"يا زفت الطين" هذه الجملة التي رسخت في عقل الطفل "عاصم" بالصف الأول الابتدائي ليعود بها إلى أمه بعد يوم دراسي شاق، فهو يعاني من صعوبات التعلم عدا عن أنه من ذوي الاحتياجات الخاصة حركياً.
ورغم أنه سُجل بطريقة عادية في مدرسته، لكن بعد أسابيع قليلة باتت معلمته ترسل لذويه عدم قدرتها على استيعابه في المدرسة نظرا لحركته المفرطة وعجزه عن الاستيعاب مقارنة بأقرانه العاديين، عدا عن أنها لا تقوى على مساعدته في الحركة.
نهاية العام الدراسي حصل الطفل "عاصم" على شهادة الصف الأول مرفقة بملفه، وكان مبرر المدير عدم القدرة على دمجه مع الأطفال وعلى ذويه وضعه في مدرسة خاصة تستوعب قدراته.
لم يرق الحال لوالدته التي أصابها الإحباط، وراحت تبحث عن مكان يحتضن ابنها للارتقاء به دراسياً، وتقول" حاولت كثيرا مع مدير المدرسة لاستيعابه، وتعهدت بمتابعته يوميا خلال تواجده في المدرسة لكنهم رفضوا ذلك بحجة أنه يثير ضجة في فصله، مما اضطرني لوضعه في مدرسة خاصة ودفع مبلغ مالي كبير في الفصل الواحد".
حالات كثيرة رصدت خلال إعداد التحقيق لمعاناة أطفال تم رفضهم وإهمالهم من قبل مدراء ومدرسي المدارس العادية، وحرمانهم الدمج مع أقرانهم الأمر الذي أثر على سلوكهم في التعامل مع ذويهم وأي بيئة جديدة يندمجون فيها.
فتحت "الرسالة" ملف دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في المدارس العادية، للتعرف على السياسة التي تضبط طبيعة إلحاقهم فيها والشروط التي يمكن قبولهم وفقها للانخراط في المسيرة التعليمية، والوقوف على الأسباب التي تعيق انضمامهم للفصول العادية.
حقهم القانوني
في إحدى مدارس شرق مدينة غزة، بقيت الطالبة "بسمة" - 13 عاما-تحتفظ بمكانها مدة عامين في ساحة المدرسة وهي ترقد على كرسيها المتحرك، دون إلحاقها في الفصول العادية.
مشرف تربوي: زاد عدد الطلبة المعاقين بعد الحروب ودوماً نسعى لدمجهم
ورغم وجود طلبة قدراتهم العقلية أقل منها، إلا أن إعاقتها حالت دون مساعدتها في دخول الفصل، واكتفت مديرة المدرسة بوضعها في باحة المدرسة للعب كما أخبرت والدتها "الرسالة".
وتحكي والدة "بسمة" أنها كبقية الأمهات ترغب بمستوى تعليمي جيد لابنتها وعدم الاستسلام لإعاقتها، ورغم محاولاتها الكثيرة مع مديرة المدرسة في مساعدة ابنتها لدخول الفصل إلا أن الأخيرة كانت ترفض ذلك بحجة أن "لا مكان للمعاقين".
لم تستسلم والدة "بسمة" لرفض مديرتها التحاقها في الفصول لتتلقى تعليمها فوضعتها في مدرسة "شمس الأمل" الخاصة بتأهيل المعاقين، الأمر الذي أدى إلى تحسن وضعها التعليمي فراحت تتفوق وتحصد العلامات الجيدة، لكن الخوف لا يزال يسيطر على الأم لأن الطلبة يبقون في المدرسة حتى الصف السادس، ثم يرحلون إلى مدارس عادية.
وعلى ما يبدو فإن مدراء مدارس كثر لم يعلموا أن القانون الفلسطيني يسمح بدمج ذوي الاعاقة في المدارس العادية شرط ألا يؤذوا أنفسهم والمحيطين بهم.
فوفق القانون رقم "4" لسنة 1999 تنص المادة (10) على أن تتولى الوزارة مسؤولية التنسيق مع جميع الجهات المعنية للعمل على رعاية وتأهيل المعوقين في المجالات الآتية: "ضمان حق المعوقين في الحصول على فرص متكافئة للالتحاق بالمرافق التربوية والتعليمية وفي الجامعات ضمن إطار المناهج المعمول بها في هذه المرافق، وتوفير التشخيص التربوي اللازم لتحديد طبيعة الإعاقة وبيان درجتها، توفير المناهج والوسائل التربوية والتعليمية والتسهيلات المناسبة، توفير التعليم بأنواعه ومستوياته المختلفة للمعوقين بحسب احتياجاتهم، وإعداد المؤهلين تربوياً لتعليم المعوقين كل حسب إعاقته.
سلسلة من الشكاوي نقلت إلى اياد أبو رخية أحد مشرفي التربية الخاصة في مديرية شرق غزة، حينئذ راح يتحدث أنه في حال وجدت المدرسة مشاكل لدى الأطفال من ذوي الإعاقة يتم تحويلهم للمديرية من أجل تقييم الحالة.
مدرسة خاصة: مدراء المدارس يرفضون الطلبة ذوي الاعاقة خشية تحمل مسئوليتهم
وأوضح أن أبرز الاعاقات التي باتت تواجههم في المدارس هو زيادة تدني القدرات العقلية بعد حرب 2014؛ ففي السابق كانت تتراوح النسبة في العام الواحد ما بين 10 لـ 30 حالة، لكن في الوقت الحالي ما يقارب المائة طالب يدمجون، لاسيما بعدما خلفت الحروب الثلاثة الأخيرة اعاقات سمعية وحركية.
ووفق قوله، فإنه قبل تسجيل الطالب صاحب الإعاقة لابد من توقيع الأهل تعهدا للالتزام بمتابعته مع المدرسين من الناحية التعليمية، لافتا إلى وجود تعاون بنسبة جيدة، لكن الخلل في تعاون بعض الاهالي مع المدرسين يؤثر على ابنائهم في مواصلة العملية التعليمية.
وتأكيدا لقوله، فقد حضرت "الرسالة" جلسة تقييم لطلبة متلازمة الدوان، في المديرية لتحديد مدى إمكانية التحاقهم في المدارس العادية.
اقتربت "الرسالة" من والدة الطفل "ياسر عبدالله" - 8 سنوات- وقد تمكن خلال الاختبار البسيط من كتابة اسمه والرد على أسئلة مقيم الحالة، وبعدما انتهى تم قبوله في احدى المدارس الحكومية.
وتخبر والدته معدة التحقيق، أن مدرسة حكومية رفضت قبل عامين التحاقه في الصف الأول الابتدائي كبقية الأطفال الذين هم في سنه، مما دفعهم لوضعه في مؤسسة الحق بالحياة التي تعنى بمثل حالته لكن وضعه زاد سوءا كونه اكتسب بعض التصرفات من أقرانه هناك، فحالته لا تستدعي تواجدهم معه.
رفض تسجيلهم
وعاد أبو رخية مشرف التربية الخاصة للحديث عن أن هناك اعاقات مزدوجة للأطفال مثل تأخر في النطق واعاقة سمعية، وفي هذه الحالة توجه المدرسة ذويهم إلى بعض المراكز المتخصصة ليتمكن الطفل من اللحاق بأقرانه الاسوياء، لافتا في ذات الوقت إلى أن الأهالي غالبا لا يوجد لديهم إمكانية مالية لدفع الرسوم، والوزارة أيضا لا يمكنها توفير ذلك لقلة الامكانيات.
الوطني للتأهيل المجتمعي: ندمج المعاقين في المدارس العادية لتغيير الثقافة السائدة
وتطرق خلال حديثه إلى وجود صف المصادر في مدارس القطاع، حيث يحتوي على 4 مجموعات كل مجموعة ثمانية اطفال من الصف الثاني حتى الرابع وذلك لمعالجة الخلل في الكتابة والنطق، لكنه غير متوفر بكل المدارس لعدم جهوزية كل الغرف، موضحا أن مدارس شرق غزة فيها عشرة فصول للمصادر واحدة منها فقط مجهزة.
وخلافاً لقوله، فإن أحد المدرسين - رفض ذكر اسمه-أكد على أن صف المصادر يلغى من المدرسة بمجرد وجود تكدس في الفصول ويتم استخدامه كفصل عادي أو غرفة للمدرسين.
وعن بعض الطلبة الذين ترفض المدارس العادية تسجيلهم فيها، لم ينف أبو رخية ذلك، وبرر تصرف المدراء بأنهم يخشون على وضع الأطفال ذوي الاعاقة من إيذاء أنفسهم.
وبحسب متابعته، فإن مدراء المدارس في السابق كانوا يرفضون تسجيل الطلبة من ذوي الاعاقة، لكن في الوقت الراهن أصبح لديهم وعي أكثر من ذي قبل.
غياب الوعي الاجتماعي
طرقت الرسالة باب مدرسة "شمس الأمل" للمعاقين الواقعة غرب قطاع غزة لتجد أطفالا من مختلف الاعمار وبإعاقات مختلفة خاصة الحركية، وإعاقات مزدوجة حركية وسمعية أو بصرية، يتمتعون بقدرات تركيزية عادية كأقرانهم الاسوياء في المدارس العادية، لكن في هذه المدرسة خلف كل طالب حكاية.
تقول ياسمين الشوا الاختصاصية النفسية، بأن مدرستهم تضم 110 طالب وطالبة يعانون اعاقات مختلفة خاصة الحركية، عدد منهم جاء من مدارس حكومية بعدما أهمل من قبل المدرسين أو لم يحسنوا التعامل مع أوضاعهم.
وتؤكد على أن مدراء المدارس لا يريدون تحمل مسئولية طالب معاق لذا يرسلون الطلبة إلى المدارس الخاصة لعدم وجود الاهتمام الكافي في المدارس العادية، لافتة إلى أن بعض المدراء يتحججون بعدم وجود مقاعد شاغرة ويرفضون الطلبة المعاقين.
وذكرت الشوا، أن هناك أعدادا لا بأس بها من الطلبة لديهم، لا يكملون دراستهم حينما ينتهون من المدرسة ولا يرغبون الالتحاق بالمدارس العادية لاعتيادهم على الاندماج مع الأطفال ذوي الاعاقة مما يسبب مشكلة في إكمالهم لدراستهم التعليمية.
وبحسب قولها، أنهم يعملون على تأهيل الطالب ذوي الاعاقة قبل تخرجه من المدرسة وكسر حاجز الخوف لديه ليندمج في المدرسة العادية، موضحة أنهم قبل دمج الطلبة في المدارس العادية يشرح لهم ما سيحصل معهم، لكن بعضهم يفضل البقاء في البيت، رغم تواصلنا مع مدارس عادية لقبولهم.
مديرة مدرسة: نتقبل طلبة الاعاقات شرط عدم إيذاء أنفسهم وعرقلة التعليم
اصطحبت الشوا معدة التحقيق إلى أحد الفصول للتعرف على مستوياتهم في التعليم، فكانت "هديل" في الصف الرابع منهمكة في كتابة ما هو مدون على السبورة، فملامحها لا توحي بشيء يدل على أنها تعاني من إعاقة، لكن بعد رفضها الوقوف للتحية تبين أنها تعاني من اعاقة حركية في قدميها.
اقتربت "الرسالة" للحديث معها فاستجابت بعد محاولات للإفصاح عن سبب مجيئها إلى المدرسة، فهي الاولى على فصلها، حيث تقول وهي تخفي وجهها وراء كراستها:" في المدرسة العادية كانت المعلمة تهملني ولا تكترث لشكواي لاسيما حينما أخبرها أن الطالبات لا يراعين حالتي، فكثيرا كنت أسقط أرضاً".
وتابعت روايتها:" قررت والدتي أن تسجلني في "شمس الأمل"، فشعرت بالراحة أكثر فلا أحد يضايقني أو يعايرني بإعاقتي، فجميعنا سواسية".
وتعاود الشوا حديثها، بأنهم يقومون عند تسجيل الطالب من ذوي الاحتياجات الخاصة بعمل تقييم له لمعرفة قدراته العقلية ومدى تحسنه.
وأوضحت أن الصفوف أصبحت مكتظة بعد الحروب، ففي السابق كان العدد يصل إلى 80 ومن ثم يتأهلون للخروج إلى المدارس العادية، لكن الان يصل العدد الى 120 وأكثر.
غياب الوعي لدى المعلمين
وللمراكز الأهلية دور في التدخل لدمج ذوي الاعاقة بالمدارس العادية كما يقول يحيى عنبر منسق الرعاية المنزلية من المركز الوطني للتأهيل المجتمعي، فهم يعملون على ذلك منذ وقت طويل، ويشير إلى أنه في البداية كانوا يواجهون صعوبات لعدم الوعي والاماكن غير الموائمة.
وأكد حرصهم على دمج الأطفال من ذوي الإعاقة في المدارس العادية، لاسيما وأن عددا كبيرا منهم يتميز بالذكاء لذا يساعد مركزه على الدمج حسب قرب المدرسة، ويتم التواصل مع الطلبة باستمرار لمتابعة أوضاعهم.
وزارة التعليم: نقبل الطلبة من ذوي الاعاقات البسيطة والمتوسطة ونحاسب من يرفضهم
وبحسب متابعته، هناك نظرة سلبية للطالب من ذوي الاعاقة، لكن تم تحديها ومواجهة الصعوبات، خاصة مع مدراء المدارس والمعلمين الذين يفتقدون للوعي في دمج مثل هذه الحالات، عدا عن قلة الامكانيات لتطبيق التوصيات على أرض الواقع.
وتحدث عن حالة دمج تابعها خلال عمله مؤخرا، لطالب من ذوي الاعاقة حركيا، بداية تسجيله في المدرسة العادية رفض المدير تقبله لكن بعد محاولات عدة وتقدم ملحوظ في مستواه الدراسي تم الاهتمام بالطفل أكثر ومعاملته كالأسوياء في الفصل دون تهميشه.
الحالة السابقة تؤكد ما تقوله المراكز الأهلية والمدارس الخاصة وكذلك أولياء الأمور من أن مشكلة تقبل ذوي الاعاقة في المدارس العادية ترجع إلى غياب الوعي لدى كثير من مدراء المدارس.
ومن المركز ذاته، تحدثت هالة أبو بيض الاختصاصية النفسية عن حالة دمج لطالبة انهت دراستها من "شمس الأمل" ورفضت الذهاب الى مدرسة عادية خجلا من زميلاتها اللواتي يضحكن على طريقة مشيتها لكن بعد تقديم الدعم النفسي لها تمكنت من تخطي ذلك.
وبحسب متابعتها، فإن مدراء المدارس يرفضون الطالب المعاق خشية تحمل المسئولية وعدم درايتهم بأحقية المعوقين في التعليم.
كما تطرقت إلى افتقار المعلم لأساليب التربية الحديثة مما يجعل الطفل منطويا على نفسه، فمعظم المدرسين يطمسون الطالب المعوق من خلال تجاهله في الفصل بحجة أنه لا يستوعب.
وقالت:" لابد من الحرص على الجانب النفسي ليكون مكملا للتعليمي، ولابد من تفعيل الطلبة الذين تم تحويلهم لمدارس عادية ليتعرفوا على الفروق الفردية بين الأشخاص".
نستوعب الطالب المعاق
وخلال تنبيش "الرسالة" على الطلبة من ذوي الاعاقة بالمدارس الحكومية، وجدت طالبة على كرسي متحرك في مرحلتها الثانوية وتعاني من ضمور في الأطراف الأربعة، فهي لا تقوى على الكتابة بل معلمتها تقوم بالكتابة لها وتحصد علامات الامتيازات.
هذه الحالة للطالبة "لمى" - اسم مستعار- سعى ذووها بمساعدة مديرة مدرستها ومعلماتها لدمجها في الصفوف العادية وتخصيص فصل أرضي لها لتتمكن من التنقل.
الطالبة "لمى" تعاني أيضا صعوبة في النطق، لكنها تحدثت لمعدة التحقيق عن تجربتها وأنها لا تشعر بالنقص بين زميلاتها، فالجميع يحيط بها دون معايرتها بوضعها الحركي.
حالة "لمى" تدفع للتساؤل عن كيفية استيعابها في المدرسة والأسباب التي دفعت لتقبلها، إيمان أبو سمرة مديرة مدرسة أحمد شوقي لديها عدة حالات من ذوي الاعاقة فهي وفق قولها لا تحرم أي طالبة من الالتحاق بالمرحلة الثانوية طالما كانت اعاقتها بسيطة أو متوسطة ولا تؤثر على زميلاتها.
وتوضح أن كثيرا من مدراء المدارس لا يكتشفون حالات الاعاقة لدى الطلبة إلا بعد الأسبوع الأول من الدوام، لاسيما الاعاقات البصرية والسمعية ويتم التعامل معهم عبر المرشدة الاجتماعية.
ذوو معاقين: المدارس الحكومية لا تتقبل أبناءنا، والخاصة قد تدهور أوضاعهم
وتشير إلى أن الحالات الشديدة يمكن لمدير المدرسة رفضها، حينها يتم توجيه ذوي الطالب إلى مؤسسات معينة لاحتضان أبنائهم لكن كثيرا من الأهالي لا يستوعبون ذلك ويرفضون مواجهة الواقع ويبقون أولادهم في المدارس العادية دون فائدة.
وتكشف أبو سمرة، أن هناك كثيرا من ذوي الاعاقة يحولون للمدارس الثانوية وبالكاد يكتبون أسماءهم ليتبين بعد مراجعة مدارسهم السابقة أن ترفيعهم يتم آليا للتخلص منهم، مرجعة عدم كشفهم لتلك الحالات إلا بعد فترة لأن التسجيل يتم عبر الاهالي في أحيان كثيرة.
وعن مزاجية المدير في تقبل حالات ذوي الإعاقة، نفت مديرة أحمد شوقي ذلك قائلة:" لا يستطيع مدير المدرسة انتقاء كشوف الأسماء كونها تأتي من مديريات التعليم"، مضيفة: "الحالات التي ترفض لا تستطيع الاندماج، ونقنع الاهل بنقلهم لمؤسسة تتقبل الحالة لتخريج فرد يخدم المجتمع".
وتابعت:" لا توجد لدينا الامكانيات التي يمكن للطالب المعاق الاستفادة منها، هناك مدارس خاصة بهم لكن نستقبل الاعاقات الحركية الاعاقات البسيطة السمعية والبصرية".
وتوضح أن عدد الطالبات من ذوي الاعاقة في مدرستها لا يتعدى 20 طالبة، كاشفة عن أنها تقبل طالبات ذوي الاعاقة من أماكن بعيدة خاصة لو كانت درجاتهم عالية، وضربت مثلا أن لديها طالبة لديها اعاقة في أطرافها الأربعة والنطق لكن عقلها سليم ومستواها أعلى من 99%.
تقول أبو سمرة:" ترددت في استيعاب الطالبة كونها بحاجة الى مساعدة، والمدرسة غير مهيأة لذلك، لكن وجود ابنة خالها في الفصل ساعد على ذلك وعملت على ترتيب فصل لها لتبقى فيه حتى الثانوية العامة".
وربما حالة الطالبة التي استوعبتها مديرة مدرسة أحمد شوقي، كغيرها من مدراء المدارس الذين يحرصون على وجود طلبة متميزين في مدارسهم رغم أوضاعهم الصحية، فالمهم لديهم المحافظة على مستوى مدارسهم بغض النظر عن حالة الطالب.
نحاسب مدراء المدارس
بدوره، قال خالد أبو فضة نائب مدير عام الارشاد والتربية الخاصة في وزارة التربية والتعليم:" وزارة التعليم تتبنى سياسة التعليم الجامع منذ 1997 وتقوم السياسة على مبدأ التعليم الذي لا يستثني أحدا (..) البدايات كانت بسيطة ومتواضعة، لكن الآن أصبح الدمج إجباريا وتم تعيين مشرفي تربية خاصة، وكان دورهم زيارة المدارس توعية الطلبة الأصحاء والمعلمين بأهمية دمج هؤلاء الأطفال".
وأكد أبو فضة على وجود طلبة مدمجين في المدارس الحكومية العادية على مدار العام، معلنا عن وجود2724 من ذوي الاعاقة الظاهرة "سمعية، بصرية، متلازمة الداون ، نطق"، وصعوبات التعلم.
وفيما يتعلق برفض مدراء المدارس استقبال الطلبة المعاقين واستيعابهم يطالب أبو فضة" بالالتزام بسياسة التعليم الجامع، ليتم دمجهم دون مشاكل، مؤكدا على وجود شكاوي حيث انه منذ بداية العام وصلت شكويان وتم التدخل.
وذكر أن إحدى الحالات رُفضت بحجة أن الطالبة تعاني من إعاقة عقلية ويمكن أن تؤذي نفسها، لكن تم دمجها بعد مراجعة المدرسة، موضحا أن القانون يفرض على ادارة المدارس استقبال الطلبة من ذوي الاعاقة، واي مشكلة تصلنا من قبل أولياء الأمور نتعامل معها بحزم من خلال تغيير الاتجاهات وإلحاق المعلم والمرشد التربوي بورشات تدريبية.
وأكد على وجود تفاوت في تقبل المدراء لوجود ذوي الاعاقة لكن تعمل الوزارة على منحهم دورات متخصصة لاستيعابهم.
في النهاية بعد تتبع ملف دمج المعاقين في المدارس لايزال كثير من مربي الأجيال يرفضون دمج الطفل صاحب الإعاقة مع أقرانه لرغبتهم بالحفاظ على مستوى مدارسهم، عدا عن أن المدارس غير مؤهلة لاستقبال الطلبة من حيث توفير الأماكن التي تسهل عليهم الحركة مثلاً، الأمر الذي يحرم عشرات الطلبة المعاقين مواصلة تعليمهم تحت ذريعة عدم توفر الإمكانيات، أو إمكانية إيذائهم لأنفسهم بسبب إعاقتهم العقلية.