استيقظ سكان قطاع غزة على فاجعة العملية الانتحارية التي نفذها أحد عناصر الفكر المنحرف في قوة أمنية على الحدود المصرية الفلسطينية، ليؤدي ذلك الى ارتقاء الشهيد نضال الجعفري الحافظ لكتاب الله وأحد أفراد النخبة القسامية التي شاركت في صد العدوان الأخير على غزة.
الجريمة أعادت للأذهان سلسلة طويلة من الجرائم التي ارتكبتها هذه العناصر، والتي تكشفت جزءًا منها وبقي مسدولا الستار على أشياء أخرى نجحت الأجهزة الأمنية في احباطها من مهدها، والتي كادت أن تسبب بحدوث فظائع لا تقل جرمًا عن هذه الواقعة.
مسلسل الصدام مع هؤلاء المنحرفين بدأت حلقاته الأولى عام 2008م ، عندما اختطفت مجموعة متشددة من أصحاب الفكر المنحرف باختطاف الصحفي الإيطالي فيتوريو أريغوني وقتله لاحقًا، قبل أن تتمكن الأجهزة الأمنية من محاصرة قتلته الذي كان احدهم اردني الجنسية.
وبعد رفض القتلة تسليم أنفسهم رغم المناشدات الكثيرة التي اطلقها ذويهم لهم في مكان محاصرتهم، اطلق احدهم ويدعى عبد الرحمن النار على الأجهزة الأمنية وزملاءه، ليلقى حتفه إلى جانب شخص آخر.
واستغلّ أصحاب الفكر المنحرف فترة الانقسام، ليختطفوا صحفيًا آخر قبل أن تتمكن الأجهزة الأمنية مجددا بالعمل على اطلاق سراحه.
وتجددّ الصدام الدموي مرة أخرى، عام 2009 عندما تحصّن بعضهم في مسجد ابن تيمية معلنين ما اطلقوا عليها بـ"دولة الخلافة"، وسرعان ما قتلوا القائد في كتائب القسام أبو جبريل شمالي الذي أراد التوسط لحل الازمة سلميًا، وهو أحد أبرز القيادات التي أشرفت على عملية أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط.
ولم يمر وقتًا طويلا حتى استعاد عناصر الفكر المنحرف عافيتهم مجددًا، ليخططوا لاستهداف شخصيات ومرافق عامة، وجرى احباط عدد كبير منها واعتقال جزء منهم، وشرعت المنظومة الأمنية ببرنامج استيعاب تربوي وفكري اشرف عليه كبار العلماء في القطاع.
ورغم استخفاف عدد من ذوي الفكر المنحرف ببرنامج التوعية لاصرارهم على تكفير أصحابه، الا أنه نجح في محطات مختلفة في استيعاب عدد منهم وإعادة احتضانهم مجددا، إلى جانب التمسك بسياسة اللين مع المتشددين منهم، تمسكًا في استيعابهم.
وسعى بعض المنحرفين للتخطيط مجددا باستهداف شخصيات ومرافق عامة، قبل أن تتم محاصرة أحدهم وهو يونس حنر قبل عامين في حي الشيخ رضوان، وبعدما رفض تسليم نفسه وباشر باطلاق النار على القوات الأمنية جرى اطلاق النار عليه ليلقى حتفه.
وبين فينة وأخرى تعمد بعض أصحاب الفكر المنحرف اطلاق صواريخ تجاه الأراضي المحتلة، للاضرار بفصائل المقاومة والدفع باتجاه اندلاع حروب جديدة في غزة، رغم رفض هذه العناصر الانخراط في أي عمل عسكري خلال الحروب التي شنّت على قطاع غزة.
وكشفت التحقيقات الأمنية بتورط عدد من هؤلاء الأشخاص مع جهات أمنية إقليمية وإسرائيلية وأخرى تابعة للسلطة الفلسطينية، كما وجرى القبض على عدد منهم بتهمة التجسس مع إسرائيل.
وامسكت التحقيقات بخلايا تورطت في اطلاق صواريخ تجاه الأراضي المحتلة، مدفوعة من جهات أمنية في رام الله، وأخرى لم تفصح عنها المصادر الأمنية لـ"الرسالة".
واحبطت التحقيقات خلايا خططت لاستهداف عناصر ومراكز أمنية قبل أيام عدة، كما أحبطت غيرها من المحاولات التي لم تفصح تلك الجهات عن فحواها.
وطبقًا لاعترافات قاتل الشهيد مازن فقهاء التي اطلعت عليها صحيفة "الرسالة" فإن الذي جنده شخص يدعى "احمد الكندري" منتحلا جنسية الكويت، وقال إنه داعم للجماعات السلفية، وبعد عشرة أعوام كشف القناع عن وجهه واخبره انه ضابط في الموساد وأن شخصًا آخر سيتواصل معه من الجهاز.
وتشير المعلومات الأمنية لـ"الرسالة نت" إلى أن أشخاصا اخرين مطلوبين للعدالة من أصحاب الفكر المنحرف، يعتقد أنه جرى تجنيدهم من ذات الشخص وهم الان بصدد البحث عنهم.
واحبطت الأجهزة الأمنية اختطاف رجل اعمال فلسطيني في غزة، جرى خطفه على يد متطرفين للمقايضة به بخمسين مليون دولار، قبل أن تتبع المباحث العامة اثارهما والقاء القبض على خاطفيه، وهم من أصحاب الفكر المنحرف.
بدوره، أكدّ الخبير في الشؤون الاستراتيجية الدكتور هشام مغاري، أنّ التنظيم أثبت أنه عبارة عن مجموعات مفككة تديرها الأجهزة الأمنية العالمية، مشيرا الى أن العديد من الشواهد اثبتت اختراق عناصر عديدة منهم مخابراتيًا.
وقال مغاري لـ"الرسالة نت" إنّ التنظيم مخترق من أجهزة أمنية مختلفة ومن بينها أجهزة امن السلطة ويدار عبر وسائل مجهولة.
وأوضح أن بيئة التنظيم تعدّ ساحة خصبة تلعب فيها أجهزة المخابرات في العالم.