعة للحوارات، تشير للرسالة، إلى أنه ثمة تفاهمات مسبقة حول العمل على فكفكة الأزمات بين الطرفين، وصولا لحلها جميعها.
ويحمل وجود رئيس "حماس" في غزة ضمن الوفد دلالات ومؤشرات ذات أبعاد خاصة، ويؤكد حرص الحركة على ترميم العلاقة مع مصر.
وإلى جوار مصر التي تمثل أحد أعمدة الرباعية العربية، تسعى الحركة إلى ترميم علاقتها بالسعودية، رغم حساسية المرحلة التي تمر فيها العلاقة بين الطرفين.
قيادات بارزة في الحركة، تؤكدّ على أن العلاقة مع السعودية ليست عدمية، مع وجود رغبة عملية لدى قيادة الحركة في تطويرها.
وأخبر مسؤولون سعوديون قيادة "حماس" أن وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للحركة بـ "الإرهاب" لا يعبر عن الموقف السعودي أو العربي.
وعقب قمة الرياض، زارت قيادات من الحركة المملكة لتـأدية العمرة، في ظل توقعات عن لقاءات ستعقد مع شخصيات قيادية سعودية.
وكان أنور عشقي رئيس مركز الدراسات السعودي، قد اعتبر في حديث خاص بـ"الرسالة" أن اتهام حماس بالإرهاب "أمر مزعج" و أن هذا الموقف لا يعبر عن موقف المملكة بالمطلق.
وأكدّ سامي خاطر عضو المكتب السياسي لحركة حماس في تصريح خاص بـ"الرسالة" أن هذا التوصيف لن يكون له تداعياته على العلاقة بين حماس والدول العربية.
ومع اندلاع الأزمة الخليجية الداخلية، فإن "حماس" -التي زج بها السفير الاماراتي في واشنطن يوسف العتيبة، وتحريض بلاده عليها لعدم عقد مؤتمرها في فنادق قطر-تدرك أن هذه الخصومة ستنعكس سلبًا على المناخ السياسي العام لدى حكومات الخليج.
ولم تخف حماس رغبتها في إعادة تموضع عدد كبير من قياداتها في الخارج سواء تلك المقيمة في قطر أو تركيا، وخاصة بعد نقل مركز وثقل رئاسة المكتب السياسي إلى الداخل.
وبالتوازي مع حرص حماس على تمتين العلاقة مع الدول الصديقة لها، فإنها تعمل على تمتين علاقتها مع إيران بوصفها أهم وأبرز داعم عسكري للحركة.
وهنأت قيادات إيرانية بارزة، هنية بفوزه برئاسة المكتب السياسي لحركة حماس.