قائد الطوفان قائد الطوفان

قصة نجاح أفضل مصمم للمتاهات في العالم

أفضل مصممي المتاهات في العالم أدريان فيشر
أفضل مصممي المتاهات في العالم أدريان فيشر

لندن- الرسالة نت

 

هل سرت يوما في جنبات المتاهة وتساءلت من يصممها؟ أدريان فيشر، هو أفضل مصممي المتاهات في العالم، إذ أقام ما يزيد على 700 متاهة في 32 دولة حول العالم منذ عام 1979.

يقول فيشر البالغ من العمر 65 عاما: "أعشق تصميم المتاهات، لأنها تشعرني أنني طفل كبير، وأصمم أشياء ليلهو فيها الناس على مدار اليوم، فمن منا لا يحب أن يقوم بهذه الوظيفة؟"

وفي مكتبه في مدينة دورست، جنوب غربي انجلترا، أمضى فيشر 38 عاما في تصميم المتاهات على اختلاف أشكالها وأحجامها.

ولا يزال الطلب متزايدا على أعماله، بدءا من المتاهات المعتادة التي تفصل بين ممراتها حواجز من الشجيرات، إلى المتاهات الشاسعة التي تشق حقول الذرة، والمتاهات المصنوعة من المرايا ذات المؤثرات الخاصة.

وينفذ فيشر جميع أنواع المتاهات، ومنها متاهات صغيرة الحجم، وأخرى غريبة التصميم، وتتنوع أعماله ما بين متاهات الإصبع الصغيرة التي تتجول بين مساراتها بإصبع واحد، إلى المتاهة العمودية التي تغطي واجهة برج مجموعة الرستماني في دبي، الذي يسمى "برج المتاهة"، ويبلغ طوله 210 أمتار، وقد اكتمل بناؤه عام 2011.

لكن كيف يمكن أن تصبح مصمم متاهات؟ يرى فيشر أن الحظ قد قاده لاختيار هذا الطريق في "المتاهة الكبرى" التي نسير فيها جميعا في الحياة.

صنع فيشر أول متاهة في حياته عندما كان طفلا صغيرا، وكان أبوه يساعده في بنائها في حديقتهما ليلهوان فيها معا، ولم يجل في خاطره قط أن "بناء المتاهات قد يصبح مهنته يوما ما".

كان فيشر قد استهل حياته المهنية كمحاسب، وكان يتخذ تصميم المتاهات كهواية إلى جانب عمله.

وعندما بلغ 27 عاما، سنحت له الفرصة التي بدلت حياته تماما، حين التقى إليزابيث إيرفنغ، المعروفة باسم ليدي برونر، حفيدة الممثل البريطاني الشهير هنري إيرفنغ، التي توفيت عام 2003، وقالت إنها ترغب في بناء متاهة في قصرها "غرايز كورت" الأثري، في مقاطعة أوكسفوردشاير، والذي تبرعت به للصندوق الوطني البريطاني للحفاظ على التراث.

وقد حالف فيشر الحظ في الحصول على هذه المهمة، وتعاون مع زميله راندول كوت في تصميم وبناء متاهة الحشائش من خلال تمهيد ممرات بين الحشائش القصيرة.

وكانت تلك الخطوة الأولى نحو النجاح الباهر الذي حققه فيشر في هذا المجال، وترك من بعدها عالم المحاسبة.

وتضم شركته "أدريان فيشر للتصميمات" أربعة موظفين دائمين، و15 موظفا آخر، يعملون في المعتاد حينما يُطلب منهم، ومن بينهم رسامين، ومصممين، وعمال بناء.

ويقول فيشر إن الوسائل التكنولوجية الحديثة التي تطورت على مدار العقد الماضي، ولا سيما الإنترنت، سهلت مهمته إلى حد كبير.

ويضيف فيشر: "أستعين بصانعي أفلام رسوم متحركة للمتاهات من أسبانيا، ومصممي متاهات من آسيا، وبالطبع تسهل وسائل حديثة مثل "سكايب" التواصل مع الآخرين لتشعر وكأنك معهم في نفس الغرفة."

ويتابع: "وأتاح هذا لي بالطبع الوصول إلى أشخاص يتعاونون معنا في تنفيذ أعمالنا، وفتح أسواق لنا في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة، ومدن في قارة آسيا، مثل مدينة كلكاتا الهندية، وشنغهاي في الصين، ويوكوهاما في اليابان".

ويتابع: "بفضل هذا التواصل، أصبح بإمكاننا أن نعدل طرق الإنتاج، والجداول الزمنية لتناسب كل مشروع على حدة. فضلا عن أن تصنيع المواد محليا يحد من الرسوم التي تفرض على الواردات في أسواقنا الرئيسية".

وتتفاوت تكاليف تنفيذ المتاهات تفاوتا كبيرا، ففي حين لا تتجاوز تكلفة تنفيذ متاهة الإصبع مئة جنيه استرليني، فإن تكلفة المشروعات الكبرى التي ينفذها فيشر، مثل المتاهة الشاسعة المصنوعة من الشجيرات، قد تزيد على مليون جنيه استرليني.

إلا أن بناء هذه المتاهات، ولا سيما المتاهات المصنوعة من الشجيرات، لا يتطلب تكاليف باهظة فحسب، بل يستلزم صبرا أيضا، إذ يستغرق نمو الشجيرات سنوات عديدة حتى تصبح المتاهة صالحة للاستخدام.

وتعد متاهة "موراي" المصممة على شكل نجم في قصر "سكون بالاس" باسكتلندا، واحدة من بين هذه المشروعات، إذ صُنعت هذه المتاهة من أشجار الزان القصيرة التي استغرق نموها سبع سنوات لتصل إلى الارتفاع المطلوب.

وينفذ فيشر نحو 90 في المئة من المشروعات خارج المملكة المتحدة، ويقول إن شركته استفادت من قرار المملكة المتحدة بالخروج من الاتحاد الأوروبي.

ويضيف فيشر: "إن قرار مغادرة الاتحاد الأوروبي كان إيجابيا، حتى على المدى القصير، ففي ظل انخفاض قيمة الجنيه الإسترليني، أصبح بإمكاننا عقد المزيد من صفقات التصدير".

ويقول فيشر إن عدد منافسيه في هذا المجال يقارب 20 منافسا. ويضيف: "لكن الكثير منهم يركزون على تصميم نوع واحد فحسب من المتاهات، أما شركتنا فتنفذ كل أنواع المتاهات تقريبا".

وقد عزز فيشر اسمه التجاري ببعض الأرقام القياسية التي حققها في بناء المتاهات، إذ استطاع أن يحتفظ بالرقم القياسي العالمي لأكبر متاهة مصممة في حقول الذرة في العالم لست مرات على الأقل.

وفي وقت سابق من هذا العام، حققت المتاهة التي صممها على هيئة فراشة في مدينة نينغبو في الصين الرقم القياسي لأكبر متاهة دائمة مصنوعة من الشجيرات، إذ بلغ إجمالي مساحتها 33 ألف و565 مترا مربعا، ووصل طول ممراتها إلى 8.83 كيلومتر.

وكتب فيشر أيضا 12 كتابا عن المتاهات، ويلقي كلمات في الحفلات الرسمية حول الموضوع، ويحاضر أمام دارسي تصميم المتاهات.

وتقول خبيرة التصميم أنيا كوروزكزينسكا، التي أسست شركة "أنيا فينيت" للتصميم الداخلي، إن فيشر نقل تصميم المتاهات إلى مستويات جديدة.

وتضيف: "إن شركة 'أدريان فيشر للتصميمات' تفهم خبايا مجال المتاهات، وتعرف طلبات العملاء بدقة، وتخرج بتصميمات تحظى بإشادة كبيرة".

لكن في ضوء تزايد تأثير وسائل التكنولوجيا الحديثة في حياة الناس، هل يشعر فيشر أن الإقبال على المتاهات المادية سيدوم إلى الأبد؟

ويجيب فيشر: "إن ألعاب الكمبيوتر الجديدة، وغيرها من منصات الألعاب الأخرى التي تختص بالمتاهات، ستظل المنافس الدائم لنا، لكن لا شيء يضاهي حل الأحجية على أرض الواقع، فضلا عن أنها تساهم في تحقيق الترابط بين الناس، إذ يتعين على مجموعة من الناس أن يتخذوا القرارات معا، ويعملون معا وفق قرار جماعي".

إلا أن فيشر يشعر بتعاطف مع من يضل طريقه في المتاهة، ويتملكه الخوف والذعر، وقد حدث ذلك معه بالفعل.

فعندما افتُتحت المتاهة التي صممها من شجر الطقسوس في قلعة ليدز بمقاطعة كنت عام 1988، كان يتقدم مجموعة من أفراد العائلة المالكة من بينهم الأميرة ألكسندرا، ابنة عم الملكة إليزابيث، في ممرات المتاهة ثم ضل طريقه ولم يعرف أي الطرق ستقوده إلى الخروج.

ويقول فيشر: "مع الأسف، بعد أن زرت المتاهة للمرة الأولى أغلق كبير عمال البساتين فتحة ما في أحد الأماكن، وكنت أتقدم المجموعة بثقة في ممرات المتاهة ثم علقنا جميعا في المتاهة. إلا أننا خرجنا في النهاية بأعجوبة".

ويضيف: "استطعت أن أستعيد السيطرة على مشاعري بطريقة ما، وقلت إن هذه الأحجية بالغة الصعوبة إلى درجة أن مصمم المتاهة نفسه قد يضل طريقه فيها".

BBC

البث المباشر