كعادته في كل عام منذ انتكبت سوريا، يطل العيد متوشحًا الأكفان البيضاء المصبوغة بلون الدم، بفعل الدم المتدفق في شوارع وأزقة مخيمات اللجوء في سوريا التي يدخل صراعها الدموي عامه السادس، متسببًا بمقتل حوالي نصف مليون من بينهم 4 آلاف فلسطيني وهجر حوالي 5 مليون في داخل البلاد وخارجها كان منهم مليون فلسطيني.
في اليوم الأول لعيد الفطر السعيد، يفتح فلسطينيو مخيم اليرموك المدمر ذكريات احزانهم المستمرة لهذه اللحظة، بفعل الحصار والتدمير الذي تعرض لهم مخيمهم.
ويوجد فيها سوريا حوالي 12 مخيمًا فلسطينيًا، اكبرهم مخيم اليرموك الذي كان يقطنه حوالي مليون فلسطيني، لم يتبقى منهم سوى اربعة الاف فلسطيني بحسب احصاءات شبه رسمية لمجموعة العمل لأجل فلسطيني سوريا.
فظاعة الدم وقسوة الملاحقة، أجبرت ثلثي الفلسطينيين الى الهجرة الداخلية منها والخارجية، لكنه كعادته منذ اليوم الأول من هجرة النكبة عام 1948م، لا يسمح للفلسطيني بالعبور او الدخول، بل إن بعضهم قتل أثناء محاولة نزوحه لدى بعض البلدان المجاورة، عدا عن استشهاد العشرات أثناء نزوحهم عبر البحر.
لكن حال من تبقى ليس بأفضل هناك من أراد أن يفرح عنوة بعيد الفطر الذي يشبه الأضحى تمامًا، ولكن ثمة اختلاف أن الاضحية هو الفلسطيني الذي يذبح على قربان الصراع الدائر هناك، فانغمس كعك عيدهم الذي تمكن بعضهم شراءه خلسه، بدم ينزف يوميًا بفعل القصف العشوائي لمخيمي اليرموك وخان الشيخ تحديدا.
وتكشف الرسالة نت عن ارقام صادمة حول اعداد النازحين والمفقودين من فلسطينيي سوريا، حيث تشير المعلومات أن حوالي 80% منهم في عداد النازحين والمفقودين، ويعيشون في ظل ظروف انسانية قاهرة، بفعل الحرب السورية الدائرة منذ أربع سنوات.
وتبيّن الاحصائيات وجود حوالي ٢٧٠ الف نازح داخل سورية من مجموع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، المقدر بـ(540) الف لاجئ.
وقال أحمد حسين منسق المجموعة في حديث خصّ به "الرسالة نت"، أن اكثر من 100 ألف لاجئ فلسطيني، لجؤوا من سوريا إلى دول عربية وأوروبية، منذ اندلاع الأزمة السورية، قبل أكثر من أربع سنوات.
وبحسب الاحصائيات المعتمدة في جزء كبير منها، فإن هناك (15,500) لاجئ فلسطيني سوري في الأردن و(45,000) في لبنان، و(6000) في مصر.
وأشار حسين إلى أن لبنان من أكثر الدول التي استقبلت لاجئين فلسطينيين من سورية بداية الأزمة لاعتبارات عديدة أهمها الجغرافية والتسهيلات التي قدمتها الحكومة اللبنانية لدخول اللاجئين في البداية قبل أن تمنع دخولهم لاحقاً بشكل شبه كامل.
وتقدر أعداد اللاجئين الفلسطينيين من سورية إلى لبنان بـ45 ألف لاجئ، بما يعادل 12720 عائلة تتوزع على المناطق الخمسة في المدن اللبنانية بنسب متفاوتة (بيروت18.96 % - البقاع 16.20% - صيدا 32.07 % - طرابلس15.53 % - صور17.23 % ) داخل وخارج المخيمات بنسبة (50.17 % و49.83%)على التوالي ، يعيش فيها غالبية اللاجئين في بيوت مستأجرة بمعدل وسطي لأجرة المنزل داخل المخيمات 200$ و400$ خارجها.
أمّا عن تواجد النازحين الفلسطينيين في دول الخليج العربي، فأكدّ حسين عدم توفر ارقام دقيقة، ولكن عددهم قليل جداً وخاصة في ظل منع الدول الخليجية دخول الفلسطينيين إليها، إلا بشروط صعبة جداً.
أمّا اكثر الدول التي ينزح منها اللاجئون نحو أوروبا، فأشار حسين إلى ان تركيا تحتل المقام الأول، نظراً إلى كون الطريق شبه مفتوح منها باتجاه أوروبا إضافة إلى صعوبة الوضع المعيشي وانعدام الوضع القانوني السوي للاجئ الفلسطيني السوري مما حولها إلى محطة عبور لمعظم اللاجئين.
وأضاف أن لبنان تحتل المرتبة الثانية، وذلك بسبب ما يعانيه اللاجئ الفلسطيني السوري فيها من أوضاع قانونية واجتماعية واقتصادية مزرية وصعبة، فبعد أن وصل تعدادهم إلى ما يقارب 90 ألف لاجئ عام 2012، انخفض بشكل كبير عام 2015 إلى 45 ألف لاجئ فلسطيني سوري.
ونبه بأن عدد المهاجرين من النازحين في لبنان، إلى اوروبا ضخم جدًا، بسبب الظروف الاجتماعية والاقتصادية هناك، والقيود التي فرضت لاحقًا عليهم من الدولة اللبنانية.
وأكدّ أن لبنان من أكثر الدول العربية التي يعاني فيها اللاجئين الفلسطينيين من أوضاع معيشية قاسية ومزرية، ومعاملة سيئة من قبل الحكومة اللبنانية، بسبب عدم سماحها بدخول الفلسطينيين ومعاملتهم معاملة السائح ورفض تجديد اقاماتهم.
وبيّن توثيق العديد من الانتهاكات بحق اللاجئين الفلسطينيين من سورية إلى لبنان، سواء على الحدود أثناء محاولتهم الدخول هرباً من أعمال العنف المستمرة في سورية، أو من هم في صدد استكمال بعض الإجراءات الخاصة بلمّ شمل المهاجرين في أوروبا عبر السفارات الموجودة في لبنان.
وبشأن النازحين لتركيا، فقدر عددهم بين خمسة وثمانية آلاف شخص يقيمون في بضعة محافظات بشكل رئيسي مثل "اسطنبول"، و"غازي عنتاب" و"هاتاي" أو ما يسمى "أنطاكية" و"كلس".
وبيّن أن معظم اللاجئين الفلسطينيين الذين لجؤوا إلى تركيا هم من سكان مخيمات اليرموك وحندرات والنيرب ودرعا الذين تأثرت مخيماتهم بالأعمال العسكرية التي طالت معظم الأراضي السورية.
وبشأن عدد الفلسطينيين السوريين الذين وصلوا إلى أوروبا، فأكدّ أن عدد من وصل منهم خلال الفترة من عام 2011 وحتى شهر حزيران 2015 قد بلغ (36450) لاجئاً وذلك بناءً على إحصاءات وتقارير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR.
وأشار إلى أن هناك أكثر من 350 شخصاً ما بين مختطف ومفقود، وغالباً ليس هناك أرقام دقيقة عن عدد العائلات المختطفة لأن ذوي تلك العائلات يفضلون عدم ذكر ذلك لأسباب أمنية وخوفاً من تبعيات ذلك على من تبقى من العائلة.
وبيّن منسق مجموعة العمل لأجل فلسطينيي سوريا ارقام الفئات العمرية من المتوفين والمفقودين من النازحين، على النحو التالي (بالغين 2826-أطفال 177-إناث 405-ذكور 2598).
أمّا عن عدد الاشخاص الذي قضوا في البحر، فأشار إلى وفاة (55) لاجئاً فلسطينياً قضوا خارج سورية، منهم (15) في مصر، و(6) في مالطا، و (8) في اليونان، و (8) في لبنان، و(5) في تركيا، و (3) في فلسطين، و (3) في إيطاليا، و(4) في ليبيا، وواحد في السويد وآخر في قبرص وضحية في مقدونيا.
ولفت إلى أن الدول الأوروبية التي لجأ اليها الفلسطينيون، كانت السويد وألمانيا والنمسا وهولندا والدنمارك والنرويج وبريطانيا من الوجهات الأساسية لهم فهي مرتبة حسب الأهمية.
ونبه إلى أن ألمانيا اصبحت مؤخراً الوجهة الأولى لـ اللاجئين وذلك بسبب عدم اعترافها بالبصمة التي قد يجبر عليها اللاجئ في بعض الدول الأوربية مثل هنغاريا واليونان ومقدونيا، وكذلك جراء فتح ألمانيا أبوابها لجميع اللاجئين والتسهيلات التي تقدمها لهم وسرعة آخذ الإقامة فيها ولم شمل العائلة.
وبيّن أن تركيا تشكل أشهر المحطات التي ينطلق منها اللاجئون الفلسطينيون السوريون بحراً وبراً وجواً نحو ايطاليا والدول الأوربية، موضحًا أن السبب هو المنع الممارس تجاه اللاجئين الفلسطينيين السوريين حيال الدخول إلى الدول العربية أو المجاورة لسورية حيث يسلك اللاجئون طرقاً متعددة غالبها غير قانوني، مما يجعلهم عرضة للاعتقال والتوقيف أو النصب والاحتيال.
ولفت إلى أن عددًا منهم اتخذ مصر وليبيا ممراً لهم إلى أوروبا قبل أن تمنع السلطات فيها دخولهم وتضييق الخناق عليهم، وفي الفترة الأخيرة أصبحت لبنان وخاصة منطقة طرابلس هي نقطة عبور لهم إلى تركيا ومن ثم إلى الدول الأوروبية.
وفيما يتعلق بالجهة التي تتكفل باللاجئين، أشار إلى أن الاونروا هي الجهة الأساسية التي تقدم وبشكل كبير مساعدات للاجئين الفلسطينيين سواء منهم في سورية أو النازحين منهم إلى الدول المجاورة لسورية وفي مناطق عملها الخمسة الأردن سورية لبنان قطاع غزة والضفة الغربية.
وأكدّ تهرب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين من مسؤولياتها تجاههم في معظم الدول بحجة أن الولاية على هؤلاء ما تزال قائمة للأونروا.
وقال إن اللاجئ الفلسطيني يشعر بتمييز واضح وفارق كبير مقارنة بمعاملة اللاجئ السوري، الذي يتمتع بكافة حقوق اللاجئ التي نصت عليها القوانين الدولية، ففي لبنان لا تزال حكومتها ترفض السماح للفلسطينيين بدخول البلاد إلا في حدود ضيقة جدا.
وأوضح أن الحكومة تتعامل معهم على أنهم سائحون، لتعفي نفسها من مسؤوليتها تجاههم وتسقط الحقوق الواجبة لهم في القوانين الدولية، كذلك لم تضع الحكومة اللبنانية آلية ومعايير قانونية واضحة للتعامل مع فلسطينيي سورية.
أما تركيا فتفرض تأشيرة دخول على اللاجئين الفلسطينيين من سورية، في حين يستطيع اللاجئ السوري دخولها دون أي تأشيرة أو صعوبة.
من جهته، أكد أكدّ ممثل حركة حماس في لبنان علي بركة، أن الاحصائيات شبه الرسمية تقدر وجود 40 ألف نسمة منهم في الاراضي اللبنانية، لوجود أعداد أخرى غادرت إلى لبنان.
وأشار بركة في حديثه لـ"الرسالة نت"، إلى أن وكالة الغوث قطعت عنهم مخصصات بدل الايجار، ويعيشون في ظل أوضاع إنسانية قاهرة، خاصة بعد رفض الجهات اللبنانية توفير فرص عمل لهم.
هذا ناهيك عن منع النازحين الفلسطينيين من دخول جميع دول الخليج والسودان والأردن بحجة المحافظة على حق العودة.