يجسد يوم "الجمعة" أهمية خاصة لدى الفلسطينيين، باعتباره شاهدا على مواجهات دائمة بين المرابطين وجنود الاحتلال، حيث إن معظم الأحداث تبدأ ذروتها في اليوم نفسه؛ ليدلل على أهمية مكانة المقدسات والأقصى للمقدسيين.
الجمعة الماضية، شهدت عملية بطولية نفذها ثلاثة شبان من قرية أم الفحم في باحة الأقصى، ومنذ ذلك الوقت يفرض الاحتلال حصارا على المسجد، عدا عن وضعه بوابات الكترونية على جميع أبوابه لتفتيش المصلين؛ الأمر الذي أثار غضب المقدسيين، الذين رفضوا الدخول عبرها للصلاة فيه، مكتفين بأداء صلواتهم بالقرب من أبوابه.
وفي جمعة غد، انطلقت دعوات كثيرة للحشد فيها من أجل الصلاة في الأقصى. ومن المتوقع أن يصل عدد المصلين إلى أكثر من سبعين ألفا من جميع نواحي المدينة المقدسة، يشاركهم الفلسطينيون في الأراضي المحتلة، وتحديدا في قطاع غزة، الذين سيؤدون غالبيتهم الصلاة على الحدود.
ورغم الحشود التي تدعو للنفير صوب الأقصى، والخروج لمسيرات تضامنية معه، سواء في الأراضي المحتلة والدول العربية، إلا أن هناك حالة ترقب من الاحتلال خشية اندلاع انتفاضة شعبية واسعة.
اغلاق المساجد
"الرسالة" تواصلت عبر الهاتف مع أمجد أبو عصب رئيس لجنة أهالي الأسرى المقدسيين الذي قال إن للأقصى مكانته لسكان البلدة القديمة كحال جميع المسلمين، "لذا نتيجة الحصار المفروض على قطاع غزة وما تعانيه الضفة المحتلة، فالمقدسيون يرون أنفسهم مسؤولين عن حماية المسجد، بدلا عن الأمة العربية والإسلامية".
وعن خصوصية يوم الجمعة وما تشهده من مواجهات ساخنة مع الاحتلال، يرجع أبو عصب ذلك إلى أن المصلين يأتون للأقصى من جميع انحاء الضفة المحتلة وارض الـ 48، "وبالتالي هو يوم ديني يجتمع فيه الكل الفلسطيني لتكون لهم فرصة أكبر للتعبير عن انتماءاتهم"، كما قال.
ويوضح أن حشد الجمعة ينطبق عليه المثل القائل "نَفَسُ الرجال يُحْي الرجال"، "بمعنى أن الأعداد الكبيرة تشجع بعضها على مواجهة الاحتلال"، مشيرا إلى أن خصوصية الأقصى يستثمرها المصلون لبدء أي تصعيد؛ من أجل ارسال رسالة مفادها أنهم متمسكون بحقهم في الأرض.
والمتابع للأحداث في المدينة المقدسة، يلحظ أن الاحتلال يستهدف الأقصى من قبل العملية التي نفذها أبطال عائلة جبارين الثلاثة، فقد تم اعتقال العشرات من المقدسيين وابعادهم عن مدينتهم في الفترة الأخيرة.
ويقول: "الاحتلال حاول استغلال العملية الأخيرة لتفريغ الأقصى لكنه فوجئ برد فعل المقدسيين"، مضيفا أن الأحداث الأخيرة لاتزال ترعب جنود الاحتلال، "خاصة حينما انضم كثيرون لمشاركة المرابطين وقفاتهم".
ويشير إلى أن الاحتلال يعتزم إيقاع المقدسيين غدا في مصيدته، وإفراغ الأحداث من قوتها، من خلال فتح الطرق للمسجد الأقصى دون حواجز.
وأكد أن وزارة الأوقاف فرضت على الأئمة إغلاق المساجد كي يكون محفزا للمصلين للتوجه إلى الأقصى.
ويتوقع أن تكون الاجراءات ساخنة، خاصة وأن الاحتلال منذ الجمعة الماضية اعتقل 59 من العاملين في وزارة الأوقاف، واخرين من المقدسيين، موضحا أن الاحتلال يركز على التنكيل ليخيف المرابطين من الاقتراب من الأقصى كي لا يكون مصيرهم الابعاد أو الاعتقال.
ووفق مراقبين، فإن هناك خشية من وضع الاحتلال موادا كيماوية بين جدران الأقصى وأعمدته خلال فترة إغلاقه تتسبب بانهياره.
يذكر أن المطران عطا الله حنا كان قد وجّه نداء عاجلا للكنائس المسيحية في العالم بضرورة التحرك السريع لإنقاذ مدينة القدس، قائلا: "اليوم المسجد الأقصى وغدًا كنيسة القيامة".
وتجدر الاشارة إلى أن يوم الجمعة المقبلة سيشهد أحداثا ساخنة، لاسيما وأن ذكرى هبه النفق التي وقعت 1996 يعيش الفلسطينيون ذكراها، فهي اندلعت احتجاجا على حفر سلطات الاحتلال الإسرائيلية للنفق الغربي أسفل الأقصى، وتوحدت حينها جميع فئات الشعب الفلسطيني للتصدي لقوات الاحتلال في مختلف مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة.