غزة-محمد بلّور-الرسالة نت
وزع رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو قطعا من الإسفنج على وزرائه على أن يعودوا بها الجلسة القادمة ليختبر خاصتها الفيزيائية .
حال حكومة الاحتلال يشبه إلى حد كبير قطعة الإسفنج التي تمتص الآن كل ما حولها ولا تخرجه إلا بقليل من الضغط.
وكان المجتمع الدولي ممثلا بمؤسساته وجمعياته زاد في الأسابيع الأخيرة من انتقاده للحكومة الإسرائيلية خاصة بعد مجزرة أسطول الحرية.
وتنشط المؤسسة السياسية والإعلامية في إسرائيل مؤخرا في تجميل وجه كيان الاحتلال وتبرير حصاره لغزة.ومثّلت حادثة سفينة مرمرة وعملية اغتيال المبحوح وعملية الرصاص المصبوب وما سقط فيها من ضحايا محطات مهمة ألّبت الرأي العام على إسرائيل .
وأكد مراقبون للشأن الإسرائيلي للرسالة نت أن الاحتلال فتح جولة جديدة من المناورة السياسية والإعلامية لحرف الأنظار عن جرائمه الأخيرة يرمي فيها الكرة في الملعب الفلسطيني.
عصارة الانتقاد
لو كان "بن غوريون" حيا لطالب حكومة إسرائيل بتغيير اسم مطارها الرئيس هربا بماء الوجه من زوار بلاده عبر الجو .
ورأى الباحث في الشئون الإسرائيلية عدنان أبو عامر أن الاحتلال تلقى الأشهر الماضية صفعات إعلامية ودبلوماسية لم يتلقها منذ 62 سنة .وأضاف:"قوة الصفعات دفعت صناع القرار لتكثيف النشاط الإعلامي والدبلوماسي لتجميل صورة إسرائيل وإعادتها للأذهان على أنها الضحية".وتوقع أن يفشل الاحتلال في تجميل صورته مستبعدا تداركه لكل ما وقع خاصة تورطه في قتل ركاب سفينة مرمرة .
وأشار أن قادة الاحتلال حتى الآن لم يتمكنوا من نشر رواية مقنعة لجريمتهم ضد أسطول الحرية وسقوط ضحايا سفينة مرمرة .وارتكبت إسرائيل أخطاء جسيمة تباينت حدتها ففي جريمة اغتيال المبحوح تواطأت بعض الأطراف العربية والأوروبية وغضت الطرف رغم وجود ملاحظات جوهرية .
أما العدوان على غزة "عملية الرصاص المصبوب" فخاطبت إسرائيل العالم قائلة إنها تلاحق مسلحين ومطلقي صواريخ خطرين.
وبقيت سفينة مرمرة بما تحمله من متضامنين ونساء وشخصيات رفيعة العنوان الأبرز الذي لم تتمكن إسرائيل من تبريره بأي لون من الألوان .
أما المحلل السياسي عبد الستار قاسم فأكد أن الاحتلال دأب على ممارسة حملة علاقات عامة وتكثيف الجهد الإعلامي والدبلوماسي بعد كل أزمة.وأضاف:"للأسف غالبا ينجح ويقوم وزراؤه وسفراؤه بالاجتماع مع الإعلام ثم ما يلبث الأمر أن ينتهي لصالحهم" .ورأى أن ردود الفعل على جريمة أسطول الحرية بدأت قوية لكنها الآن بدأت تخف بعد جهود الاحتلال وقوة الدفع التركية التي انخفضت .
وأضاف:"سقف المطالب التركية اتضح لذا لن تصعّد أوروبا ضد إسرائيل والعالم أولا وأخيرا شريك في حصار غزة والاحتلال يحاصرها نيابة عنه".أما أستاذ العلوم السياسية سعيد زيداني فشدد على اهتمام إسرائيل بمواصلة الجهد الدبلوماسي والإعلامي منوّها لآخر اللقاءات التركية-الإسرائيلية .
وأضاف:"يواصلون تحسين صورتهم فقد توترت علاقتهم مع تركيا وقد بدأت الاستجابة جزئيا للضغط الدولي فشكلت لجنة وان كانت غير رسمية وبدأت بإدخال سلع لغزة بقرار سياسي بعد إدراكها لفشل الحصار" .
صفقة الأسرى
منظمو التظاهرة الدائمة للمطالبة بتحرير شاليط بدؤوا في تقديم الكوكاكولا المثلجة للمشاركين تقديرا لمشاركتهم التي قد تطول هذا الصيف .وستخضع قطع الإسفنج سالفة الذكر لاختبار معنوي عندما يمسكون بها ليشاهدوا كم امتصت من غضب المجتمع الدولي خاصة بعد إدخال بعض السلع لغزة وفتح ملف صفقة شاليط .
الوزراء والدبلوماسيون والإعلاميون ينشطون هذا الأسبوع في امتصاص اكبر قدر ممكن من ردود الأفعال وتجييرها لصالح إسرائيل .وأعاد نتنياهو طرح صفقة تبادل الأسرى للواجهة عبر خطابه الأخير استجابة للضغط الداخلي ورغبة في حرف الأنظار عن إخفاقاته الأخيرة .وأكد الباحث أبو عامر أن الاحتلال يخضع الآن لضغط جماهيري عبر الفعاليات الميدانية المطالبة بتحرير شاليط ما دفع نتنياهو لإبداء عرضه الأخير .
وأشار أن نتنياهو يريد أيضا إلقاء الكرة في ملعب حماس لتحميلها فشل الصفقة أمام الرأي العام الدولي.
أما المحلل زيداني فأكد أن الضغط الشعبي والتظاهرات الدائمة لدى الاحتلال تدفع نتنياهو لفعل شيء والرد على المتسائلين "لماذا لا ندفع الثمن ونعيد شاليط لبيته ؟! " .
وأوضح أن المفاوضات استمرت 4 سنوات وتعاقب عليها عدد من رؤساء الحكومة حيث تصر إسرائيل على إبعاد 125 من الأسرى الكبار بينما حماس متفائلة من نتيجة صمودها على موقفها.وقال إن إسرائيل تراجعت صورتها أمام العالم وان حماس ظهرت كما المنتصر بعد فشل الحصار بينما خسر الاحتلال دولة مهمة اسمها تركيا .
واتفق قاسم مع زيداني حول فعالية الضغط الشعبي في ملف شاليط متوقعا أن تتم الصفقة وأن حماس قد تبدي مرونة أخيرا لإتمامها .
المفاوضات
وثمة جهة ثالثة ترتدي ربطات عنق وياقاتها منشّاة اسمها الوفد الفلسطيني المفاوض, صحيح قد يبدوا بعيدين عن الطبخة لكنهم يحضرون على الأقل عند الحديث الثنائي .وشدد الباحث أبو عامر أن الأسابيع القادمة قد تشهد تحريكا للمياه الراكدة فهي إما مقبلة على انفجار سياسي عقب فشل متوقع للمفاوضات وإما على جولة مفاوضات شكلية .
وأضاف:"قد يستخدموا طرح المفاوضات كوسيلة لتحسين صورتهم والآن بعد 62 سنة غيروا من مقولتهم دعوهم يقولون ودعونا نفعل فأدركوا أهمية الرأي العام الدولي المنتقد لهم".وأكد أن العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية تمر بمرحلة فتور ما قد يدفع الاحتلال لطرح جولة تفاوض برعاية أمريكية وكسب رضا أوروبي.
أما المحلل قاسم فقال إن المفاوضات كانت ولا زالت لكسب مزيد من الوقت المفيد لإسرائيل عادة.أضاف:ليس في برنامجهم دولة فلسطينية أو منح حقوق وطنية لذا سيواصلوها لكسب الوقت وهدوء المفاوض الفلسطيني " .
أما المحلل زيداني فأكد أن استئناف المفاوضات من شأنه تخفيف الضغط الدولي على إسرائيل المشوّهة أمام العالم .
وأضاف:"تركيبة حكومة إسرائيل والتزاماتها الإيديولوجية لا تدفعا لاستئناف عملية مفاوضات جدية لذا قد تضغط أمريكا على الطرفين " .
وفي ظل ما يثار عن صفقة تبادل الأسرى تنمو ردود الأفعال مع الطرفين للوصول إلى نقطة يبدو أنها المرة حاسمة بالفعل.