تبذل السلطة الفلسطينية ممثلة برئيسها محمود عباس أقصى جهودها لتضييق الخناق على غزة، من خلال إجراءات مشددة اتخذتها، وآخرها وقف سلطة النقد برام الله كل التحويلات المالية عبر البنوك الفلسطينية إلى مصر لشراء وقود محطة توليد الطاقة بغزة.
ويعكس الإجراء الأخير للسلطة بوقف التحويلات المالية لمصر، انزعاجها من التفاهمات بين مصر ووفد حركة حماس برئاسة يحيى السنوار في زيارته الأخيرة للقاهرة.
ويخشى رئيس السلطة عباس من إمداد غزة بالسولار المصري، وكذلك تصدير البضائع، مما سينعكس على خزينة السلطة سلبا والتي تجني الأموال من خلال فرضها ضرائب على البضائع والوقود الذي يدخل القطاع عبر معبر "كرم أبو سالم".
ورقة اقتصادية
المحلل السياسي نعيم بارود، يرى أن الهدف من إجراءات عباس لغزة، وآخرها وقف سلطة النقد برام الله التحويلات المالية عبر البنوك الفلسطينية إلى مصر لشراء السولار، هو زيادة التضييق على القطاع، وزيادة إجراءات الحصار القمعية عليها.
وأوضح بارود في حديث لـ"الرسالة" إن صلاحيات السلطة والإجراءات القمعية ضد غزة نفذت جميعها، قائلاً:" عباس سيحاول عرقلة التفاهمات بين حماس والقاهرة لأنها لا تمتلك أي إجراءات عقابية ضد غزة وهي الورقة الاقتصادية الأخيرة التي يمتلكها أبو مازن".
وأشار إلى أن حركة حماس واللجنة الإدارية، ستحاول خلال الأيام القليلة تجاوز هذه الأزمة من خلال الوصول إلى تفاهمات مع الإخوة في مصر، وترجمتها عمليا على أرض الواقع.
وأكد المحلل بارود أن الإجراءات التي يتخذها عباس ضد غزة مؤلمة وقاسية وتزيد الأوضاع الاقتصادية سوءا، لكن ستفشل جميع إجراءات السلطة ضد غزة، كما فشلت في السابق.
وتوقع أن يشهد قطاع غزة الأسابيع القليلة القادمة إنفراجة، خاصة أن التفاهمات بين القاهرة ووفد حماس وصلت لدرجة طيبة.
منع دخول الوقود المصري
وتوافق المختص في الشأن السياسي حسام الدجني مع سابقه قائلاً:" إن التفاهمات بين حركة حماس والقاهرة انعكست سلبا على إيرادات السلطة التي تجنيها من غزة، لذلك ستحاول إفشالها بكافة الطرق المتاحة أمامها".
وأوضح الدجني في حديث لـ"الرسالة" أن حماس والفصائل لن تقف مكتوفة الأيدي أمام إجراءات عباس ضد غزة، فهناك خطوات عدة ستتخذها، وتنهي بها هذه الأزمة التي تسببت بها السلطة؛ وهدفها تضييق الخناق على غزة.
ولفت إلى أن التفاهمات بين حماس ومصر من خلال ادخال الوقود لغزة، ستنعكس على ميزانية السلطة من خلال الضرائب التي تجنيها وهي أكثر من 100 مليون دولار شهريا من القطاع.
وأشار إلى أن السلطة تخسر يوميا ما يقارب مليون دولار ضرائب عن دخول الوقود من معبر "كرم أبو سالم" لغزة، وتابع "لذلك هذه الخسارة يريد عباس وقفها من خلال التضييق على القطاع ومن تحويل الأموال للبنوك للقاهرة وتعطيل دخول الوقود المصري لغزة".
وبين أن المتضرر الوحيد من إجراءات عباس الأخيرة ضد غزة هو المواطن، مشيرا إلى أن اللجنة الإدارية في غزة ستبحث البدائل لتحويل الأموال للقاهرة لإدخال الوقود الخاص بشركة الكهرباء وكذلك المحطات.
خطوات عباس انفصالية
ورأى المحلل السياسي الدجني أن خطوات رئيس السلطة عباس ضد غزة انفصالية، ولا يمكنها أن تنهي حالة الانقسام، معتبرا أن إنهاء الانقسام يجب أن يكون بالحوار مع جميع الأطراف.
وقال:" إن عباس سيبقى يتخذ إجراءات ضد غزة، حتى يصل لمرحلة الانفصال التام عن القطاع، وهذه تعتبر الخطوة الأخطر في الموضوع كونها تمس بالمشروع الوطني الفلسطيني".
وأوضح الدجني أنه لا شك أن عباس سيحاول جاهدا ممارسة الضغوط كافة على مصر لمنع تنفيذ التفاهمات بين القاهرة وحماس وترجمتها على أرض الواقع، من خلال فتح المعبر وإدخال الوقود لغزة.
وأعلنت سلطة الطاقة في غزة، السبت، توقف مولدين بمحطة الكهرباء؛ بسبب وقف سلطة النقد برام الله كل التحويلات المالية عبر البنوك الفلسطينية إلى مصر لشراء الوقود، قائلة:" إجراءات سلطة النقد أدت إلى توقف وصول الوقود منذ يومين من جمهورية مصر العربية".
وأوضحت سلطة الطاقة في بيان لها، وصل "الرسالة"، أنه يجري حالياً العمل على تحويل الأموال بطرق بديلة، واستئناف توريد الوقود وإعادة تشغيل المحطة.
بدروها، اعتبرت حركة حماس جهود السلطة في رام الله برئاسة محمود عباس لتعطيل توريد الوقود من مصر إلى محطة توليد الكهرباء في غزة، استمرارا لسياسة العقاب الجماعي "التي يمارسها أبو مازن ضد أهلنا في القطاع".
وقال حازم قاسم المتحدث باسم حماس، في تصريح وصل "الرسالة"، إن انزعاج عباس من التفاهمات بين مصر ووفد الحركة برئاسة يحيى السنوار في زيارته الأخيرة للقاهرة، يؤكد حجم تقاطع السياسات بين الاحتلال والسلطة في تشديد الحصار على غزة.
وأضاف أن مواصلة عباس مساعيه "الممنهجة" لعرقلة هذه التفاهمات مع مصر، تكشف حجم "السقوط الوطني"، الذي تمارسه قيادة السلطة ضد أبناء شعبنا، لتحقيق الأهداف الشخصية لها.