منذ عشرين عامًا نشطت الدبلوماسية الفلسطينية في عدد من دول العالم، بعدما تحولّت غالبية ممثليات الثورة الفلسطينية الى سفارات معترف بها في كثير من بلدان العالم، وزاد عددها مع مرور الوقت إلى حوالي 150 وفق احصائيات شبه رسمية، لكن السؤال الأهم ماذا أنجزت؟!
عدد السفارات والعاملين فيها والأموال التي تصرف عليها، تثير أسئلة تكاد الإجابة عليها شبه مستحيلة، كونها صندوق أسود مقفل لا يملك مفتاحه حتى من قادوا المجال الدبلوماسي ونشطوا به لعقود طويلة.
هذا بالإضافة إلى أن اختيار السفراء والمعايير التي يخضع لها المعينون في السلك الدبلوماسي، من الأشياء التي لا يمكن البوح بها، فضلا ان هذا المجال الدبلوماسي يعدّ فلسطينيًا فقط من بين الدول المختلفة ملفا سريا لا يخضع في تفاصيل مراقبته لأي جهة إدارية.
بين منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية تتوزع المهام المالية والسياسية، لكنّ الأهم ورغم صراع النفوذ بين الطرفين حول ادارتها، يتمثل في السؤال: ما هو الإنجاز الفعلي التي حققته هذه السفارات؟ الإجابة تبدو صادمة أكثر عندما يتم الحديث عن تورط عدد من هذه السفارات في أفعال مشبوهة ضد القضية الفلسطينية بدلا من خدمتها.
وإن بدا الصندوق الأسود لهذه السفارات مفتوحًا منذ وقت طويل ومعروفا بتفاصيله لكثير من المراقبين في المجال الدبلوماسي، وأبرزها ملف الاغتيالات والمؤامرات التي تعرض لها مقاومون، كما جرى مع عمر النايف، وتحوّل عدد منها الى بازارات تجارية، وعزوفها عن خدمة الجاليات واللاجئين الفلسطينيين، كل ذلك إجابة بسيطة عن سؤال كبير حول النشاط السلبي لعدد كبيرمنها.
ولم يقتصر الدور على الدور السلبي، بل ربما فقد الامل تماما من هذا الدور في عديد الازمات المحورية التي تعرضت لها القضية وليس أولها النكبة الفلسطينية الثانية في سوريا، وآخرها مأساة العالقين في مصر، وبينهما تجاهل معاناة المفقودين من النازحين لاوروبا من غرقوا على شواطئ البحار.
في ضوء ما سبق، يبدو من العبث أن يسأل عن دور هذه السفارات التي تحولت لساحات صراع نفوذ داخل حركة فتح في الساحة الأوروبية بين تياريها المتخاصمين، والتي شهدت لوقت قريب صراعاً حادًا، لا سيما بعد أن عقد محمد دحلان مؤتمرا في باريس لانصاره، ليشعل بذلك فتيلا آخر من الصراع في القارة الأوروبية.
وقبل ذلك اشتكت العديد من المؤسسات والمنظمات النشطة في أوروبا عن الدور السلبي لهذه السفارات في التحريض على مهرجاناتها ومؤتمراتها الشعبية التي تحشد خلاله انصار القضية الفلسطينية.
وأبرز هذه المعوقات تمثل في عرقلة دور مؤتمر "فلسطينيي أوروبا" الذي يعتبر اكبر فعالية شعبية في الخارج، وتشارك في تنظيمه مئات المنظمات الدولية والمتضامنة مع القضية الفلسطينية، التي لم تسلم بدورها من تحريض السفارات.
ولم يخف مسؤولون وعاملون في المجال الدبلوماسي في أوروبا دور هذه السفارات في تحريض وزارات الخارجية الأوروبية بمنع إقامة هذه المهرجانات، والتحريض ضد من يقف خلفها حركة حماس.
وكان أوضح تحريض عند زيارة وفد من نواب المجلس التشريعي لبلغاريا 2013، وكيف نشط السفير آنذاك ومن خلفه وزارة الخارجية التي اتصلت بوزير الخارجية البلغاري آنذاك نيكولاي مالدينوف، ليتم طرد الوفد بعد ذلك، بحسب رواية أحد مرافقي الوفد.
بين المال والتجارة والبحث عن النفوذ، ويضاف لها صراع فتحاوي محتدم، تنشغل الدبلوماسية الفلسطينية في القارة الأوروبية، دون أن تسجل انجازًا واحدًا للقضية الفلسطينية، حتى الاعتراف بدولة فلسطينية في الأمم المتحدة حمل لواءها الجانب التركي، باعتراف الرئيس محمود عباس.