تتوالى المؤشرات على إمكانية انفجار الوضع في قطاع غزة جراء تفاقم الأزمات الإنسانية إثر تشديد الخناق والحصار، لاسيما بعد قرار تقليص كمية الكهرباء الواردة للقطاع، فضلاً عن أزمات الرواتب ونقص الأدوية، وتتعالى الأصوات الإسرائيلية المحذرة من انفجار وشيك حال استمرار الضغط على القطاع المحاصر منذ أكثر من عقد.
وترجح تقديرات المحللين الإسرائيليين، أن الجبهة مع قطاع غزة المحاصر مرشحة للانفجار خلال الصيف، بحيث إن قرار المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، تقليص تزويد غزة بالكهرباء عزز من إمكانية التصعيد في ظل التحريض الذي تواجهه حركة حماس ما بعد الأزمة الخليجية ومحاصرة قطر.
ويقر المختص بالشأن الإسرائيلي محمود مرداوي أن موضوع الانفجار "معقد ومتداخل لأبعد حد"، مفصلاً ذلك بقوله: "الوضع الاقتصادي والإنساني في غزة بالغ الخطورة"، وتابع في حديث للرسالة "صبر الناس ناجم عن أن الجمهور لا يحمل حماس هذه المرة المشكلة، وإنما يحملها لأطراف خارجية، والشعب لا يرى حقيقة أن حماس تتحمل مسؤولية، فأبو مازن وإسرائيل ومخطط ترامب الذي يستهدف حماس ويهدف إلى خلق حالة غير محتملة معيشيًا بهدف الانقلاب على حماس، ولكن كانت النتيجة غير متوقعة".
ويؤكد مرداوي أن هذه الحالة الصعبة يمكن أن تؤدي إلى انفجار في وجه" إسرائيل"، ومن يدفع تكلفة هذا الملعوب هي " إسرائيل"، مضيفاً أن "أكثر من كاتب من أرفع الكتاب والمحللين الإسرائيليين أجمعوا بأن ما يجري هو لعب في النار، ولن يؤدي إلى السيطرة على غزة بالقطع وبالتالي ستبقى الحالة على ما هي عليه".
ونوه مرداوي إلى بعض التساؤلات التي تدور في الذهن الإسرائيلي حول ما إذا ما أصبحت السيطرة أمنياً على الحدود ضعيفة جداً إذا ما حدثت حرب، بالإضافة إلى أن الحرب لن يكون لها أي نتيجة إيجابية، ولا يعرف أفقها، وليس لها أي رؤية، فلماذا تقوم وتفرض؟!!، ولماذا لا أمنعها، ولماذا أطبق قرارات محمود عباس ومن يقف خلفه في توجهاته؟!".
ويستدل مرداوي بالإحصائيات واستطلاعات الرأي في الداخل المحتل، مبيناً أن الاستطلاعات في المناطق الشمالية للأرض المحتلة تثبت أن النصف يرفض قطع الكهرباء، ولكن إذا قورنت بالاستطلاعات في منطقة الغلاف ستجد أن أكثر من تسعين بالمائة يرفضون هذا القطع لأنهم في الواجهة وهم من يدفعون الثمن.
وهذا الحديث عن المخاوف الإسرائيلية الملحوظة في الترجمات الإسرائيلية يقودنا للحديث عما إذا كان هناك يد لإسرائيل في أي مفاوضات ترعاها مصر لتخفيف الحصار عن قطاع غزة في محاولة للابتعاد عن أي مواجهة مع القطاع، يعلق مرداوي: "تلقائيا نتنياهو لا يستطع أن يعارض هذا التوجه لأن هناك تهديدًا متواصلًا مع حركة حماس إذا ما قطعت الكهرباء عن قطاع غزة".
ويذكر مرداوي بأن قرار تقليص الكهرباء لم ينفذ حتى الآن، ولكنه عمليًا سيخلق بدائل قبل البدء بتطبيقه مخافة من انفجار الوضع أكثر، وقال: "هناك اتصالات بالفعل لخلق البدائل، وهناك من يحلل اندفاعية مصر للقيام بوساطة جديدة بين الأطراف الفلسطينية لتخفيف حصار غزة بأنها مدفوعة أصلًا من " إسرائيل".
بدوره، أكد المحلل السياسي مأمون أبو عامر أن قطاع غزة أصلاً في حالة حرب، "فهذا الحصار الخانق يعتبر حربًا بشكل أو بآخر، وهذا الحال الخانق سيؤدي إلى تذمر وعدم استقرار، وبالتالي لن تستطيع أي سلطة أن تضبطه أمنياً بل وستكون الحدود مع العدو هي البوابة للتفريغ والرد".
هذا وقد وضعت القناة العاشرة الإسرائيلية بعض الاحتمالات لتوجهات الأزمة في غزة كان أكثرها خطورة وظهورًا هو احتمالية تصاعد التوتر بين غزة ورام الله، وغزة حينها ستكون في ظلام دامس وستلجأ حماس لترحيل الأزمة بحرب مع "إسرائيل" وفقا لما نشرته القناة العاشرة.
وهذا بالفعل ما أيده أبو عامر، حيث قال: "إن إسرائيل رفضت في البداية وقف توريد الكهرباء كما طلب منها عباس وتم تقدير الموقف أن يكون هناك خصم وليس قطعا كاملاً، ثم إن الجانب الإسرائيلي لم يكتف بهذا الأمر وانما أعطى مهلة للبحث عن مصادر تمويل، وهذا ما نشره وروج له الإعلام الإسرائيلي، وهذا ما سيكون بالفعل".
ويعود بنا الحديث عن مفاوضات القاهرة وما إذا كانت إسرائيل تبحث عن فرص لتخفيف الحصار عن القطاع، حيث يؤكد أبو عامر على أن إسرائيل ستغض الطرف عن الحوار الذي لم يؤكد في مصر والذي تعتمد كل بنوده على تخفيف الحصار عن القطاع لأنها غير معنية أبدًا في الفترة القادمة في ظل هذا التأزم العربي بأن يكون هناك أي انفجار في قطاع غزة.