للعام الثالث على التوالي، تحرص عائلة الحاج مأمون مصلح من مدينة نابلس شمال الضفة المحتلة، على تسجيل اسمها في مشروع الأضاحي في استراليا، الذي يتم عن طريق جمعيات خيرية.
فمع اقتراب عيد الأضحى المبارك، يتجه الحاج مأمون لمقر إحدى الجمعيات المشرفة على مشروع الأضاحي، لاغتنام الفرصة، في ظل غلاء أسعار الأضاحي في السوق الفلسطينية.
وتقوم بعض الجمعيات والهئيات الخيرية في الضفة بتوفير فرصة لذبح الأضاحي في أستراليا، من خلال تسجيل الاسم ودفع رسوم بقيمة (500 شيكل)، ليتم ذبح الأضحية في المزارع الأسترالية، وعلى الطريقة الإسلامية، وبأيدي مسلمين.
يقول الحاج مأمون لـ"الرسالة":"جاء هذا المشروع نجدة لنا لكي لا ننقطع عن سنة الأضحية كل عام، في ظل ارتفاع أسعار الأضاحي واللحوم بشكل غير مسبوق في السوق المحلي".
وذكر أنه انقطع عن ذبح الأضاحي لعدة سنوات، لعجزه عن توفير ثمنها.
وأضاف:"يصل سعر الأضحية هنا يصل لأكثر من ألفي شيكل، بينما نستطيع الحصول على أضحية استرالية بـ500 شيكل".
ويبدأ جمع أسماء الراغبين بالتسجيل بمشروع الأضاحي الاسترالية قبيل عيد الأضحى بأيام ويستمر حتى اليوم الثاني من عيد الأضحى، بحسب إبراهيم الراشد مدير مكتب هيئة الأعمال الخيرية- أستراليا، ومقرها جنين.
وأوضح الراشد في حديثه لـ"الرسالة" أن الهيئة تعمل في مشروع الأضاحي في أستراليا منذ عام 1989م، مضيفا:"أستراليا تتمتع بثروة حيوانية وفيرة ورخيصة الثمن".
وتابع:"الأضاحي في الوطن العربي، وخصوصاً في فلسطين غالية جداً، من هنا جاءت الفكرة، بفتح المجال أمام الناس لتضحي من خلالنا، ونحن جهة وهيئة خيرية معترف بنا ومسجلة".
وتعود الأضاحي كاملة لأصحابها، وهناك من يتبرعون فيها لمناطق الفقر والكوارث، وفق الراشد.
ومنذ نحو ثلاث سنوات، بدأت الهيئة الخيرية بالترويج للفكرة بشكل أوسع في فلسطين، نظراً لارتفاع أسعار الأضاحي، وعدم تمكن الكثيرين من التضحية لهذا السبب.
وأشار الراشد إلى أن الهيئة تعاقدت مع عدد من الجمعيات في مختلف مناطق الضفة، لتسجيل الراغبين بتقديم الأضاحي من خلالها، بحيث تعود الأضحية لأصحابها بعد الانتهاء من عمليات التخليص والشحن.
وقال:"مشروعنا يشجع على أداء سنة الأضاحي، خاصة لمن لا يستطيعون دفع ثمن الأضحية هنا، فقد أقمنا الحجة بتوفير أضحية بسعر رخيص جدا".
وفي حديثه عن الجانب الشرعي في الأمر، قال:"التوكيل جائز شرعاً في قضايا البيع أو الزواج، وكذلك الأضحية، فليس من الشرط رؤية الأضحية، ومثال ذلك الأضاحي بالحج، وبالتالي، الفكرة هي توكيل بالأضحية".
وبيّن الراشد أن المشروع قائم تحت إشراف علماء مسلمين يشرفون على الذبح، وأن الذبح يتم بأيدي مسلمين وبآلة السكين، وقال:"هذا الأمر فيه شهادات تسمى "شهادات حلال" من المصدر".
ومضى بالقول:"المسألة الشرعية واضحة جداً، ونحن من طرفنا، لمزيد من الاطمئنان، حصلنا على فتوى من دائرة الإفتاء الفلسطيني، إضافة لفتوى من الشيخ عكرمة صبري، ومن الشيخ حسام الدين عفانة رئيس قسم علوم الدين في جامعة القدس أبو ديس".
وتابع:"من يشرف على الأمر في أستراليا علماء وجهات ذات ثقة، إضافة إلى من يشرف عليه هنا في فلسطين".
وتجمّد لحوم الأضاحي على درجة حرارة 21 درجة مئوية تحت الصفر، وتصل للمستهلك بمدة من 50- 60 يوما، وقد يصل أقصاها لثلاثة شهور.
ولا يقتصر الذبح على الأضاحي، حيث تندرج العقيقة أو النذر أو الفدو أو الصدقة ضمن هذا المشروع، فأي شكل من أشكال الذبح على الشريعة يمكن أن يتم من خلال هذا المشروع.
وأوضح:"يمكن أن تكون العقيقة في أوقات أخرى من العام، لكن حاليا نحرص على توفيرها في موسم أضاحي العيد، لضمان وجود كميات كافية وكبيرة يمكن شحنها، وقال:"نحجز كونتينر كامل عند الاستيراد،
وأضاف:"نستثمر فترة عيد الأضحى لتوفير الذبائح على اختلافها، عقيقة أو غيرها، فاستيراد الذبائح في أوقات أخرى من العام، بحاجة لدراسة وجهد وعمل متواصل وعلى مستوى كبير، وكلما توفرت كمية كونتينر كامل بحوالي 25 طن، يمكن استيرادها".
وعن تقبل المواطنين لفكرة الأضاحي بالخارج، قال:"كل فكرة جديدة تبدأ بالتشكيك والتساؤل، الناس بطبعهم يريدون معرفة التفاصيل وطبيعة اللحوم، وهذا حقهم، لكن طبيعة الكثيرين منهم تشكك قبل أن تصدق".
وتابع:"نحاول توضيح الفكرة للناس بأن أضحيتك تعود لك لبيتك، لتعزيز عامل الثقة، ونحن كهيئة خيرية ليس هدفنا من مشروع الأضاحي جمع اللحوم للتبرعات، فالأضحية تعود لصاحبها".
ويصل وزن الأضحية الأسترالية من 50-60 كغم وأكثر، بحيث تصل اللحوم لأصحابها مسحّبة من العظام، ومغلفة ومفرغة من الهواء، ويصل وزن الحصة الواحدة منها من 18-20 كيلو، أو من 20-22 كيلو من اللحم.
وأشار الراشد إلى أن اللحوم تخضع لرقابة صحية شديدة وتمر عبر آليات ومسالخ مرخصة، ولمراحل تنظيف وتعقيم وتفريغ من الهواء، فهو يتم في مصانع بدولة لا تسمح بأي خلل بثروتها الحيوانية.