قائمة الموقع

وفود عربية وأجنبية تزور غزة.. استطلاع وترقّب

2017-10-26T11:12:27+03:00
صورة أرشيفية
الرسالة نت-محمد بلّور

على قاعدة (أسمع جعجعةً ولا أرى طحيناً) وبمشاعر نصف متفائلة، أضحى الناس في قطاع غزة يراقبون وصول وفود متتالية لاستكشاف "الكوكب الذي دار خارج فلك الإقليم" منذ 11 عاماً وهو يرزح تحت الحصار.

قطار الوفود يحمل عربات من مختلف الدول والمؤسسات، إنه باختصار خليط من الرؤى والمواقف منه (السويسري والعربي والأمريكي وآخرين)، معظمهم طبعاً لديهم أهداف في تهدئة تربة غزة وسحب جزء من قوة المقاومة التي صمدت أمام القوة الإسرائيلية العسكرية والسياسية.

استطلاع واستلام

زيارات الوفود العربية والأجنبية لدول ومؤسسات مؤثّرة في الإقليم ولها علاقات متينة مع (إسرائيل) لا تزال متواصلة والهدف الاستراتيجي بعيد المدى أن ما لم يؤخذ بالقوة ممكن أخذه بالحوار على الأقل في هذه المرحلة.

ويصف المحلل السياسي مصطفى الصوّاف زيارات الوفود المكثّفة لغزة بأنها خليط بين الاستطلاع والاستلام؛ "لأن الزيارات تركّز على أركان الوزارات الحكومية بعد توقيع المصالحة بالقاهرة لتمكين الحكومة من العمل بغزة".

ويقول: "لم يشعر المواطن بشيء تغير حتى الآن، كل ما نسمعه ضجيج دون طحين، وهذه مسألة خطيرة على المشاعر الإنسانية في غزة ترفع حالة القلق".

ويرى المحلل السياسي طلال عوكل أن الحالة الطبيعية الآن أن يتم الشروع في معالجة أزمات غزة "في ظل ميلاد انفتاح على المؤسسات الدولية والحكومية مع بدء مصالحة مدعومة هذه المرة من المجتمع الدولي والدول العربية".

وفي ظل زيارات وفود أجنبية وعربية من مستويات سياسية واقتصادية مختلفة لا تزال غزة تراوح حتى الآن بين مرحلة الاستطلاع والتحضير، لكن الإشارات الواعدة لم تحقق شيئا على أرض الواقع.

يقول عوكل: "المواطن لم يشعر بشيء، ولم يحدث تغيّر بعد زيارات حكومة التوافق والزيارات الدولية الأخرى، والمفترض أن تدور العجلة من يوم حلّ اللجنة الإدارية، وتُرفع عقوبات السلطة عن غزة".

ويضيف: "حماس لا تتوقف الآن عند أي عقبة، وعوامل الدفع لديها قوية ولا يوجد محاذير، لكن الرئيس لايزال يتحدث عن سلطة وسلاح واحد، وهذا موضوع مهم ولابد من تأجيله قليلاً، وربما في لقاء الفصائل الشهر المقبل يكون الحوار أعمق، فمسألة سلاح المقاومة أمر خطير".

أزمة الثقة

أزمة الثقة لاتزال عميقة لدرجة لم تشجع رئاسة السلطة على المضي خطوة إيجابية نحو غزة، والأصل أن هناك جدولة ومواعيد محددة تتابعها مصر تبدأ نتائجها على الأكثر مطلع الشهر المقبل.

المطلوب وفق رؤية المحلل السياسي عبد الستار قاسم ألا تتساوق المقاومة مع أهداف الوفود الأجنبية وغيرها التي تحاول سحب المقاومة لمربع "المهادنة المجانية" مع الاحتلال، مشيراً إلى أن التساوق مع شخصيات دولية سيؤدي إلى "هلاك"، سيما وأن غزة لم يتغير شيء في واقعها بعد.

ويقول: "غزة لن تحصل على شيء إلا إن تنازلت عن سلاح المقاومة، واللافت أن امريكا فتحت الباب، و(إسرائيل) أغمضت عينيها هذه المرة عن المصالحة، وهناك حماس مصري كبير ومواقف لأطراف تثير الريبة".

وعود اقتصادية

تذكرنا أحلام المستقبل ببدء ميلاد السلطة الفلسطينية التي وعدت بتحويل غزة إلى (سنغافورة) عقب اتفاق (غزة-أريحا) اولاً، لكن الدجاجة التي باضت الذهب في غزة بددت ملايين الدولارات في جيوب طبقة من المسئولين والمنتفعين.

وطالما بقي الانتعاش الاقتصادي بوابة الاحتلال وحلفائه من المجتمع الدولي لدفع عجلة التسوية منذ منتصف تسعينات القرن الماضي، فإن التجربة مع المقاومة بغزة تتكرر اليوم بتحسين الأحوال الاقتصادية على وعد النقاش مستقبلاً حول القضايا السياسية.

ويقول عمر شعبان الخبير الاقتصادي بغزة إن الجانب الاقتصادي كان ولايزال مرتبطا بشكل أساسي بالجانب السياسي؛ لأن الحصار والانقسام أثرا على بنية المجتمع، وتسببا في إبراز تحديات أهمها البطالة وتدمير القطاع الخاصّ، "فيما الخشية الآن من ظهور التطرّف بين الشباب".

ويجري الحديث مؤخراً مع الوفود الأجنبية والعربية في حزمة من القضايا والمشاريع الاقتصادية، أهمها إنشاء مناطق صناعية وتوفير طاقة كهربية وموارد غازية ومشاريع للبطالة.

ويضيف: "قضايا الطاقة والبطالة والمدن الصناعية تهم الإقليم، ويدركون من خلال حديثنا كخبراء اقتصاديين عبر مقالاتنا ولقاءاتنا مع مؤسسات دولية أن الاقتصاد لا ينفصل عن السياسة، اليوم في المصالحة نالت رؤيتنا للاقتصاد بغزة اهتماما أكبر من المجتمع الدولي، وبدأوا يفكرون في حراك اقتصادي وتمكين أفضل لسبل الحياة".

وثمة بعد أمني مهم يضعه الاحتلال في بؤرة الحديث دوماً، هو حالة الهدوء على الحدود مع غزة ومحاولة استهداف المقاومة الفلسطينية بطرق ناعمة تحملها وفود أجنبية وعربية، فيما يتصدر الحديث عن وحدة السلاح أجندة رئاسة السلطة الفلسطينية.

ويقول إبراهيم حبيب المختص في الشئون الأمنية إنه لم يجر التطرق لمسألة الأمن بشكل صريح خلال زيارات الوفود حتى الآن، وأن كل ما جرى عقب زيارات المسؤولين الفلسطينيين والمصريين لم يتعد الصفة البروتوكولية البحتة.

ويضيف: "لم تكشف كل لقاءات الوفود والزيارات المكثّفة حتى الآن عن أي إنجاز واضح، ولم نر شيئا من ثمار المصالحة على الأرض، فحتى الآن نحن في طوْر تسليم حكومة التوافق مهامها، واهمها المعابر مطلع نوفمبر المقبل".

المساعي هذه المرة جديّة نحو غزة أكثر من أي وقت مضى، لكن دفع عجلة الاقتصاد بحاجة لتعاون الأطراف الفلسطينية، خاصّة رئاسة السلطة لتخفيف الحصار ورفع عقوبات غزة.

اخبار ذات صلة