ضعف الدولار مستمر.. هل نحن أمام مستويات ثابتة؟

غزة-أحمد أبو قمر

تراجع سعر صرف الدولار أمام الشيكل منذ مطلع العام 2016 وحتى الأيام الجارية بما يزيد عن 10% من قيمته، حيث يقترب التداول في حدود هذا السعر على العامين دون ارتفاع سعر العملة الأمريكية مجددا.

وحافظ الشيكل على قوته أمام العملة الخضراء، فمعدلات النمو المرتفعة لدى دولة الاحتلال، والأرقام الاقتصادية الجيدة جعلت من الشيكل مستندا قويا يقف في وجه الدولار الأول عالميا.

وبالعودة لتقلبات الدولار خلال الأعوام الماضية، لامس سعر صرفه أمام الشيكل في صيف 2004، خمسة شواكل للدولار، ولكن سرعان ما تراجع إلى 4.3 شيكل للدولار، وهو السعر الثابت الذي استمر لقرابة ثلاث أعوام.

وفي عام 2008، هبط سعر الدولار إلى مستويات 3.2 شيكل للدولار، وبعدها بدأ يرتفع وفي غضون عامين بدأ يتراوح سعره ما بين (3.75-3.95) شيكل للدولار.

دعوة لتدخل بنك اسرائيل

الملحق الاقتصادي "مامون" في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ذكر أن الصناعيين (الإسرائيليين) يشتكون من انخفاض الدولار، ويقولون إنهم "على شفا كارثة" إذا لم يتم التدخل فورا من أجل وقف تدهور الدولار.

وقال "مامون" إن التخوف الأكبر لدى الصناعيين هو اضطرارهم لوقف خطوط انتاج في العديد من المصانع، بعد أن يتبين لأصحابها أن المردود المالي بالشيكل لن يغطي كلفة الانتاج للتصدير، ما سيتسبب لهم بخسائر فادحة.

وإغلاق خطوط انتاج سيعني بالضرورة فصل عمال من هذه المصانع. لذا يطالب الصناعيون بالعمل على رفع سعر صرف الدولار 5% في الفترة القريبة، ثم الاستمرار في الاجراءات، حتى يرتفع بالمجمل بنسبة 10% -أي العودة إلى مستويات محيط 3.8 شيكل للدولار-.

وكان "بنك إسرائيل" قد حدد سابقا مستوى صرف الدولار عند 3.8 شيكل بأنه "المستوى الذي يستطيع الصناعيون والاقتصاد الإسرائيلي تحمله".

ووفق "مامون"، فإن التقديرات (الإسرائيلية) تشير إلى احتمال استمرار تراجع سعر الصرف أمام الشيكل، على ضوء "جودة أوضاع الاقتصاد الإسرائيلي"، وأيضا بسبب تراجع قيمة الدولار في الأسواق العالمية.

وتجدر الإشارة إلى أن ما ينطبق على الاقتصاد (الإسرائيلي) ينعكس على نظيره الفلسطيني، كون العملة التي يتعامل بها الفلسطينيون هي الشيكل (الإسرائيلي).

وتشكل المبيعات الخارجية ثلث الناتج المحلي الاجمالي (الاسرائيلي). ومع ارتفاع العملة المحلية بصورة سريعة جدا يفقد الاقتصاد الآلاف من وظائف التصنيع وهو ما يدفعها إلى الركود.

وكان تجار العملة قد اتجهوا بقوة في الأشهر الأخيرة إلى شراء الشيكل، نتيجة شعورهم بأن الوقت قد حان كي يكف البنك المركزي عن ابقائه ضعيفا بصورة مصطنعة من خلال برنامج شراء عملات أجنبية لثمانية أعوام، وهو ما دفع الشيكل للقوة.

وجاءت "موجة المضاربة"، كما وصفها البعض من مسؤولي "بنك إسرائيل" في أعقاب نمو هائل شهده العام الماضي والجاري، مع شعور التجار بأن صناع السياسة قد يضطرون إلى التراجع عن شراء الدولار بعد اقترابه من الحدود التي حددها البنك لموجوداته منه.

ووصلت الاحتياطيات إلى 103 مليارات دولار في شهر مارس الماضي والحد الأعلى هو 110 مليارات دولار.

وكان وزير مالية دولة الاحتلال موشيه كحلون قد عقد قبل أسبوعين اجتماعا طارئا بمشاركة عدة أطراف ذات علاقة، بينهم ممثلو اتحاد الصناعيين، للبحث في وضعية الدولار واليورو أمام الشيكل، إلا أنه لم تذكر وسائل الإعلام (الإسرائيلية) ما تمخض عن ذلك الاجتماع.

 مضاربة أم قوة

بدوره، قال المحلل الاقتصادي (الإسرائيلي) ميكي بيليد، إن أحد الأسباب الحديثة لتراجع الدولار، هو عدم وضوح مستقبل الاقتصاد الأميركي، في فترة الرئيس دونالد ترامب، إذ أن الانطباع الناشئ هو أن ترامب يقود الاقتصاد نحو نقاط خطرة لاستقرار الاقتصاد.

وأضاف بيليد أن رفع الفائدة البنكية الأساسية في الولايات المتحدة الأميركية إلى مستوى 0.25%، هو أيضا لم يساعد على رفع مستوى الدولار، رغم أن الفائدة في دول أوروبا المتطورة وأيضا في (إسرائيل) ما زالت تلامس الصفر بالمئة.

ويرى "بنك إسرائيل" أنه كان يجب رفع احتياطي الدولار من أجل أن يكون ملائما لحجم النشاط الاقتصادي الإسرائيلي في الأسواق العالمية، إلا أن البنك استخدم شراء الدولارات من أجل محاربة وقف تراجع سعره.

موقع "كالكاليست" الاقتصادي (الإسرائيلي) كتب: "هذه الأرقام المذهلة تدفع للاستغراب، لاسيما وأن الدولار تعاظم أمام اليورو وباقي العملات الأجنبية، بما بذلك في أعقاب خطاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الكونغرس مؤخرا، والذي تعهد خلاله بتقليصات كبيرة في الضرائب واستثمار عام واسع في البنية التحتية".

وأضاف: "لذلك فإن السؤال الرئيسي الذي يفرض نفسه الفترة الأخيرة، لم يتوقف خلالهما الشيكل عن الارتفاع أمام الدولار واليورو، حتى في وقت يرتفع فيه الدولار نفسه أمام اليورو- لماذا يحدث ذلك؟".

وتابع الموقع العبري: "هل يدور الحديث عن نشاطات قصيرة المدى لمضاربين أجانب جاءوا للتلاعب بالعملة المحلية، أم أن تزايد قوة الشيكل هو نتيجة لاقتصاد مستقر ينمو جيدا، لذلك فإنه أكثر جذبا للمستثمرين الأجانب".

وأكد أنه بشراء "بنك إسرائيل" نحو مليار دولار خلال الفترة الماضية، لإظهار جديته في تهدئة ارتفاع سعر الشيكل، فإن الاحتياطي النقدي الأجنبي للبنك بات يزيد عن 103 مليار دولار.

ووفق تقارير اقتصادية، فإنه إلى جوانب العوامل القائمة في الاقتصاد (الإسرائيلي)، فإن سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تلعب دورا مهما في وضعية سعر الدولار في الأسواق العالمية، لتنعكس مباشرة على سعر الصرف أمام الشيكل.

البث المباشر