تحاول حكومة الاحتلال مجددا سن قوانين وتشريعات عبر الكنيست الإسرائيلي، للسيطرة على مدينة القدس، وتحييدها عن أي جهود سياسية رامية لحل الدولتين بين السلطة وإسرائيلية من خلال تقسيمها.
اللجنة الوزارية لشؤون التشريع وافقت، أمس الأحد، بالإجماع على قانون منع تقسيم القدس والذي بادر به رئيس البيت اليهودي الوزير "نفتالي بينت" وعضو الكنيست شولي معلم، وفق ما ذكرت القناة العبرية السابعة.
وينص مشروع القانون على منع تقسيم القدس ونقل سيادة أي من أحياء المدينة إلى أي جهة أجنبية، كما يمنع القرار (إسرائيل) من الانسحاب من أي منطقة بالقدس كما انسحبت من جنوب لبنان وقطاع غزة.
وعلى ما يبدو أن الحكومة الإسرائيلية، تحاول من خلال قراراها الأخير إلى إبعاد ملف القدس عن مفاوضات مقبلة مع السلطة، وأن تبقى المدينة المقدسة تحت سيادة الاحتلال، دون حتى تقسيمه بالشكل الذي توافق عليه السلطة.
ورجحت أوساط سياسية في إسرائيل أن يؤدي مشروع القانون الجديد لتوتر مع الإدارة الأمريكية والرئيس دونالد ترمب، والذي قال إنه يحاول تحريك المفاوضات بين إسرائيل والسلطة.
نسف جهود التسوية
أكرم عطا الله المحلل السياسي والمختص في الشأن الإسرائيلي، رأى أن إقرار سلطات الاحتلال لقانون منع تقسيم القدس، يأتي لإغلاق جهود التسوية السياسية وحل الدولتين بين السلطة وإسرائيل.
وقال عطا الله في حديث لـ "الرسالة":" نحن الأن أمام انغلاق أفق الوصول لتسوية سياسية بين السلطة وإسرائيل، وشرعنة الاحتلال لهذا القانون هو نسف أي جهود رامية لحل الدولتين".
وأوضح أن الفلسطينيين الأن في صراع مع الاحتلال، كون أن الكل الفلسطيني يرفض أن تكون هناك دولة فلسطينية بدون عاصمتها القدس المحتلة.
وبيَّن عطا الله أن قرار الاحتلال مرتبط بمسألتين، أولها أن إسرائيل ترى أن هناك جهودا جادة يحملها الرئيس الأمريكي الجديد ترامب، لعودة المفاوضات بين الاحتلال والسلطة وصولا لجهود التسوية؛ لذلك حاولت قطع الطريق وإبعاد مدينة القدس عن أي مفاوضات مقبلة.
وأشار إلى أن المسألة الثانية، تكمن في أن الاحتلال أعدّ هذا القانون مسبقا، وسوقة للعالم بعد أن استغل عملية القدس التي نفذها ثلاثة فلسطينيين الجمعة الماضي، لفرض إجراءاتها وسيطرتها على المدينة المقدسة.
ونوه المحلل السياسي والمختص في الشأن الإسرائيلي، إلى أن اليمين الإسرائيلي المتطرف أصبح الآن يمثل أغلبية الرأي العام داخل إسرائيل، ولديه رؤية واضحة ضد مدينة القدس؛ لذلك يحاول شرعنة القوانين الرامية للاستيلاء على المدينة المقدسة.
القدس خارج حسابات السلطة
بدوره رأى المحلل السياسي نعيم بارود، أن قرار الكنيست الإسرائيلي بمنع تقسيم القدس، لا يلقى بالا للسلطة التي تصر على عودة المفاوضات مع الاحتلال دون أي شروط.
وأوضح بارود، في حديث لـ"الرسالة"، أن إسرائيل أرادت أن ترسل رسالة للسلطة مفادها أن مدينة القدس ومشروع حل التسوية من خلال تقسيمها لشرقية وغربية ستكون خارج أي نقاشات في المفاوضات المقبلة، وأن القدس هي عاصمة لإسرائيل فقط.
وقال:" إن مدينة القدس ليست على طاولة المفاوضات وخارج حسابات السلطة مطلقا، لأنها قبلت العودة إلى المفاوضات مع إسرائيل مرارا دون أي شروط حتى تلك التي وضعتها سابقا مثل إنهاء الاستيطان بالقدس والضفة".
وأشار المحلل بارود إلى أن اتفاق أوسلو الذي وقعت عليه السلطة كان واضحا وصريحا، وينص على أن (إسرائيل) هي التي تمتلك السيادة الكاملة على مدينة القدس، ولا يحق للسلطة ممارسة أي نشاط اجتماعي أو ثقافي داخل المدينة المقدسة.
واعتقد أن هذا القرار يأتي ضمن جميع القرارات التي تتخذها الحكومة (الإسرائيلية) للسيطرة على مدينة القدس، وفرض إجراءاتها على المدينة منذ احتلالها لفلسطين.
ولفت المحلل السياسي بارود إلى إسرائيل ستتمسك بالقرارات كافة التي تصدر عن الكنيست الإسرائيلي، المتعلق بمدينة القدس، مشيرا إلى أن الاحتلال لن يتنازل عن تقسيم مدينة القدس في أي مفاوضات مقبلة بين السلطة وإسرائيل.
توحيد القدس
ويقضي القانون الذي أجمع عليه بموافقة 80 عضو كنيست بتوحيد القدس ومنع تقسيمها في أي اتفاقات لاحقة، وذلك بعد إجراء تعديلات على القانون بالتوافق بين الليكود والبيت اليهودي حيث جرت خلافات الأسبوع الماضي أدت لتأجيل التصويت عليه.
وقال رئيس البيت اليهودي الوزير "نفتالي بينت"، أمس الأحد: "بهذا القانون يكون تم حفظ محاولات تقسيم القدس مرتين أحدها على يد ايهود باراك والأخرى على يد ايهود اولمرت اللذين كانا يشكلان أغلبية في الكنيست، ولكن اليوم بعد إجماع اللجنة الوزارية للتشريع سيمنع أي تقسيم للقدس وسيعزز ذلك مكانتنا في العالم والابتعاد عن الضغط مستقبلا على إسرائيل".
في حين، قالت عضو الكنيست شولي إن اثنين من رؤساء وزراء سابقين، حاولوا تقسيم القدس كجزء من تسوية سياسية خطيرة، كادت تلحق توابع وأضرار خطيرة بعاصمة (إسرائيل).
وكانت خلافات جرت بين حزب البيت اليهودي والليكود الذي يتزعمه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو منعت سابقا تمرير المشروع قبل الاتفاق بينهما على إجراء تعديلات تتعلق ببعض مواد القانون، بشأن سيادة بعض المناطق في القدس وخضوعها لبلديات محلية.