قال كاتب بصحيفة إندبندنت إن تنظيم الدولة في طريقه للهزيمة في العراق وسوريا، لكن المنطقة لا تشعر بأن الوضع سيكون أكثر أمنا مما كان قبل هزيمة التنظيم بسبب فوضى السياسة الخارجية الأميركية، مضيفا أن أجواء اليوم بالمنطقة تشبه أجواء ما قبل الحرب العالمية الأولى.
وأضاف الكاتب مراسل الصحيفة في العراق وسوريا باتريك كوبيرن أنه نظرا إلى أن تنظيم الدولة ظل هو العدو القوي للسلام في الشرق الأوسط وما بعده خلال السنوات الثلاث الماضية، فمن المنطقي السؤال عن عدم شعور الناس بالفرح والارتياح لهزيمته المترقبة.
وأشار إلى أن المزاج بالمنطقة متوتر ويطغى عليه الخوف، الأمر الذي يذكّر بالوضع في أوروبا في 1914 (الحرب العالمية الأولى) عندما كانت هناك كثير من الصراعات تتصاعد وتؤثر على بعضها بعضا، وليس السبب في مزاج المنطقة الآن هو أن القوى العظمى تستعد للحرب ضد بعضها داخل الشرق الأوسط، بل مثلما كانت الحال في الحرب العالمية الأولى، وهو أن هناك كثيرا من المدخلات التي تزيد من عدم اليقين وعدم الثقة في الخليط السياسي، والذي يؤدي إلى توقع حدوث أي شيء.
قادة يفتقرون للحكمة
وأوضح أن مصدر عدم اليقين يدور حول القادة المشكوك في حكمتهم سواء العالميين مثل الرئيس الأميركي دونالد ترمب أو القادة الإقليميين بالمنطقة، إذ إن جميعهم "لديه حب كبير للسلطة بالداخل والخارج مضاف إليه غطرسة وضعف في تقييم الأمور"، وجميعهم لاعبون رئيسيون في نزاعات وأزمات متفجرة قابلة لأن تتحول بسهولة لحروب خطيرة.
وقال إن الوضع في شمال العراق وشرق سوريا مثال جيّد على ما ذهب إليه، إذ إن هزيمة تنظيم الدولة ستؤدي إلى فراغ يؤدي إلى صراعات أخرى حول من سيملأ هذا الفراغ. وبالنسبة لسوريا، فإن تركيا يعتريها قلق كبير من قوة الأكراد الصاعدة الذين أقاموا دولة أمر واقع على طول الحدود الجنوبية لتركيا بمساندة القوة الجوية الأميركية.
وأكراد سوريا بدورهم يخشون غزو الجيش التركي شمالي سوريا وإنهاء شبه استقلالهم بمجرد أن تكون أميركا ليست بحاجة لمقاتليهم الذين يبلغ عددهم 50 ألفا.
سياسة واشنطن
وتساءل الكاتب عن سياسة واشنطن بشرق سوريا التي تتقاتل فيها أميركا وروسيا وإيران وتركيا والسعودية وإسرائيل والحكومة السورية وتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة والأكراد وكثير غير ذلك، خاصة وأن واشنطن قصفت قاعدة جوية سورية وأسقطت مقاتلة سورية، معلقا بأن لا أحد يعلم هدف ترمب من هذه الأعمال، كما لا يعلم أحد ما إذا كان سيخدع الأكراد بمجرد أن تستغني عن خدماتهم ضد التنظيم ليصلح علاقاته مع أنقرة.
كذلك، هناك احتمال تقييد واشنطن دورها في سوريا والعراق بعد هزيمة تنظيم الدولة، كما يمكنها النظر إلى الدولتين كساحة مستقبلية لمواجهة مع إيران.
عبقرية نشر الفوضى
ونقل الكاتب عن أحد المسؤولين الأميركيين السابقين القول إن كل الناس في الشرق الأوسط يعلمون أن كل ما يُقال من قبل الخارجية الأميركية أو البنتاغون أو مجلس الأمن القومي لا يمكن الاعتماد عليه، لأن جميع التأكيدات التي تعلنها هذه الجهات من الممكن أن يتم نفيها بعد ساعة واحدة بتغريدة واحدة من ترمب أو من قبل أحد تيارات البيت الأبيض.
وقال أيضا إن عبقرية ترمب في نشر الفوضى ثبتت خلال زيارته السعودية في مايو/أيار الماضي عندما شجع بتبنيه الباهظ الثمن السياسات السعودية بشأن محاصرة قطر لتحويلها إلى دولة تابعة.
وأضاف أن الأزمات في الشرق الأوسط متواترة الوقوع، لكن هذه المرة هناك نوع من الشعور بأنها تخرج عن السيطرة. وأورد كوبيرن كثيرا من التفاصيل عن تعقد الصراع المحتمل بين أميركا وإيران في المنطقة.