أزمات الحصار تكدر فرحة عيد الأضحى بغزة

ارشيفية
ارشيفية

غزة-محمد شاهين

على غير العادة، يخلو فناء منزل "زكريا صلاح" من كبش العيد، فلطالما اعتاد أن يشتري خروفين على الأقل ليحسن إطعامهم قبل حلول عيد الأضحى بعشرة أيام ليذبحهما مع بلوغ يوم النحر بعد أن يؤدي صلاة العيد برفقة صغار العائلة.

عيد بلا خروف

يخبر صلاح الذي يعمل موظفاً في سلطة رام الله "الرسالة نت" بأن العيد المقبل هو الأول منذ 20 عاماً، الذي تضطره الظروف الاقتصادية المتردية على عدم شراء أضحية، ليعيش برفقة صغاره فرحة منقوصة الأركان، بعد أن أكثروا عليه الأسئلة عن الخروف الذي يمثل لهم أكبر طقوس العيد.

حال صلاح، ينطبق على آلاف العائلات الفلسطينية بقطاع غزة، الذين يكابدون أوضاعاً متردية نتيجة الحصار "الإسرائيلي" والذي اشتركت فيه سلطة رام الله بقيادة رئيسها محمود عباس، لتسرق الظروف البائسة، الفرحة من شوارع المدينة المحاصرة التي لطالما صنعت لها فرحاً من بين ركام منازلها المدمرة.

وفي جولة "للرسالة"، بين أحواش المواشي على الحدود الشرقية لمدينة غزة، اشتكى عدد كبير من تجارها، من حالة الكساد التي يشهدها موسم رزقهم الأكبر، ما يكبدهم خسائر مالية فادحة، وفي هذا السياق، اضطر التاجر محمد نصر، إلى تخفيض الأسعار في سبيل تصريف المواشي التي اشتراها، وبالرغم من ذلك لم يبع نصفها، ما خلق له أزمة يصعب التغلب عليها بسهولة، حيث يحمل أزمة الكهرباء والرواتب التي تشهدها غزة المسؤولية عن ذلك.

ولم يقبل "نصر" في حديثه مع الرسالة نت أن يقارن مبيعات الأضاحي لهذا العام بالأعوام السابقة، بعد أن أخبرنا أنه لا يوجد "أي وجه شبه"، من حيث عدد المشتركين في حصص "العجول" أو حتى عدد الزائرين للمزرعة، متمنياً ألا يقع في ورطة تنهي تجارته بشكلٍ نهائي.

الأسواق أيضاً!!

ولا تقتصر حالة الكساد المخيفة التي تستبق العيد، على الأضاحي وتجارة المواشي فقط، فالمتأمل بأسواق غزة، يجدها شبه فارغة من المشترين.

وفي جولة سريعة "للرسالة نت" بسوق الشيخ رضوان بمدينة غزة، يخفض خالد القصاص بائع ملابس، ثمن "البلوزة" إلى 5 شواكل بغية ترغيب المشترين، إلا أن التنازل في الأسعار لم يسعفه لترويجها، وعن ذلك يقول "خلال المواسم الماضية، لم أبعها بأقل من 15 شيكل، إلا أن قلة المشترين، جعلتني أبيعها بمخسر، خوفاً من خسارة ثمنها بالكامل".

ورغم تردد القصاص البائع الجائل على السوق منذ ساعات الصباح الأولى، إلا أن مجموع ما يبيعه بكامل اليوم لا يبلغ عدد مبيعات ساعتين خلال المواسم السابقة-وفق قوله-، ما خلق له حالة من الإحباط، نتيجة عدم مقدرته جمع مصاريف العيد لعائلته.

ويقابل القصاص، محلاً تجارياً لبيع الأدوات المنزلية، يؤكد صاحبه "محمد علاء" للرسالة أن تجارته تلاقي خسائر كبيرة، بعد أن أزاحها الناس من سلم الأولويات، وأصحبت فقط تباع للهدايا بصورة قليلة وغير دائمة".

وعن موسم العيد، يكشف لنا علاء شيئاً من تفاصيل تجارته الكاسدة، بحيث لم تكن مبيعاته خلال الأعوام السابقة تنزل عن ال 4000 شيكل، إلا أنه لا يحصل ربعها خلال هذا الموسم، ما يجعله يعيش كابوساً اقتصادياً يخشى فيه الخسارة. ويتذيل السوق من الجهة الشرقية بائع العطارة "أبو صالح"، الذي قال "للرسالة" "إن بيع مستلزمات الكعك والمعمول، يشهد تراجعاً غير مسبوق، بعد أن عزف معظم زبائنه الدائمين عن صنعها كما المعتاد، والذين أخبروه بأن الحالة الاقتصادية الصعبة تمنع ذلك".

المواطنة غدير خليل قالت " لم أشتر لأطفالي الأربعة أي ملابس سواء لعيد الأضحى أو للمدرسة، وحتى هذا اليوم أذهبتهم بملابسهم شبه المتهرئة، نتيجة كثرة الالتزامات الملقاة على عاتق زوجي الذي يعمل سباكاً، وبالكاد يستطيع أن يوفر لنا طعام اليوم".

وأضافت صاحبة الأربعين عاماً" حتى الجمعيات الخيرية، التي كانت تتفقدنا، قبل الأعياد والمواسم الدراسية، لم تطرق بابنا لمساعدتنا لتخطي الأزمة، ما جعل أطفالي يعيشون ظروفاً بائسة ومتردية انعكست بالسلب على حالتهم النفسية".

وفي نهاية الحديث تضحك الأربعينية حين تحكي: "شكلوا النحاسة كمان راح تصيب لحمة العيد، ومش راح نشوفها مع الفقر اللي ماكل الناس".

البث المباشر