في بيان صحافي له يوم الخميس الماضي، قال عضو المكتب السياسي لحركة حماس، صلاح البردويل، إنّ "حماس" تستعد لإنهاء اللجنة الإدارية، فور استلام حكومة الوفاق مسؤولياتها كافة في قطاع غزة، وعلى رأس هذه المهام استيعاب وتسكين كل الموظفين القائمين على رأس أعمالهم.
وجاء الرد على تصريحات البردويل من قبل الرئيس عباس شخصيًا يوم السبت حيث أعلن استمرار وقف تحويل المخصصات المالية إلى قطاع غزة تدريجيًا "ما لم تلتزم حركة حماس باستحقاقات المصالحة".
وقال: "ندفع نصف الميزانية (مليار ونصف دولار) سنويًا لغزة منذ 10 سنوات، وعندما شكلوا الحكومة في غزة قلت سأوقف هذه المبالغ تدريجيًا.
الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطا الله يعلق على تصريحات عباس قائلًا: أخطأ من رفع سقف الأمل بخطاب عباس ويجب أن نقرأ السنوات العشر الماضية لنتأكد من أن المصالحة صعب تحقيقها في ظل الظروف القائمة حاليًا، والأمور أكثر تعقيدًا وغزة خرجت كليًا من إطار السلطة وغير وارد في ظل شروط عباس عودتها إلى راية السلطة لأن كل منهما له برنامج مختلف كليًا عن الآخر وهناك هوة واسعة بينهما".
وتابع " عباس يريد غزة وفقًا لتصوره، تصور أوسلو، تصور السلطة وليس تصور حركة حماس، فهو لن يقبل بحركة حماس بدون أن تكون تحت كنف اتفاقيات أوسلو وهوية السلطة، وهذا قريب للمستحيل وصعب ويحتاج إلى ما يشبه المعجزة".
ومن جهة أخرى، كشفت صحيفة "الحياة" اللندنية أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي طرح مبادرة لإنهاء الانقسام الوطني الفلسطيني، وأن كلاً من الرئيس محمود عباس وحركة (حماس) وافقا عليها، قبل أن يطرح الرئيس الفلسطيني مبادرة بديلة رفضتها الحركة باعتبارها جديدة-قديمة.
وكشفت مصادر فلسطينية موثوق فيها للصحيفة أن السيسي "عرض مبادرته على عباس أثناء زيارة الأخير مصر قبل نحو شهر، موضحة أن الأخير "وافق عليها رضوخاً لضغوط السيسي، لكنه أهملها لاحقاً وكلّف مدير المخابرات العامة الفلسطينية اللواء ماجد فرج تقديم مبادرته البديلة.
وعلى هذه القضية يعلق عطالله، أن عباس يريد إضعاف الخصم على الساحة وإرغام حماس على القبول بشروطه بل ويريدها بدون أي شروط، لهدفين، ضمان نجاحه في فرض رأيه على حركة حماس والسعي إلى إضعافها من خلال تطبيق نموذج الضفة الغربية واستنساخه في غزة بالطريقة التي تدير بها السلطة الضفة.
بدوره، يعلق المحلل السياسي تيسير محيسن على الموضوع قائلًا: "التلويح بالتهديدات لقطاع غزة ليس شيئًا مستغربًا وأبو مازن كان هادئًا في فترة أحداث الأقصى في محاولة لكسب الأحداث لصالحه ولكن بشأن غزة الموضوع يختلف ولقد كان يرسل رسائل وحدوية في ذلك الوقت وهو أيضًا يريد توظيفًا للأحداث في محاولة لاستعادة غزة إلى الشرعية"، وفق تعبيره.
وبينما يسعى عباس إلى تقشير غزة من كل المؤثرات الأخرى ويسعى إلى أخذها جاهزة لتطبيق مشروعه السياسي، يقول محيسن إنه لا غنى لمشروعه عن غزة وفق محددات مشروع التسوية الذي يؤمن فيه أبو مازن وهو يناطح المجتمع الدولي من أجل هذا المشروع رغم تحفظنا الكبير وهو يريد غزة كجزء من هذا المشروع.
ويلفت محيسن إلى أن أبو مازن ربما يشعر بأن نهايته السياسية قاب قوسين او أدنى، ولا يريد أن يغلق ملفه السياسي دون أن يحول غزة إلى نسخة من الضفة، وهذا التصور رغم بعده عن الواقع في ظل سيطرة حماس على القطاع لكنه حلم أبو مازن رغم كل شيء، فأبو مازن يثق بنفسه ويرى هذا الحلم قابلًا للتحقق بشروطه المفروضة وبدون شروط حماس.
وهناك دور نوه إليه محيسن وهو دور إسرائيل فهي تدعم وجود السلطة والسلطة ما زالت لها دور في حفظ أمنها، وإسرائيل إذا لم تدعم عباس للسيطرة على غزة فهي على الأقل ستدعم الانقسام وتناضل لبقائه.