جهزت حقائب ملابسها، كانت تردد أمها كل يوم على مسامعها بأن "لملمي ما تبقى لك من أغراض في البيت" اقترب يوم زفافها، لملمت أشياءها، كما ذكرياتها لتنتقل من بيت أهلها إلى بيت الزوجية التي لطالما حلمت به.
لم تكن تعلم أن الاحتلال وقتما أراد فإنه يقلب رزنامة التواريخ عند الفلسطينيين رأسًا على عقب.
عروس في زنزانة !
أحلام المالوخ (19عامًا) أكبر إخوتها، وهي من قرية قراوة بني زيد "محافظة رام الله-البيرة "والتي لم تكن تدرك أن الآلة العنجهية الصهيونية لا تؤمن بأي حق من حقوق الفلسطينيين، حتى الفرحة يلاحقونها، ويحولون أجمل الأحلام إلى كابوس شنيع يسرق منهم أبسط امنياتهم وأجملها.
قبل شهرين من فرح المالوخ، ودون أي سابق إنذار اقتحمت القوات الصهيونية بيتهم الساعة الثانية عشرة ليلًا، ليحولوا كل تجهيزات الفرح، إلى أحزان قطنت بيتها وقلوب كل المنتظرين لهذا اليوم المرتقب منذ زمن.
لم يكن يتخيل "مصطفى المالوخ" خطيب أحلام أن زنزانة في سجن الهشارون، سيصبح سكناها بدلًا من بيت الزوجية التي كان يجهزه لها، كما لم يكن يعلم أنها ستقاد ب "البوسطة" بدلًا من "سيارة الزفة".
لم يستطع مصطفى لملمة كلمات تصف حجم الحزن الذي ألم به وقد وأد أحلامه وخطيبته التي لم يكن لها من اسمها نصيب، "كسروا فرحتنا وحولوها إلى حزن عميق"، ويضيف: "قرار الاعتقال كان صادمًا جدًا وتهمتها كانت أكبر صدمة لنا".
أحلام مسروقة
بتهمة التحريض على مواقع التواصل الاجتماعي، اختطفت أحلام من أكناف عائلتها بطريقة شنيعة، وزجت في سجن الهشارون الذي ضاق كثيرًا بأحلامها وهي لم تدرك أنها قاومت بكلماتها وأرهقت المحتل.
بأسى بالغ يحكي مصطفى لـ "الرسالة نت" عن مرور يوم الفرح الذي كان من المفترض أن يكون يومًا لا ينسى في حياتهم، يقول: "أحلام حرمت كل حقوقها، ابتداء من حرية التعبير عن الرأي وحتى ارتداء بدلة الزفاف" ويضيف:" كنت أنتظر يوم زفافنا يومًا بيوم ولم أتوقع أن الاعتقال يحرمنا حقنا في الفرح".
في غرفة صغيرة في بيت أحلام البسيط، تركت حقائبها مركونة في زاويتها، فتنهار أمها باكية كلما لمحت شيئًا من طقوس الفرح التي لم يسمح الاحتلال لابنتها أن تكملها.
في يوم المحكمة الذي عقدت قبل فرحها بأيام قلائل، كانت تتوقع أحلام أن يتم الإفراج عنها كما خطيبها الذي كان ينتظر كلمة "محرر" فيستدركون الفرحة التي حرموا منها، فكانت الصدمة أن المحكمة قررت التأجيل، لتبقى أحلام تتنقل ما بين زنزانتها والمحكمة في ظروف قاسية جدًا وأمنياتها معلقة بقرارات تأجيل المحكمة.
عبر برنامج "على جناح الطير" والذي يعنى بإيصال أشواق أهالي الأسرى ورسائلهم إليهم في السجون والتي تتابعه مراسلة الرسالة، اتصلت أم الأسيرة أحلام المالوخ يوم الفرح المحدد ولم تتمالك نفسها فانفجرت باكية على الهواء مباشرة، على مسامع أحلام التي تتابع البرنامج وهي تردد: "الله يفرجها عليك يما وأفرح فيك".
ينتظر خطيب أحلام وعائلتهما كما يقول للرسالة "معجزة" ليكملا حلمهما الذي لطالما خططا له، وترتدي أحلام "بدلة الزفاف" وتتوج ملكة في يومها المنتظر بعد عذاب البوسطة وقهر السجان لها في زنزانتها.