قائد الطوفان قائد الطوفان

الدخول إلى زنزانة سلمان العودة

كتاب
كتاب

موقع انكتاب

لا يعتلي قامة الحُسن شيء كما يفعلُ الناجحون عندما يبدؤون الثناء على القامةِ الأولى، الأرض، الأصل، الذكريات، الماضي، وهذا ما بدأ به سلمان العودة "زنزانة".

في الصفحات الأولى تتطلع بصحبة العودة على الدّينِ الذي عليه، للقرية، البيت الصغير، العائلة، العادات، الرضى وبركة الوالدين، وأنه لا سبيل للتّنصُل من شُكر الغرباء ممن ساندوه النجاح بعد الآخر.

تحت عنوان "دون مقدمات" يكتب العودة: "ألتمس منك تغذيتي بانطباعك وإضافتك ونقدك وحتى ثناءك فهو ينعشني".

في زنزانة؛ يتحدث سلمان العودة باسترسال حول الذات البشرية، كونها تحتاج بشكل مستمر إلى من يفهمها ويدركها ويشحذ هِممَها للخروج ومجابهة الميدان العام في العالم. الدهاليز الضّيقة في النّفس، وفق العودة ليست سوى قناع يُزيّف شخصياتنا الحقيقية المصقولة بأفكار ومشاعر تعيش في الميدان العام -مجددًا- دون أن تُنابز ما يحيطها.

 

الوعي الأولي بالذات يجب أن يسبق الوعي بالآخرين؛ مكامِن الضعف والقوة، الأهداف، من أنت؟ وما تُبجّله ذاتك؟ هل أنت على حق؟ ماذا فعلت؟ وماذا يجب أن تفعل؟ تقفز جميعها بالضرورة قبل النّظرة الأولى لذوات الآخرين. فالمعلومة التي تعرفها وتعيها وتعتنقها تتحوّل ديناميكًا لوعي ومعرفة تتقبلها وتدافع عنها. وعيُ الإنسان بذاته أسمى خصائص البشر.

 تناول مكنونات النفس المسجونةِ بزنزانةٍ متهاونة الإقفال، يكون بطريقة تشبه وضع المفتاح الصحيح للمرة الثالثة على فُوّهة قفلها بعد مِفتاحين فاشلين. ثلاث مفاتيح بالتحديد قبل أن يتحوّل التكرار إلى عادة.

 

في حديثه عن المرونة العقلية، عن مدى إدراكه لعمق ما وصل إليه في نفسه وكيانه؛ قال أنّ المرونة ساعدته في تحقيق أهدافه وحل مشاكلها؛ بإخراج النّفس وإبعادها عن النمط الذي اعتادت عليه، الذهاب بالنفس نحو المرونة وتقبل المعاكس لها وزيادة سعتها، تحتاط بها وتقي نفسك وغيرك سطوة الاعتداء على حُريات الغير بمجرَد قناعتك بما يُعاكس. زكّ نفسك بالثقافة التي تُحصَنها من الاعتداءات ممن يُهاجم قراراتها واختياراتها، وإن كان ذلك صعبًا على العقل إقصاء ما كان يراهُ صوابًا لفترة طويلة.

 

رافق من تُحب نحو هدف وغاية نحو ما تريد. ولا تأنفْ من يُخدّش روحك من العابرين، إنك لا ترى الكنز الحقيقي وراء عبورهم، إنهم تعزيز لأخلاقك، تهذيب لروحك وزيادة في خبراتك. إنك القادر الوحيد على تحديد جودة محصول ما زرعته الحياة في تُربة روحك.

 

 

منذ سنين والمسلمون يتغافلون مرور الزّمن وتغيراته حولهم؛ فإن صادف بعضهم ما هو جديد اعترضوه وحاربوه ولا مانع أن يُكفَروه!

لذلك بالتحديد نحن بحاجة لطاولة نطرح فيها كل ما أشكل علينا للنقاش والحوار.

في نهاية الكتاب، وتحت عنوان "بوابة الخروج" يقول العودة:

"أتمنى أن تكون هذه القراءة ضوء يرسم طريق العتق من زنزانتك."

ما دعاني لأدون انطباعي عمَا قرأت يا ابن العودة، أنني مثلك أنا أحب الله وجميع ما أسلفت. أما عن بوابة خروجي فأنا أعلم يقينًا معنى أن تكون لديك عادة تتمكن منك وتتمكن أنت بها. أعلم أنها تتملكني رغمًا عني، السيء منها أعني. الإسهاب فيها في سبيل الفكاك منها سيُدميني، حروفي قد لا تتوقف، لكنني أعلم أن الله دليلي وعنده أماني وسرَي فيه. "سيقبلني بعجزي وغدري وفجري وقبيحي."

أشواق العتيق

البث المباشر