تتواصل إجراءات الرئيس محمود عباس وقراراته للتضييق على قطاع غزة، فمن التهديد بإعلان القطاع إقليماً متمرداً، إلى وقف التحويلات الطبية، ثم قطع رواتب عدد من الأسرى المحررين، فضلاً عن دوره السلبي في أزمة الكهرباء، وحديثاً إشهار سيف التقاعد المبكر في وجه موظفي السلطة في غزة.
وتزيد إجراءات عباس الجديدة الوضع مأساوية في قطاع غزة، لاسيما أنها تؤثر على الواقع المجتمعي، وخصوصاً في مجالي الصحة والتعليم، إذ إن إحالة الكوادر الصحية والتعليمية وأغلبها ذات خبرة إلى التقاعد يتيح المجال لانهيار المؤسسات أو على الأقل يجعلها في مواجهة أزمات وحتى كوارث إنسانية، لاسيما في المجال الصحي.
إجراءات ظالمة
واستبعد المحلل السياسي أسعد أبو شرخ، أن تخضع حركة حماس لضغوط عباس لحل اللجنة الإدارية في غزة، وتابع قائلاً للرسالة: "فيما لو استجابت حماس لعباس، هل فعلا سيتراجع ؟!، أشك في ذلك، لأن هذا السيناريو ليس هو السيناريو الأول في هذه القضية، فقبل ذلك كانت مشكلة جامعة الأقصى ومطالبته لحركة حماس بالتراجع، وبالفعل تراجعت وتركت الإدارة له، ولكنه على الرغم من ذلك طبق كل القوانين الجائرة، وتم تحويل موظفي الجامعة للتقاعد، وهذا يعني أن تنازل حركة حماس لا يعني شيئًا، وليس هو المشكلة، وإنما مجرد ذريعة".
ويضيف أبو شرخ: "حماس لم تتأثر وهي محاصرة ليس بيدها شيء، ولكنها يمكن أن تجاري عباس بحل اللجنة الإدارية، بشرط التراجع عن قراراته، ثم إجراء الانتخابات، بوجود لجان نزيهة لتطبيقها على استراتيجية واضحة، وغير ذلك يمكن أن تقوم حماس بإحالة كل هذه الأوراق إلى جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، ليقفوا في وجه عباس ضد هذه الإجراءات اللاإنسانية".
وبين أن الحل الوحيد هو الاتفاق وعمل انتخابات تشريعية عاجلة لوضع حد لكل المشاكل، وفق رأيه.
الهبة الشعبية
ولعل أمام حماس خيارات أخرى وفق الكاتب حسام الدجني الذي قال للرسالة، إن هناك خيارات عديدة، وإن كانت محدودة بل ويجب أن تمتلك حماس خياراتها لمواجهة الأزمة، وأهمها حشد قاعدة جماهيرية متوحدة الموقف في قطاع غزة لتشكل مؤتمرًا شعبيًا رافضًا لهذه الإجراءات وضاغطًا على رام الله لتتراجع عن إجراءاتها.
والخيار الثاني وفق الدجني هو خيار سحب الذرائع، فعلى حركة حماس حتى تنجح في تحقيق الخيار الأول أن تقدم على هذه الخطوة من خلال تجميد اللجنة الإدارية لتعرف حقيقة وجوهر وهدف عباس من هذه الإجراءات لتسد أمامه ذريعته التي يتحجج بها وهي حل اللجنة الإدارية.
ويلفت الدجني في حديث للرسالة، إلى أهمية التقاضي القانوني ورفع دعاوى قضائية في مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الحقوقية في رام الله والمجتمع الدولي، ومضى يقول: "إن على حماس ألا تقف وتتفرج، ويمكنها أن تنجز شيئًا لرفع الحصار من خلال الانفجار الشعبي"، متسائلاً عن دور الجاليات الفلسطينية والعربية للضغط على عباس.
وقال: "هذه الخيارات جميعها مجدية، خصوصًا الأداة الشعبية التي لم تستخدم بعد، فالفصائل منقسمة، ولم يبق إلا توحد الشعب في صف واحد للتعبير عن رأيه، وتحميل الاحتلال المسؤولية والوقوف صفًا واحدًا أمامه لأنه هو المسؤول عن كل ما وصلنا له".
خيارات ضيقة
وعن إمكانية لجوء الموظفين للقضاء للحيلولة دون تنفيذ قرار التقاعد المبكر، يوضح الباحث القانوني محمد صيام للرسالة، أن الخيارات القانونية ضيقة أمام حركة حماس، وأمام الموظف المتقاعد دولياً، فاللجوء إلى المحاكم الدولية أو حتى جامعة الدول العربية غير مجدٍ لأنها تتعامل مع دول، ولا تتعامل مع شعوب ومحكمة العدل الدولية قرارتها غير ملزمة لأي طرف".
وتابع صيام المختص في المركز الأرومتوسطي لحقوق الإنسان "الخيار القانوني الوحيد أمام الموظفين المتضررين الآن هو الضغط على المؤسسات الصديقة للشعب الفلسطيني، أو أن تطعن بقرار الرئيس من خلال رفع دعوى عن طريق محكمة العدل العليا في الضفة الغربية فقط".