شعر أحمد حسن محمد
إلى أمِّنَا أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ
مَا كَانَ صَدًّا؛ وَلَكِنَّ اتِّسَاعَ رُؤَى
يَفِيضُ عَنْ ضَفَّتَيْ حَرْفِي.. وَمَا فَتِئَا
وَكُلَّمَا هَمَّ بِالأَوْرَاقِ لِي قَلَمٌ
أَعْيَاهُ قَطْفُ السُّهَا يَا أُمَّهُ، فَنَأَى
يَا بِنْتَ مَنْ تَنْحَنِي قُدَّامَهُ جُمَلِي
حَتَّى تُــضِيءَ لأَعْمَى إِنْ قَرَأْتُ رَأَى
رَتَّبْتُ فِي السَّطْرِ بَيْتَ الشِّعْرِ، مُنْتَظِرًا
-بِالْبَابِ- أُمَّ الْبَيَاضِ الْبِكْرِ أَنْ تَطَأَ
مَهَّدْتُ شَوْقِي؛ فَسِيرِي عَبْرَ أُمْنِيَتِي
بَيْنَ السُّطُورِ، يُخَضِّرْ خَطْوُكِ الْكَلَأَ
يا أُمُّ، لِي كَلِمَاتٌ كُلَّمَا شَرِبَتْ
حَلِيبَ ذِكْرَاكِ، سَالَتْ لِلْعُــلا ظَمَأَ
لَوْ كُنْتُ أَصْبِرُ مَا عَكَّرْتُ وَصْفَكِ مِنْ
حِبْرِي، فَذَنْبِي هُــدًى كَالشَّوْقِ مَا هَدَأَ
حَتَّى رَأَى قَلَمِي كُلَّ الرُّؤَى خَبَرًا
وَكُنْتِ وَحْدَكِ فِي الأَعْمَاقِ مُبْتَدَأَ
فَأَنْتِ مَنْ قَطَفَتْ مِنِّي ثِمَارَ فَمٍ
لَوْلا نُــضُوجُ دَمِي حُبًّا لَمَا جَرُؤَا
بِعَشْرٍ (الْفَخْرُ يَعْيَى أَنْ يَطُــولَهُمُ
فِي ذُرْوَةِ الرُّوحِ) قَدْ أَشْرَقْتِ وَانْطَفَأَ
وَضَّأْتِ بِالرِّيقِ مِسْوَاكًا لِمُغْتَسِلٍ
مِنْ رِيقِهِ الْكَوْنُ... بَعْضُ الرِّيقِ مَاءُ رُؤَى
وَكُنْتِ وَارِثَةً عَنْهُ الَّذِي وَرِثَتْ
رُسْلٌ قَدِ افْتَرَشُــوا النَّجْمَاتِ مُتَّكَأَ
وَأَيُّ شَمْسِ نَبِيٍّ فِي الدُّجَى طَلَعَتْ
إِلا وَكَذَّبَ أَعْمَى ضَوْءَهَا هُــزُؤَا!!
سَبْعٌ بِطَعْمِ أَبِي بَكْرٍ إِذَا قدَرَتْ
رُوحٌ عَلَى أَنْ تَذُوقَ النُّورَ لا الْحَمَأَ
وَسُــكُّرُ السَّنَتَيْنِ الْمَجْدُ ذَوَّبَهُ
فِي كُــوبِ دُنْيَاكِ حَتَّى فَاضَ وَامْتَلَأَ
وَجَاءَتِ التِّسْعُ تُعْطِيكِ ابْتِسَامَتُهَا
تَاجًا لَهُ نُــورُ عَيْنِ النَّجْمَةِ انْخَسَأَ
تَاجًا لَوِ الْبَدْرُ مِنْ دُرَّاتِهِ لَرَأَى
أَلا عُلُــوَّ تَبَقَّى، وَالسَّنَا هَنِئَا
يَا مَنْ وَقَفْتِ عَلَى غُصْنِ الضُّحَى، وَقَفَتْ
عَلَى فُــرُوعِ الدُّجَى جُنْدُ الأَذَى حِدَأَ
فِي الصَّدْرِ غِرْبَانُ كُــرْهٍ نَبْضُهَا لُغَةٌ
مِنَ السَّوَادِ حَكَاها الرِّيشُ مُجْتَرِئَا
تُؤْذِيكِ غِرْبَانُهُمْ!! لَيْسَتْ بِمُؤْذِيَةٍ
قَلْبًا بِصَوْتِ السَّمَا مِنْ إِفْكِهِمْ بَرِئَا
حَتَّى ولو مَدَّ لَيْلُ الإِفْكِ بُرْدَتَهُ
عَلَى عُــصُورٍ سَتَأتِي، وَالضُّحَى اخْتَبَأَ
فَأَنْتِ أَنْتِ وَمَا لِي فِيكِ مِنْ جُمَلٍ
إِلا جَوَارِيَ يَا مَوْلاةَ مَنْ قَرَأَ
أَفْدِيكِ يَا زَوْجَ مَنْ يُفْدَى؛ وَلَيْسَ دَمِي
يَكْفِي ولا الْحَرْفُ مَهْمَا ضَاءَ أَوْ وَضُــؤَا
وَلَسْتُ وَحْدَ طُمُــوحِي فِي فِدَاكِ، أَنَا
مِلْيُــونُ مِثْلِي، لِمُثْلَى سَادَتِ الْمَلأَ
سَلِي الرَّسُــولَ، يُجِبْكِ الْحُــبُّ عَنْهُ، وَمَا
"وُثْقَى الْعُــرَى.." غَيْرَ بُرْهَانٍ لِمَنَ شَنَأَ
أَنْتِ الْحُمَيْرَاءُ فِي صَدْرِ التُّقَى نَبَضَتْ
سِنُوكِ فِقْهَ الذُّرَا؛ لَمْ تُــضْمِرِي خَطَأَ
يَكْفِيكِ أَنَّكِ وْالْفَارُوق وَابْنَ أَبِي
قُحَافَةٍ كِفَّةٌ دُرٌّ؛ فَمَا صَدِئَا
وَزَوْج بِنْتَيْنِ مِنْ نُــورٍ لَوِ انْطَفَأَتْ
مَجَّرَةٌ مِنْ شُــمُوسِ الدِّينِ مَا انْطَفَأَ
وَمَنْ عَلا رَبْوَةَ الأَمْجَادِ فِي نَسَبٍ
فَظَلَّ فِينَا (عَلِيَّ) الشَّأْنِ مُــذْ نَشَأَ
وَابْنَاهُ أَطْهَرُ بُرْهَانٍ عَلَى قَسَمِي
أَنِّي أَرَى الطُّهْرَ –فِيهِ- الْمِسْكَ وَالرَّشَأَ
أَبا تُــرَابٍ، تَمَنَّى الْقَلْبُ لَوْ خُلِقَتْ
دَقَّاتُــهُ مِنْ ثَرًى لَوْ كُنْتَ مَنْ وَطِئَا
عَلَيَّ فَرْضُ هَوًى (إِنْ كَانَ نَافِلَةً
حُبِّي لِغَيْرِكُمُ) بِالْغَيْرَةِ امْتَلأَ
إِلَيْكَ.. لِلْحُــبِّ.. لِلنُّورِ الَّذِي بُعِثَتْ
بِرُوحِهِ رُسُــلٌ في اللَيْلِ مُــذْ بَدَأَ
لأُمِّنَا.. لأَبِي بَكْرٍ.. إِلَى عُمَرٍ
وَكُــلِّ مَنْ عَنْ جَمَالِ اللهِ مَا صَبَأَ
أُهْدِيكَ أَعْمَقَ مَا فِي بَحْرِ مَحْبَرَتِي
نَبْضًا كَسَا قَلْبَ شِعْرٍ بِالأَسَى رُزِئَا
أُهْدِيكَ جُرْحِي الَّذِي مِنْ بَرْدِ مَا شَتَمُوا
شَتَتْ سَمَاءُ حُرُوفِي مِنْ دِمَايَ رُؤَى
أُهْدِيكَ آبَارَ أَحْبَارِي الَّتِي نَشَفَتْ
شِفَاهُهَا فِي صَحَارَى؛ غَرْسُــهَا وَبِئَا
كُلُّ السُّطُورِ الَّتِي أَمْشِي إِلَيْكِ عَلَى
رِمَالِ أَحْرُفِهَا ضَاقَتْ بِمَنْ لَجَأَ
أَحْمَالُ رُؤْيَايَ فَوْقَ الْكِتْفِ غَارِزَةٌ
فِي جِلْدِ رُوحِي بُكًى؛ ظَهْرِي بِهِ اهْتَرَأَ
فَقُلْ لِمَنْ ضَيَّقُوا الأَحْلامَ فِي دَمِنَا:- "..
كُفُّوا؛ أَلَيْسَ بِكَافِي الْجُــرْحِ مَا نُكِئَا
سَدُّ الْخِلافِ بِنَهْرِ الْوَهمِ أَغْرَقَ مَا
تَبْنِي مَآرِبُكُمْ! لا تُــصْبِحُوا سَبَأَ..."