تواجه الاستراحات البحرية، التي تمتد على طول شاطئ بحر غزة، ظروفاً اقتصادية متردية، جراء تفاقم أزمة مياه الصرف الصحي، التي أجبرت البلديات في قطاع غزة على التخلص منها عبر صبها بمياه البحر ما جعلها ملوثة لا تصلح للسباحة.
حالة عزوف كبيرة يشهدها شاطئ المدينة المحاصرة، بعد أن وجد المواطنون متنفسهم الوحيد تملأه المياه العادمة ذات الرائحة الكريهة، ما أجبرهم على البحث عن بدائل للاستجمام وقضاء أوقات الفراغ بمكان غير الذي اعتادوا عليه بفصول الصيف السابقة.
خسائر فادحة تكبدها أصحاب المشاريع البحرية، بعد أن بحث المواطنون عن بدائل للاستجمام والترفيه غير شاطئ البحر، ما دفع العديد منهم إلى إغلاق مصدر رزقهم الذي يعولون عليه طيلة أيام العام.
"الرسالة" تجولت على شاطئ بحر السودانية شمال غرب مدينة غزة، الذي وضع ضمن المناطق البحرية الملوثة، بعد أن توسطه مصب كبير للمياه الصرف الصحي، ونقلت مشهداً من المعاناة الاقتصادية التي يعيشها أصحاب الاستراحات.
بحالة من اليأس يصف أسامة صلاح موسم الصيف الذي تشهده استراحة "جار القمر" التي يمتلكها منذ عشرة أعوام، حين قال "تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، هذا الموسم الوحيد الذي منيت به بخسائر مالية كبيرة، جراء عدم إقبال الزبائن على دخول استراحتي، التي تملأها رائحة المياه العادمة".
ويضيف صلاح ذو الـ40 عاماً: "مع اقتراب انتهاء الموسم الذي تشارف نهايته مع بدء الفصل الدراسي الجديد، لم أجمع ربع الالتزامات المالية التي يجب أن اسددها للتجار الذي اشتريت منهم مستلزمات الاستراحة المختلفة".
ويشير صلاح بأصابع الاتهام للمياه العادمة التي كبدته خسائر مالية وكذلك أصحاب الاستراحات المجاورة، إذ أبلغه معظم زبائنه الدائمون، أنهم لا يقدروا على المجيء بسبب رائحتها الكريهة، وحالة تلوث المياه التي تحول دون استمتاعهم بالاستجمام.
وعلى مقربة من جار القمر، تعتلي استراحة المواطن عبد الحليم شاهين، الشاطئ بقليل، وعن خسائره تحدث "للرسالة"، قال إنها أجبرته على إغلاق الاستراحة معظم أيام الصيف، التي كان يعتبرها كنزاً له طيلة الأعوام السابقة.
من سوء حظ صاحب البشرة التي أحرقتها الشمس، أن استراحته تلتصق بمصب المياه العادمة التي لا تتوقف عن الاختلاط بمياه الشاطئ، ما جعل المنطقة حول استراحته أشبه بصحراء تخلو من المواطنين بعد أن ضربها تلوث المياه والهواء.
حتى اللحظة لم يجمع شاهين نصف ثمن الايجار المرتفع الذي تفرضه البلدية، نظير استئجار أرضية الاستراحة، ما دفعه إلى إغلاقها معظم الأيام، وإبلاغهم بأنه دخل في ورطة اقتصادية ولا يستطيع أن يسدد باقي مبلغ الإيجار.
ويخشى الأربعيني إغلاق استراحته بشكلٍ كامل، ويخسر بعدها مشروعه الاقتصادي الذي قد يعود للانتعاش خلال الأعوام المقبلة، بعد حل أزمة مياه الصرف الصحي، ما سيجبره على الاستدانة لسداد باقي ديونه للبلدية.
المواطن أحمد أبو نحل، أجبر برفقة عائلته المكونة من 13 فردا على استئجار شاليه للمرة الأولى، بعد أن اعتادوا على الاستجمام في مياه البحر بشكل أسبوعي، إلا أن تلوثها أجبرهم على خوض التجربة الجديدة والسباحة في مسبح الشاليه، التي وصفها بالنظيفة وغير الملوثة.
ولم يخف أبو نحل أن تجربة استئجار الشاليه مميزة، وتغني عن البحر، إلا أن مبلغ استئجاره المرتفع، يحول دون تكرارها طيلة شهر الصيف، ويقارن "للرسالة" بين رحلة الترفيه والسباحة على شاطئ البحر التي لا تتجاوز 50 شيكلاً، بينما زادت تكاليف رحلة الشاليه عن 500 شيكل.
وشهدت الشاليهات الترفيهية إقبالاً واسعاً في قطاع غزة، هذا الصيف، جراء تفاقم أزمة تلوث مياه البحر، إلا أن ارتفاع مبلغ استئجارها يثقل كاهل المواطنين الذين يعيشون ظروفاً اقتصادية صعبة جراء الحصار "الاسرائيلي" المفروض منذ 11 عاماً.