قائمة الموقع

الجثامين المحتجزة.. قلوب أمهات انفطرت شوقاً لقبور أبنائها

2017-08-28T09:34:04+03:00
الضفة الغربية-مراسلتنا

حملت صورة ابنها الشهيد، احتضنتها بقوة، ربما كانت تتخيل مشهد احتضانها لجثمانه وهو يصل إليها ملفوفاً بعلم فلسطين، تشمّ جسده في لحظة الوداع الأخير، قبل أن تحتضنه الأرض التي عاش عليها ومات لأجلها.

هي أم الشهيد مهند أبو زور من مدينة نابلس، الذي ارتقى عام 2002 خلال اشتباك مسلح مع قوات الاحتلال في معسكر "شافي شمرون" قرب جنين.

عن حادثة استشهاد مهند تقول الأم المكلومة مرتين، الأولى باستشهاده والأخرى باحتجاز جثمانه: "اشتبك مهند مع قوات الاحتلال في المعسكر، قاوم حتى الرمق الأخير، وبعد أن عجزوا عن قتله أو إيقافه، قصفوه بالطائرات".

تنظر لصورته قبل أن تتابع حديثها "للرسالة نت":" كان عمره حين استشهد 18 عاماً، خطفوا جثمانه منذ ذلك الوقت، لا نعلم هل هو بالثلاجة أم في مقابر الأرقام".

وأضافت: "نحن لا نسكت عن حق أولادنا، نريد أبناءنا، نريد الحرية لجثامينهم، وندفنهم حسب شريعتنا وديننا، رفعنا عدة قضايا في محاولة لاسترداده، ولم يتم الرد علينا بأي شيء".

 لم تستطع حبس دموعها، فجرحها الغائر ما زال مفتوحاً كلما تحدثت عن صغيرها الشهيد، وتقول قبل أن تمسح دموعها:" احتجاز الجثامين عذاب للأمهات فقط، وليس أكثر، فالشهيد عند ربه ولا يضره ماذا فعلوا بجسده بعد استشهاده".

وكانت قوات الاحتلال قد اعتقلت اثنين من أشقاء مهند بعد استشهاده، وهدمت منزل عائلته عام 2003، قبل أن تعيد العائلة بناءه.

ورغم بناء المنزل من جديد، لم تستطع الأم البقاء في المكان الذي كبر فيه مهند، باعت منزلها وانتقلت للسكن في مكان آخر.

"ألم احتجاز الجثامين لا تمحوه الأيام، ولا يندمل جرحه حتى لو مرّت عشرات السنين"، كلمات عبّرت فيها "أمل عملة" عن شوقها لوالدها الشهيد، عبد العزيز عوّاد عملة، الذي استشهد عام 1970م، وكانت حينها لا تتجاوز العامين.

تقول أمل لـ"الرسالة نت": "رحل والدي خلال اشتباكه وعدد من المجاهدين مع الاحتلال في منطقة الأغوار الشمالية، استشهدوا حينها، واحتجزت جثامينهم.

وتضيف: "قتل والدي ومن معه عدداً من الجنود، وعلمنا تفاصيل الحادثة قبل ثلاث سنوات فقط، بعد أن أفرج عن أسير من سجون الاحتلال كان شاهداً عليها".

وأشارت إلى أن تفاصيل استشهاده وفقدانه ظلّت مجهولة بالنسبة لنا حتى سمعناها من أسير محرر من سجون الاحتلال.

وللشهيد عملة خمسة أبناء، أصغرهم كان جنينا في رحم أمه عند استشهاد والده.

وتقول أمل: "والدي شهيد، ومكانته محفوظة مهما كانت ظروف دفنه واحتجازه، لكن ينقصنا الشعور بوجود قبر لوالدي، نزوره وندعو له ونحن نحتضن تراب قبره".

تذرف دموع الشوق لأب لم تعلق في ذهنها صورة له، وهو من رحل باكراً عنها وعن أشقائها، وتقول: "كان والدي قائداً ومجاهداً قوياً، حارب الاحتلال كثيراً، وشارك بعدة معارك، وكان مطارداً في آخر أيامه".

وطالبت عملة المؤسسات الحقوقية، بالعمل على استرداد جثمان والدها وجثامين الشهداء المحتجزين.

من ناحيته، قال ساهر صرصور، من مركز القدس للمساعدة القانونية، إن قوات الاحتلال تحتجز أكثر من 249 شهيدا وشهيدة في مقابر الأرقام.

وأشار في حديثه لـ"الرسالة نت" إلى أن قوات الاحتلال تحتجز 10 شهداء في الثلاجات، وهم ممكن استشهدوا خلال السنة الأخيرة، وأقدمهم رامي عورتاني من نابلس، الذي استشهد بتاريخ 31/ 7/ 2016م على حاجز حوارة جنوب نابلس خلال محاولته تنفيذ عملية طعن.

وبحسب ما توثقه بيانات مركز القدس، أشار صرصور إلى وجود أكثر من 69 مفقوداً، فقدوا إما في معارك مع الجيش الإسرائيلي، أو خلال دخولهم للأراضي المحتلة عام 48، وهم مفقودون من الفترة الممتدة من عام 67 19وحتى الانتفاضة الأولى.

وعن حالة الجثامين التي يتم الإفراج عنها واستردادها، قال:"يتم احتجاز الجثمان في الثلاجة بدرجة حرارة 70 تحت الصفر، ويكون بحالة تجمد كبيرة، وبعض الجثامين لوحظ عليها علامات تنكيل قبل وبعد الاستشهاد.

وذكر أن أحد الشهداء الذي استرد جثمانه من مدينة نابلس، كان يبدو كأنه وضع في ثلاجة أصغر من حجمه، فتم تجمد جثمانه وقدماه مرفوعتان، وتم محاولة تعديل وضع الجثمان بتركه 12 ساعة بعد الافراج عنه.

اخبار ذات صلة