ينهمك محمد الجلاد المرشد السياحي بمدينة القدس بترشيد المتصوفين الى الزاوية الأفغانية، الواقعة بالقرب من باب الغوانمة أحد أبواب المسجد الأقصى، وتتربع الزاوية على مساحة دونم ونصف.
ويبدأ الثلاثيني "الجلاد" بتجهيز لافتة مخصصة بالتعريف عن الزاوية الافغانية قبل بدء توافد السياح المتصوفين الأفغان لإقامة الاحتفالات الدينية بها.
جعل الأفغانيون مدينة القدس محطة لهم في رحلة العبادة، كما خصصت عددا من الزوايا للشعوب الإسلامية الأخرى في زمن الدولة العثمانية منها: الزاوية البُخارية والزاوية الهندية والزاوية الأفريقية والزاوية المغربية وغيرها من زوايا البلدان والشعوب التي تنافست قديما على وضع موطئ قدم لها في مدينة القدس.
مكان ووصف
يقول الجلاد في حديثه لـ "الرسالة"، يستلزم زيارة الزاوية الافغانية العودة الى طريق المجاهدين والسير بها باتجاه طريق الواد والانعطاف يسارا عند طريق برقوق، والسير لعشرات الامتار، حيث الزاوية الجنوبية الغربية للزاوية"، موضحا أن المدخل يؤدي عبر ممر قصير إلى ساحة مكشوفة مستطيلة الشكل إلا أنها غير منتظمة الأضلاع.
وبحسب وصف الجلاد، فإن الجزء الأكبر من هذه الساحة مزروع بأصناف متعددة من الأشجار والنباتات، مما يوافق الوصف الذي ورد في "الوقفية" التابعة لوزارة الأوقاف قبل أربعة قرون.
ويحيط بهذه الساحة من الجنوب والغرب إحدى عشرة خلوة صغيرة للصوفية، وفي الجهة الشمالية تقع مرافق الخدمات للزاوية وقاعة الاجتماعات الخاصة بالصوفية، وهي مكونة من طابقين، الأرضي الأصيل، في حين الثاني العلوي أضيف لاحقا واستخدم لسكن شيخ الزاوية.
ويوجد للزاوية مسجد يقع إلى الشرق من المدخل، ويتم الوصول إليه بواسطة درج فهو من المساجد المعلقة.
وعادة ما تتزين الزاوية ثلاث مرات سنويا بمناسبة الاحتفالات الدينية، رأس السنة الهجرية، والمولد النبوي الشريف، وذكرى الإسراء والمعراج، وتفتح أبوابها طيلة شهر رمضان المبارك للمصلين والمعتكفين للتخفيف من الضغط على مصليات المسجد الأقصى.
ويتراوح عدد المتصوفين في الزاوية بين 200 و300، ويصل عدد المشاركين في الاحتفالات السنوية داخل الزاوية إلى الآلاف ويُسمح للسياح الأجانب بحضورها، وتعتبر عائلة الأفغاني المسؤولة الوحيدة عن هذه الزاوية الوقفية، واستمر مشايخ العائلة على رعاية المكان وإعماره وإشغاله جيلا بعد جيل.
ولفت الجلاد إلى أن الزاوية تسمى بالقادرية أيضا، نسبة للعالم الجليل الشيخ عبد القادر الجيلاني، مؤسس ورائد الطريقة الصوفية القادرية في العالم الإسلامي، بينما سميت بالأفغانية، لإقامة مجموعة من أفغان القدس فيها في العقود الماضية ونظرا لان من تولى إدارتها مؤخرا كان من تلك الجماعة.
تتميز الزاوية في أنها حافظت على نسيجها المعماري الأصيل، وتقوم بوظيفتها حيث لا يزال مرتادوها يحرصون على التواجد في الزاوية والالتقاء مع شيخهم الحالي "عبد الكريم الأفغاني" وذلك مرتين أسبوعيا على الأقل بالإضافة إلى يوم الجمعة.
ويمكن زيارة الزاوية بعد طلب الاذن من القائمين عليها، مع مراعاة الهدوء والاحتشام.
وأنشأ الزاوية الأفغانية وأوقفها والي القدس العثماني محمد باشا وذلك عام 1043هـ، وخُصصت لاستقبال وإيواء الحجاج الأفغان الذين كانوا يتوافدون بالآلاف سنويا للإقامة بالقدس في طريق ذهابهم أو عودتهم من فريضة الحج.