عثمان: الخليل تعيش المرحلة الأخطر في حقبة الاستيطان "الإسرائيلي"

ارشيفية
ارشيفية

غزة-حاوره محمد شاهين

حذر الخبير في شؤون الاستيطان عثمان أبو صبحة من القرار السياسي الأخير لحكومة الاحتلال "الإسرائيلي"، القاضي بمنح مستوطنات البلدة القديمة بمدينة الخليل إدارة شؤونهم البلدية، واعتبر ذلك تطوراً خطيراً بتاريخ احتلال المدينة.

وقال أبو صبحة في حوار مع صحيفة الرسالة، أن الاحتلال يسعى إلى سلخ أحياء عربية داخل محافظة الخليل عن محيطها، ومنح المستوطنين صلاحيات خطيرة تحدث للمرة الأولى بتاريخ الاستيطان، تتمثل بالتضييق على الفلسطينيين بفرض الضرائب ومنعهم من البناء، ناهيك عن تثبيت المحاولات القديمة لإيجاد ترابط جغرافي بين البؤر الاستيطانية والمسجد الإبراهيمي ومستوطنة "كريات أربع" على أنقاض أحياء فلسطينية واسعة.

وأكد الخبير في شؤون الاستيطان، أن الاحتلال نكث الاتفاقية التي وقعها مع السلطة الفلسطينية عام 1997، بشأن الانتشار الجزئي لجيش الاحتلال الإسرائيلي في الخليل، وقُسّمت المدينة بموجبه إلى قسمين: منطقة (H1) التي تم تسليم السيطرة عليها للسلطة الفلسطينية، ومنطقة (H2) التي بقيت تحت سيطرة جيش الاحتلال ومن ضمنها البلدة القديمة ويمثل سكانها نحو 20% من عائلات مدينة الخليل.

وبين أن دوريات الاحتلال وحواجزه الأمنية التي تخطت 127 حاجزاً في المحافظة، جعلت السيطرة "الإسرائيلية" متغلغلة على كافة أحياء المحافظة، مع إبقاء الوهم لأجهزة السلطة الأمنية، التي حجمت دورها في مراقبة دوريات جيش الاحتلال دون أن تحرك ساكناً.

المحافظة المنكوبة

ويصف أبو صبحة الوضع المعيشي بالخليل جراء مخططات "الاستيطان "الإسرائيلي" التي تفترس أراضيها وتنغص على مواطنيها، بــــ "المحافظة المنكوبة".

ويوضح أن 250 ألف مواطن فلسطيني سيعيشون تحت سيطرة الاحتلال إذا ما تم منح المستوطنين إدارة حكم محلي، محذراً من تضاعف العدد مع مرور الوقت إلى أن يصل إلى القضاء على الخليل، بحيث يسابق الاحتلال الزمن في بناء المستوطنات، وزيادة عدد الحواجز، بهدف تقليص الوجود الفلسطيني.

وعن المتضرر الأكبر، يشير أبو صبحة إلى أن البلدة القديمة التي تتوسط مدينة الخليل ومواطنيها، نالت النصيب الأكبر من انتهاكات المستوطنين، إذ يعمد المستوطنون فيها إلى إلحاق الأذى والضرر بالسكان، ما اضطرهم إلى إحاطة منازلهم بالأسلاك الشائكة منعاً لوصول المستوطنين إليها.

ويرى أن المخططات "الإسرائيلية" التي تستهدف البلدة القديمة، بدأت تأتي أُكلها، بحيث بدأ الاحتلال بتغير معالم البلدة التاريخية، وغيّر أسماء ومخططات أحيائها وشوارعها، وزاد من التنغيص على سكانها، لإجبارهم على الهجرة الطوعية منها في سبيل جعلها منطقة خالية من الوجود الفلسطيني.

ومن المعالم التاريخية الفلسطينية التي تستفحل الانتهاكات "الإسرائيلية بها، وفق أبو صحبة، مدرسة أسامة التاريخية، وحي تل رميدة الذي يعيش سكانه حالة من الجحيم بعد انقطاع الاحتياجات الضرورية لمعيشتهم، وسوق الخضار القديمة، والحرم الإبراهيمي الذي تحيط بكامل نوافذه قوات الجيش "الإسرائيلي".

قضية عادلة ومحامٍ تعبان

ومع تواطؤ الأنظمة العربية والمنظمات الإسلامية بعدم حماية محافظة الخليل وسكانها، وتقصيرها بأي تحرك رادع للاحتلال على المستوى الدولي من أجل وقف الانتهاكات الخطيرة، التي طالت كافة معالم الحياة في المحافظة، شبه أبو صبحة مدينة الخليل بالقضية العادلة، وهذ الأنظمة بالمحامي التعبان الذي لا يقدر على تقديم أي دور بالدفاع عنها.

ويبين أن اتفاقية أوسلو الهزيلة، أولى النكبات التي حلت بالخليل وكافة أرجاء الضفة المحتلة، بعد أن تركت للجيش الإسرائيلي حرية التنقل في كافة في أحيائها تحت ذرائع أمنية، مع غياب الدور المؤثر لقوات الأمن الفلسطينية، ما جعل الأرض والسكان فريسة سهلة للاحتلال.

ويؤكد أن نسبة الاستيطان بمدينة الخيل تضاعفت بعد توقيع اتفاقية أوسلو إلى أكثر من 100% ولا تزال عجلته تدور، ويوضح إلى أن استيطان مدينة الخليل الأخطر بين باقي مدن الضفة والقدس المحتلتين، وذلك بسبب أنه يقبع في قلب ونواة المدينة ويتوسع بجميع أحياء المحافظة ما ينذر بضم كافة المحافظة للسيطرة "الإسرائيلية" على غرار المخططات الأخيرة.

ومع أن بوادر الحلول غير ظاهرة في الأفق القريب، إلا ان أبو صبحة يؤكد أن المخرج الوحيد من الحالة الراهنة، هو قدرة الشعب الفلسطيني على ردع المستوطنين وقوات الاحتلال بمدنية الخليل وقلب الطاولة على مخططاتهم، إلا انهم يحتاجون إلى دعم عربي لإحياء المقاومة مع رفع السلطة يدها الثقيلة عنهم.

وسبق وأصدرت سلطات الاحتلال مطلع الشهر الحالي قرارًا يُتيح للمستوطنين المستولين على أحياء وسط البلدة القديمة المعروفة بمنطقة (H2) في الخليل حق تشكيل مجلس بلدي يمنحهم الخدمات الحياتية في المجالات المختلفة.

 


 

البث المباشر