قائمة الموقع

"السلطان" صياد يفتقد "طائر السمان" منذ 3 أعوام

2017-10-04T14:18:26+03:00
عدسة خالد مهنا
غزة-محمد شاهين

أقصى شمال غزة، وبالتحديد بالقرب من السلك الشائك الذي يفصل قطاع غزة عن الحدود مع الاحتلال "الإسرائيلي"، يتخذ الحاج فكري أبو سلطان وزوجه من تلة ترتفع عن شاطئ البحر بأمتار قليلة مكاناً لصيد طائر "السمان" المعروف باسم "الفر" بين أهل المدينة المحاصرة.

منذ ما يزيد عن العقد والنصف من الزمان، انتقل الصياد العجوز فكري أبو سلطان المولود عام 1945م، من صيد الأسماك، إلى صيد "السمان" الذي يحل ضيفاً مهاجراً إلى قطاع غزة بعد أن يشق طريقه قادماً من وراء بحرها، خلال شهر سبتمبر، ثم يعود أدراجه قبل مجيء موسم الأمطار بقليل.

للوهلة الأولى، حين تشاهد عجوزاً تجاوز عمره السبعين بثلاثة أعوام وزوجه يجلسان حول نارٍ أوقدها قرب الشاطئ لن يقتحم ذهنك فكرة، أن هذين قد قصدا المكان من أجل لقمة العيش، بل كل ما يكون تفكيرك أنهما هربا من ضجيج المنزل للترويح عن النفس بمساعدة أحد أحفادهم.

صباح الأحد الماضي قصدت "الرسالة" شاطئ البحر لإعداد قصة عن موسم صيد الطائر الذي ذكر في القرآن الكريم ثلاث مرات، وبعد السير مسافة طويلة تجاه شمال غزة، اقتربنا من شباك ذات لون شفاف، منصوبة بإحكام يتوسطها الحاج فكري وزوجه.

يحدثنا عن طريقة صيد "السمان" التي ورثها عن الأجداد، إذ تحتاج إلى شباك ناعمة وضيقة، وذات لون شفاف، حتى لا يستطع الطائر رؤيتها بسهولة ويقع فريسة سهلة بداخلها، فهي تنصب بشكلٍ عرضي على منطقة ترتفع عن الشاطئ بقليل.

يتكئ صاحبنا العجوز بالقرب من النار لتعد زوجته وجبة الإفطار، ويكشف أن "السمان لا يحتاج إلى مهارة إذا ما نصبت شبكاه بالشكل المطلوب، بحيث يقطع هذا الطائر مسافات كبيرة قادماً من البحر للوصول إلى الشاطئ، ما يجعل وقوعه في الشباك أمراً سهلاً نظراً للمجهود الذي بذله خلال هذه الرحلة الطويلة، إلا أن وصوله ينحصر في ساعات الصباح الأولى وحتى طلوع الشمس، وبعد ذلك يبقى مختبأ في الأماكن المنخفضة.

وعن كمية الصيد، يقارن السبعيني بين الأعوام البعيدة والقريبة التي عاشها في صيد السمان، إذ كانت تقتحم هذه الطيور شباكه كالغمامة خلال موسمها، إلا أنها بدأت بالانقراض التدريجي ليقل صيده عن الثلاثة أزاوج خلال هذا الموسم، وكانت تتجاوز الـ 100 زوج في الماضي.

ورغم المشقة التي يبذلها الزوجان منذ بداية يومهم، إلا أنه يبقي على أمل اصطياد سرب أو عدد وافر من "السمان"، ما سيحسن من ظروفه الاقتصادية المتردية التي يعيش بها، ويخبرنا بأن ثمن الزوج الواحد يصل إلى 20 شيكلا، ويقصده عدد الكبير من الناس لشرائها، إلا أن الوضع الحالي جعله يعتذر لهم باستمرار عن توافرها.

ومع انتهاء يوم الصيد الذي رافقنا فيه الحاج المهجر من مدينة الخليل، لم يتمكن من صيد ولو طائر واحد، بحيث غادر مكانه بعد اخبارنا بأنه سيعود في اليوم التالي متسلحاً بالأمل، ليرفع شباك الصيد كي لا تبقى تحتك في الرمال، ويسلك طريقه وزوجته إلى المنزل راكبا حماره.

ويعتبر "السمان"، من الوجبات الشهية على موائد الغزيين، بحيث يتم طهوه بعدة طرق، أبرزها الشواء، والطهي مع الأرز، وله فوائد صحية متعددة إذ يحتوي لحم السمان على دهون بسيطة وقليلة بالمقارنة مع الطيور الأخرى، ممّا يدل على أنّ لحمه قليل الكولسترول؛ لذلك فهو مناسب لمرضى القلب، ويحتوي أيضاً على عناصر غذائية وصحية مفيدة لجسم الإنسان منها: الكالسيوم، والحديد، والفسفور، والزنك وبعض الفيتامينات مثل: فيتامين أ، وفيتامين ب، وفيتامين ج.

اخبار ذات صلة