رسمت الفارسة هبة الله شاهين (17 عاماً) علامات الدهشة على جمهور نادي الأصدقاء للفروسية بركضها نحو ساحة سباق الخيل ممتطية فرسها بثقة جلية رغم ساقها المبتورة بخلاف زملائها الذين تقاطروا على ساحة السباق.
واعتادت "شاهين" منذ طفولتها على القفز عن الحواجز أمام الجمهور، لكن هذه المرة بدون غطاء للجهاز الذي ترتديه لساقها المبتورة، إذ كانت تركز في قفزها، بينما الحضور يراقبون حركاتها دون أن تكترث لنظرات الشفقة التي كانت ترمقها أينما تتجه.
بعدما فرغت الفارسة من دورها في القفز، أدخلت حصانها إلى الاسطبل، وجلست بصحبة "الرسالة" للحديث عن تجربتها في ركوب الخيل والتعامل مع نظرات الآخرين تجاه قدمها المبتورة كونها فارسة بلا ساق.
بابتسامة الواثق من نفسه تحدثت شاهين:" ولدت بساق واحدة لكني لم أشعر يوما أني معاقة كما يصفني البعض (..) الاهتمام الذي تلقيته من عائلتي جعلني أشعر أني شخص لا ينقصني شيء مقارنة بأقراني في المدرسة والحياة الاجتماعية".
وعن شغفها بالخيل، روت أنه بدأ منذ أن كانت بالمدرسة في سن السابعة وهي بالنرويج، فقد فاجأت الجميع باختيارها لهذه الحصة المدرسية للمشاركة فيها، لكن بعد عودتها إلى قطاع غزة برفقة عائلتها اكتسبت مهارات أكثر وثقة بالنفس من قبل مدربيها الذين شجعوها.
وتابعت حديثها وهي تراقب زملاءها الفرسان وهم يتخطون الحواجز:" المدربون وحدهم من كانوا يعلمون ببتر ساقي، فدومًا كنت أضع غطاء على الجهاز الذي أضعه مكان ساقي، لكني فاجأت الجميع حينما خرجت إلى ساحة السباق بدونه".
لم تكن المرة الأولى التي تخرج فيها "شاهين" إلى العالم دون وضع غطاء على الجهاز الذي تضعه في قدمها، فقد خرجت إلى الشارع قبل ذلك ولاقت انتقادات كثيرة وتعليقات جارحة، لكنها تعاملت معها بحكمة كونها تدرك أن الاعاقة هي بالفكر والعقل وليس بالجسد كما أخبرت "الرسالة".
تقاطعنا الحديث والدتها السيدة "تغريد كمال" بقولها: "ساعدتها ودعمتها لإكسابها الثقة بالنفس ومواجهة الآخرين حتى باتت تتعامل مع بتر ساقها وكأنه شيء عادي دون حساسية".
وتعاود الفارسة "شاهين" الحديث، لتحكي أنها تمارس السباحة إلى جانب ركوب الخيل، وكذلك تشارك زميلاتها في المدرسة الدبكة الشعبية خلال الاحتفالات الوطنية وغيره.
ورغم صغر سن الفارسة "شاهين" إلا أن مراكز الأطراف الصناعية يتواصلون من حين لآخر معها حينما تصل حالات بتر لتتعامل معهم حتى يتقبلون وضعهم، وتعلق على ذلك:" ثقتي بنفسي جعلت المراكز يطرقون بابي لمساعدتهم في التعامل مع بعض الحالات(..) حينما أجلس معهم عدة مرات أجدهم يتقبلون حالتهم الجديدة جراء إصاباتهم المختلفة سواء في الحروب أو غيرها".
وتطمح "شاهين" بدراسة الإعلام أو العمل في مجال الدعم النفسي لذوي الإعاقات المختلفة حتى يتقبلوا أنفسهم كأشخاص يمكن للمجتمع أن يستفيد منهم.
لكن عن الذي تعلمته الفتاة من ركوب الخيل ذكرت أن الخيل قوة جعلها تتحدى نظرات الشفقة التي تلاحقها وتصبح رمزًا من رموز التحدي في غزة.
وتحلم شاهين، بالتوسع أكثر في عالم "الخيل" والمشاركة في بطولات عربية ودولية لتثبت أن إعاقتها ليست حائلًا للنجاح.