قائد الطوفان قائد الطوفان

جبل وصورة

قصة  12
قصة 12

العربي الجديد

إنريكي أندرسون إمبرت

الجبل

بدأ الطفل يتسلّق جسم أبيه الضخم، الذي كان ينام قيلولته الطويلة على الكرسي المتأرجح وسط فناء الدار الكبير. عندما أحسّ الأب بحركات الطفل، قرّر دون أن يفتح عينيه أن يساعده، جعل جسمه صلباً بالكامل ليمنح للعبة ابنه صلابة جبل حقيقي. وحينها أخذ الطفل يتسلّقه: كان يستند على ملتقى رجلي الأب، وعلى منحدر صدره، وعلى الذراعين، الجامدتين كأنهما صخرتين. وعندما وصل إلى قمّة الرأس المكسوّة بالثلج، لم ير الطفل أي أحد.

- أبي، أبي! – صرخ وهو على وشك البكاء.

في الأعلى، كانت تهبّ ريح باردة، والطفل وهو غارق في الثلج يحاول أن يسير ولكنه لم يكن يستطيع.

- أبي، أبي!

حينها أجهش بالبكاء، وحيداً فوق قمّة الجبل المقفرة.

...

الصورة

عقد خايمي قرانه على باولا. وخلال شهر العسل تبيّن بوضوح أن باولا تموت. توقّع الطبيب أن لديها بضعة أشهر فقط قبل أن تموت. وليحتفظ خايمي بذلك الوجه الساحر طلب منها أن يأخذ لها صورة. باولا، التي كانت تزرع بذرة عباد شمس في أصيص، وافقت لإرضائه: كانت جالسة أرضاً والأصيص فوق حجرها وابتسامة عريضة على وجهها و…

كْلِيكْ!

بعدها بقليل، حلّ الموت. عندها قام خايمي بتكبير الصورة -وجه باولا كان جميلا مثل زهرة، وضع للصورة زجاجاً وإطاراً وبعد ذلك وضعها على المنضدة قرب السرير.

ذات صباح، عند استيقاظه، لاحظ أن بقعة صغيرة ظهرت وسط الصورة. أترى بسبب الرطوبة؟ لم يعر الأمر الكثير من الانتباه. وبعد مرور ثلاثة أيام، ما كان ذلك الشيء؟ لم يكن بقعة طغت فوق الصورة وإنما برعماً يخرج من الأصيص في وسطها. تحوّل الشعور بالغرابة سريعاً إلى شعور بالخوف، بعد أن تبيّن له في الأيام التالية أن الصورة تعيش كما لو أنها عوض أن تنقل الطبيعة، أصبحت تعيش في الطبيعة.

كان كل صباح، عندما يستيقظ من النوم، يلاحظ تغييراً ما في الصورة. وذلك لأن النبتة المصوّرة كانت تكبر. كبرت وكبرت إلى أن غطّت زهرة عباد شمس كبيرةٌ وجه باولا في نهاية المطاف.

* Enrique Anderson Imbert روائي وقاص وناقد أرجنتيني (1910 - 2000).

البث المباشر