الرسالة نت - رامي خريس
المصالحة لا تزال بعيدة المنال أو كما قال أحد المصادر "للرسالة نت " أنها على الأقل ليست على الأبواب كما كان يتمنى الجميع وبالرغم من كافة الجهود التي بذلها الوسطاء وما زالوا يحاولون فإن الفيتو الذي تضعه الولايات المتحدة لا زال سارياً ، ليس هذا فحسب بل إن القاهرة أصبحت في مصاف الذين يعطلون التوصل لصيغة توافقية وذلك كله لأنها ترغب في انقياد الأطراف للتوقيع على ورقتها بدون نقاش وكأنها وثيقة مقدسة لا تقبل التغيير أو حتى التأويل حتى أن الكاتب المصري فهمي هويدي قال ساخراً أنه يقترح أن يطلق على الورقة المصرية "سورة المصالحة" .
دوامة
وكما أصبحت المفاوضات وآلياتها (مباشرة – غير مباشرة) أهم من (عملية التسوية) ذاتها فإن (ورقة القاهرة) أضحت أهم من التوصل إلى حالة الوفاق الفلسطيني والشراكة التي يحلم بها الجميع ، بل إن رئيس السلطة المنتهية ولايته" محمود عباس" يعيش هذه الأيام في دوامة بعد تحذيره من ضياع الفرص ، وطبعاً يقصد فرص التسوية وليس فرص المصالحة ، فالمهم عنده أن يرتبط بشراكة حقيقية مع الإسرائيليين والمصالحة الداخلية تأتي فيما بعد ، هذه ليست رغبته بل ما تريده الإدارة الأمريكية التي تسارع إلى إرسال (الغراب) جورج ميتشل فينعق باثاً (أحلام اليقظة) في أذن عباس الذي يحلق بعيداً مع (حمامة السلام) مبتعداً عن مصالحة الأشقاء.
ويبدو أن عباس بدأ يدرك أو أنه كان يدرك مسبقاً بأن حكومة الاحتلال لا تريد سلاماً بل لا ترغب في دفع مستحقات أي تسوية جديدة وهي تفاوض وتفاوض فقط للحفاظ على بقاء الوضع الحالي على ما هو عليه فالأحوال في الضفة الغربية المحتلة مثلاً تعتبر مثالية لحكومة الاحتلال التي تحقق أمنها بأقل ثمن نتيجة للجهد الذي تبذله أجهزة سلطة فتح في رام الله ، ومؤخراً تجول رئيس الشاباك يوفال ديسكن في بعض المدن ومن بينها جنين التي كانت أحد معاقل المقاومة ومصدر القلق للإسرائيليين.
وجولة ديسكن التفقدية لأجهزة السلطة وقادتها تزامنت مع إعلان وزارة الدفاع الأمريكية استبدال المنسق الأمريكي كيث دايتون بآخر هو الجنرال مايكل مولر وبذلك يكون مولر الأمريكي الثالث بعد دايتون والجنرال ويليام وورد الذي يشغل هذا المنصب في حال صادق على مجلس السينات على تعيينه.
المعادلة
هكذا تبدو إذن المعادلة يستمر اعتقال أنصار حماس والجهاد بإشراف (الصديق) ديسكن مع ضمان استمرار الحفاظ على كيان سلطة فتح التي أدرك قادتها المسالة ولكنهم وقعوا بالفخ باختيارهم.
والمصالحة التي يعطلها الفيتو الأمريكي تعاني أيضاً من تعنت السلطات المصرية التي كان لها هي الأخرى دوراً في إجهاض محاولة لإعادة عملية المصالحة إلى مسارها بعد زيارة أمين عام جامعة الدول العربية إلى غزة ولقائه بقيادة حركة حماس وتبلور صيغة للتفاهم عرضها موسى على عباس الذي يبدو أنه كان يميل إلى قبولها ووعد بإرسال وفد من حركة فتح إلى غزة ولكنه وبعد لقائه بالرئيس المصري حسني مبارك عدل عن الأمر وهو ما يشير إلى أن القاهرة لا تزال ترى أن المصالحة يجب أن تمر عبر بوابة الورقة التي وضعتها ، وان أي محاولة لتحقيق المصالحة لن تباركها ، ويعني ذلك أن معبر رفح سيبقى مغلقاً كما هو ، وقد يجري استخدام أوراق أخرى للضغط وتفريغ أي مصالحة من مضمونها.
ويبدو أن ذلك ما دفع عباس للعدول عن التعاطي الايجابي مع محاولة عمرو موسى لدفع المصالحة فضلاً عن سعيه لتلبية رغبات الإدارة الأمريكية والاستمرار في الدوران مع عجلة المفاوضات.