بالتزامن مع الذكرى الثالثة لمعركة "العصف المأكول"، عمد جيش الاحتلال، قبل أسبوع، إلى تفكيك موقع "ناحل عوز" العسكري، الذي نفذ فيه أفراد من وحدة "النخبة" التابعة لكتائب القسام، عملية إنزال صيف عام 2014.
عملية "ناحل عوز" التي نشر القسام في وقتها مقطع فيديو يظهر اقتحام عناصر "النخبة" الموقع العسكري شرق حي الشجاعية عبر الأنفاق؛ وذلك لأول مرة في تاريخ الصراع، لا تزال أقدام "نخبة" القسام التي داست الموقع تدب الرعب في صفوف جنود جيش الاحتلال عند دخولهم، قبل تفكيكه.
جيش الاحتلال بتفكيكه الموقع يحاول مسح صورة جنوده وهم يتوسّلون لرجال "نخبة" القسام بعدم قتلهم، ليعيد الهيبة من جديد لجنوده، التي مزقها القسام في حرب "العصف المأكول".
عملية "ناحل عوز" ضربت الروح المعنوية وأربكت جيش الاحتلال، هذا ما أجمع عليه محللون وخبراء عسكريون في أحاديث منفصلة لـ "الرسالة نت"، لهذا أقدم على تفكيك الموقع من أجل إعادة الثقة لجنوده، بعد أن رفضوا الخدمة.
محو رمز الهزيمة
اللواء واصف عريقات وهو خبير عسكري، رأى أن جيش الاحتلال حاول من خلال تفكيك موقع "ناحل عوز" العسكري، محو الشاهد على هزيمة جنوده وإهانتهم.
وقال عريقات "إن هذا الشاهد يؤثر بشكل يومي ولحظي على معنويات الجبهة الداخلية وقيادات الجيش وجنوده، لذلك جاء القرار بتفكيكه، بعد أن أصبح رمزا للهزيمة".
وأوضح أن تفكيك الموقع جاء لرفض الجنود من الخدمة فيه، وخوفهم من تنفيذ المقاومة الفلسطينية عمليات أسر جديدة، بعد أن صبحت لديهم خبرة في الوصول إليه، واقتحامه.
وبيّن عريقات أنه من المحتمل أن يلجأ جيش الاحتلال إلى بناء موقع آخر قريب من "ناحل عوز" السابق، لكن بإمكانيات تكنلوجية وعسكرية عالية المستوى لحماية جنوده، وإعادة الثقة لهم من جديد.
ونوه بأن جيش الاحتلال يحاول في الفترة المقبلة الاعتماد على العنصر غير البشري، باستخدام الروبتات ومنظومات عسكرية متطورة وأجهزة أخرى يسيطر عليها عن بُعد؛ بهدف تقليل حالات الخطر على جنوده، الذين يخدمون على حدود قطاع غزة.
ورأى الخبير العسكري أن على المقاومة الفلسطينية في غزة، الاستفادة من لجوء الاحتلال إلى تفكيك الموقع في الخطط القادمة، وعدم الركون إلى الحرب النفسية والدعائية الإسرائيلية، التي يشنها من وقت لآخر.
ويتكون موقع "ناحل عوز" العسكري من البرج المحصن، والسور الأسمنتي، وغرف الإدارة والتحكم، حيث جهز بإمكانيات يمكّن الجنود بداخله من العمل باستقلالية، حيث حاولت القوة المهاجمة من كتائب القسام أسر أحد الجنود فيه، إلا أنها اضطرت لقتله، بحسب ما أظهر تسجيل الفيديو الذي نشرته كتائب القسام في حينه.
تفكيك الموقع عمل نفسي
أما اللواء يوسف الشرقاوي وهو خبير عسكري متقاعد، فاعتبر أن تفكيك موقع "ناحل عوز" "إجراءً نفسيا"؛ لتأثيره على معنويات الجنود، الذين كانوا متواجدين فيه، والمواقع القريبة منه.
وأوضح الشرقاوي أن الاحتلال أراد من تفكيك الموقع محوه من الذاكرة العسكرية للجيش، حيث أصبح يشكل "كي وعي" مزمن لجيش الاحتلال، حيث أصاب بالكآبة والإحباط، خاصة الجنود الجدد، مؤكدا أن تطور أداء المقاومة الميداني المتسارع أجبر الاحتلال على تفكيكه.
وأشار إلى أن تفكيك الموقع أصبح أمرا ملحّا؛ لما شكل من حالة إرهاق لقيادة المنطقة الجنوبية لجيش الاحتلال، إذا اعتبروا أنه من الواجب تفكيك هذا الموقع وإزالته عن الوجود لإعادة الثقة لجنوده، وليكون في طي النسيان للجنود الجدد من نفس الوحدة التي كانت متواجدة في داخله.
ولفت الشرقاوي إلى أن الجيش أصبح يرى أنه من الضرورة بناء موقع أكثر تحصينا وأمنا للجنود، مشيرا إلى أن الاحتلال كان يعتقد في السابق أن موقع "ناحل عوز" العسكري يمتاز بمواصفات دفاعية، إلا أن إصرار المقاومة الفلسطينية في غزة على اختراق دفاعاته والتوغل بعمقه لأسر الجنود، جعل الجيش يفكر بتفكيكه، وتركيب أجهزة نظام دفاعي تستخدم عن بُعد.
ومن وجهة نظر اللواء الشرقاوي، فإن عملية "ناحل عوز" التي نفذها رجال "نخبة" القسام أثرت بشكل كامل على نفسية جنود الاحتلال على حدود غزة، وأصبحوا يخشون من الخدمة في هذا الموقع، خوفا على تنفيذ المقاومة عمليات آسر منه.
وقال: "على المقاومة استغلال ضعف جنود الاحتلال، كون أنه لا يوجد في جيش الاحتلال مواقع عسكرية تقل أهمية من ناحية التحصين العسكري عن موقع ناحل عوز، وعليها استغلال الأمر لضرب مواقع آخري".
ومن الواضح أن جيش الاحتلال فكك موقع "ناحل عوز" العسكري بعد إدراكه أن الجنود يفرون من الخدمة في هذا المكان، ويقيمون فيه وهم في حالة رعب، وأيضا جاء جزاءً من توصيات لجنة التحقيق التي لم تنشر التقرير الكامل عن أسباب الفشل الإسرائيلي في العدوان الأخير على غزة.