أقرت فصائل فلسطينية بعضها وقعت على اتفاق القاهرة عام 2011، أن حركة حماس التزمت بكل واجباتها في إطار تنفيذ تفاهمات المصالحة، لاسيما تمكين الحكومة وتسليم المعابر.
وقالت الفصائل في استطلاع أجرته صحيفة "الرسالة" مع مسؤوليها في غزة: "إنّ الحركة أدّت ما عليها"، مؤكدة على أن رئيس السلطة محمود عباس وحركة فتح لا تزال تراوح مكانها في تنفيذ الالتزامات المناطة بها.
وثمنّت الفصائل ما بذلته حماس من خطوات "صادمة" في ملف المصالحة، مشيرة إلى ضرورة تحقيق مزيد من الضغط على السلطة في لقاءات القاهرة المزمع عقدها في الحادي والعشرين من الشهر الجاري لـدفعها برفع عقوباتها عن القطاع.
الجهاد: الحكومة مكنّت في غزة وتسلمت الوزارات والمعابر بسهولة
بدورها، أكدّت حركة "الجهاد الإسلامي، على أنّ "حماس" بما أقدمت عليه من حل اللجنة الإدارية وتمكين حكومة التوافق وتسليم المعابر، "فتحت الباب على مصراعيه لإتمام المصالحة، وأبدت مرونة إيجابية كان لها دور كبير في التوصل للتفاهمات الأخيرة لتطبيق المصالحة".
وقال القيادي في الحركة خضر حبيب لـ"الرسالة"، "كنا ننتظر رفع إجراءات السلطة التي اتخذت ضد غزة لا سيما وأن فتح وعدت بمجرد حل اللجنة الإدارية العمل على رفعها، ولهذه اللحظة لم يتم شيء من تنفيذ تلك الوعود التي قطعتها الحركة، وكلنا أمل برفع العقوبات بأسرع وقت".
وأضاف: "نثمن موقف حماس ومرونتها الإيجابية وإزالة كل العقبات في تمكين الحكومة فسلمت كل الوزارات بسلاسة كما سّلمت المعابر للسلطة بكل سهولة، وأعتقد أنها عازمة بالمضي حتى النهاية في تحقيق المصالحة، والمهم أن يكون هناك خطوات جدية من طرف الرئيس عباس، لطي صفحة الانقسام".
وتابع حبيب "بالنسبة إلينا كفصائل الحكومة مكنت وحان موعد العمل والإنجاز الذي نحن بأمس الحاجة إليه، ومناط بها تأدية كافة مهامها باعتماد خطوات إغاثية وإسعافية للقطاع".
وذكر أن الفصائل ستبحث في القاهرة خلال اجتماعها المرتقب في الحادي والعشرين من الشهر الجاري، وضع آليات لتنفيذ ما يخص القضايا الكبيرة والمتعلقة بملفات الأمن والعقيدة الأمنية وملفات المنظمة والحكومة والانتخابات، مشيرًا إلى أن الفصائل ليست بوارد فتح ملف المصالحة ووضع آليات لتطبيقها "فلا نريد اتفاقات جديدة".
وفيما يتعلق بسلاح المقاومة، أكدّ أن الملف مجمع عليه فلسطينيًا، ولن يفتح إطلاقًا في اللقاءات المقبلة، ولا سيما أننا نواجه عدوًا مدججًا بالسلاح، مرحبا في الوقت ذاته بوجود إدارة وطنية لقراري الحرب والسلم، مشددًا في الوقت ذاته إلى أن حركته تحتفظ لنفسها حق الرد على جريمته الأخيرة في غزة "وسيكون الرد في الوقت والمكان المناسبين وفق ما تحدده سرايا القدس وسيعاقب العدو على جرائمه التي يرتكبها ضد الفلسطينيين".
الديمقراطية: حماس طبقّت ما عليها بملفي الحكومة والمعابر
وبذات السياق، أشادت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، بمرونة حركة حماس، وقال طلال أبو ظريفة عضو مكتبها السياسي: "إنّ هذه الإجراءات التي أبدتها حماس، وفي مقدمتها حل اللجنة الإدارية كان لا بد أن يرافقها خطوات من الرئيس عباس تجاه رفع كل إجراءاته التي اتخذها ضد غزة، والتي لم يكن لها أدنى مبرر، لكنّ هذا الأـمر لم يحدث".
واستغرب عدم تطرق الرئيس عباس في حديثه خلال مهرجان إحياء ذكرى وفاة عرفات، لأي حديث عن رفع العقوبات، ومضى يقول: "في الوقت الذي تتجه فيه حماس لاتخاذ إجراءات فعالية تجاه المصالحة، يتراوح الطرف الآخر في موقعه ويصر على إجراءاته المرفوضة وطنياً"، متسائلًا "كيف يمكن أن نلمس ثمار المصالحة الإيجابية ونحن نجد اتجاه حماس الإيجابي وسلوك الطرف الآخر".
وأوضح أبو ظريفة أن لقاءات القاهرة المزمع عقدها في الحادي والعشرين من الشهر الجاري، ستتناول القضايا الإستراتيجية والتي تتمثل في ملفات "المنظمة والحكومة والانتخابات والمصالحة المجتمعية والملف الأمني"، وصولًا لآليات تنفذ اتفاق القاهرة، مشددًا على تحفظ الجبهة لفتح الاتفاق للنقاش مجددًا أو بحث أي اتفاق جديدة.
واقترح تشكيل لجان وطنية يشارك فيها الكل الوطني لحماية الآليات وضمان سرعة تنفيذها على الأرض، معرجاً على قضيتي الموظفين وسلاح المقاومة، مشيًرا إلى وجود قرار حاسم لصالح الأمن الوظيفي لكل موظف "ونرفض أي خطوات تمس هذا الحق المكفول قانونًا وسياسيا"، مشيرًا إلى ضرورة إشراك الكل الوطني في اللجان المشكلة لحل أزمة الموظفين، لحماية نتائج قراراتها.
ورأى أن اللجنة المشكلة لمعالجة أزمة الموظفين مجردة من البعد الوطني "وثمة مخاوف ألّا تصل لنتائج في المنظور القريب".
أمّا سلاح المقاومة فأكدّ أنه لم يكن مرتبطًا يومًا بالانقسام، و"ثمة إجماع على تشكيل جبهة وطنية واحدة تتولى قراري الحرب والسلم، وننصح بوقف كل التصريحات السلبية التي تتعرض للسلاح، ولا تخدم سوى الاحتلال".
الشعبية: إصرار من عباس بمواصلة اجراءاته العقابية ضد غزة
بدورها، أكدّت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أن الرئيس محمود عباس لديه إصرار على مواصلة اجراءاته بحق قطاع غزة، رغم الخطوات الإيجابية التي بدأت بها المصالحة منذ لقاءات القاهرة، والوعود التي سبقت التفاهمات والتي تلتها "ولكن ما زلنا نراوح في نفس المكان".
وطالب هاني ثوابثة عضو اللجنة المركزية للجبهة، بتعزيز الضغط على المستويات كافة لدفع القيادة الفلسطينية على التراجع عن هذه الخطوات، معربًا عن أمله أن تصل لقاءات القاهرة لـ"مجلس وطني موحد وإعادة الاعتبار للمؤسسة الوطنية عبر الانتخابات وتجديد الشرعيات، وصوغ المشروع السياسي الفلسطيني على قاعدة التمسك بالثوابت".
وشدد على ضرورة تحقيق الشراكة في تطبيق ملفات المصالحة "فهي الأساس التي ستحقق الضمان لتنفيذها"، منوهاً إلى أن ملف الموظفين بات مناطاً باللجنة الإدارية والقانونية "المناط بها حل القضية بعيداً عن الإقصاء والتمييز".
وفي غضون ذلك، بين أن سلاح المقاومة غير مطروح إطلاقًا على طاولة الحوار تحت مبدأ أن يكون أو لا يكون، وما يمكن التفاهم حوله هو التوافق على بناء جبهة مقاومة وطنية تؤسس لاستراتيجية تحرير، تراكم الجهد الوطني وتعزز من مسارات القوة، وفق قوله.
الجبهة العربية: حماس تعاملت بجدية عالية في تسليم الوزارات والمعابر
بدورها، أكدّت الجبهة العربية لتحرير فلسطين، أن مجموعة الإجراءات التي أقدمت عليها حركة حماس منذ حل اللجنة الإدارية واستقبال الحكومة، والإجراءات التي تمت في الوزارات والمؤسسات والمعابر، "دليل على أنّ حركة حماس جادة في تحقيق المصالحة وأن كل الدلائل تشير إلى رغبة حماس بكل أفرادها وقياداتها متمسكة بها".
وقال صلاح ابو ركبة عضو المكتب السياسي للجبهة إنّ حماس اتخذت قرارات جريئة لا بد من اظهارها للشارع، وهي "مواقف شجاعة" تصب لصالح الشعب الفلسطيني. وذكر أبو ركبة لـ"الرسالة" أنّ "رئيس السلطة وعد بداية الأزمة برفع العقوبات بعد حل اللجنة الإدارية، وبعد ذلك ربطها بتمكين الحكومة، لكن الفصائل بمواقفها المختلفة ترفض العقوبات وخاصة التي فرضت على الموظفين ولا بد من طرح الموضوع في لقاءات القاهرة كي يتسنى العمل على رفعها"، مطالبًا بضرورة الإسراع في رفع العقوبات.
وذكر أن حركة حماس جادة في تمكين الحكومة وتعاملت بجدية عالية مع تسليم الوزارات والمعابر، "وسارعت لاستدراك أي خلل طرأ أثناء عملية التسلم في وقت محدود جدًا". وشدد على أن وجود حماس ضمن الشراكة الوطنية مكسب حقيقي للكل الفلسطيني و"لا سيما أننا نتحدث عن تنظيم أساسي وشريك رئيس في العمل الفلسطيني".
وفيما يتعلق بقضية الموظفين، فأوضح أنه لا يمكن الوقوف ضد لقمة عيش الناس" وسنكون مع كل موظفي غزة سواء من عين قبل أحداث الانقسام أو بعده".
وأكدّ على أن سلاح المقاومة لا يمكن لعاقل أن يطالب بسحبه" فبه تصدى أهل غزة لثلاثة حروب وواجهوا الاحتلال بالسلاح وليس بالورود، ولم يعد الاحتلال يجرؤ التدخل بشكل مباشر في غزة كما كان يفعل سابقًا"، مضيفاً أن السلاح طورّ بالدم والتضحيات، ويمكن فقط أن يجري ضبط إيقاعات العلاقة بين العمل العسكري المقاوم والسياسي.
الأحرار: السلطة لا تريد المصالحة
وفي السياق، أكدّت حركة الأحرار الفلسطينية أن حركة حماس قدمت كل ما تملك في سبيل تنفيذ المصالحة، و"عكست إرادة حقيقية في تحقيق هذا الأمر". وقال المتحدث باسم الحركة ياسر خلف لـ"الرسالة": إنّ رئيس السلطة ومن معه يماطلون في تنفيذ ما عليهم، ولا توجد جدية لديهم، وهو ما يستوجب تشكيل لوبي ضاغط عليهم".
النضال الشعبي: الحكومة مكنت باستلام وزاراتها والمعابر في غزة
كما أكدّت جبهة النضال الشعبي الفلسطيني، على أن حركة حماس عملت على تمكين الحكومة بتسليم الوزارات والمعابر، "وبعض الوزراء تسلم مهامه قبل يوم من هذه الإجراءات، باستثناء بعض المجالات التي لا تزال في طريقها للحل". وأوضح رفيق أبو ضلفة مسؤول ساحة غزة في الجبهة، أن لقاءات القاهرة ستبحث تعزيز وإعادة تفعيل مؤسسات منظمة التحرير، وتشكيل حكومة وحدة وطنية بمشاركة القوى والفصائل الفلسطينية المختلفة.
المبادرة الوطنية وجبهة التحرير: حماس جادة بالمصالحة وقدمت خطوات جريئة
وأكدّت المبادرة الوطنية وجود جدية حقيقية من حركة حماس في عملية المصالحة، سواء على مستوى القيادة السياسية أو قيادة الأجهزة الأمنية والإدارية.
وقال القيادي في المبادرة نبيل ذياب لـ"الرسالة": "إنّ حماس تعاملت بجدية كاملة في تسليم الوزارات وسارعت في استدراك أي خلل قد طرأ في عملية التسلم، مشيرًا إلى ضرورة اشراك جميع القوى الوطنية والطاقات الشعبية في معالجة ملفات الانقسام.
وأضاف: "كان يحذونا الأمل أن ترفع الإجراءات العقابية عن القطاع، لا سيما وأن رفعها اقترن بحل اللجنة، وقد فعلت حماس ذلك وسمحت المجال لاستلام الوزارات المختلفة"، رافضًا لغة الاشتراطات التي بدت تظهر للسطح مؤخرًا.
من جهته، قال مسؤول جبهة التحرير الفلسطينية في غزة عدنان أبو غريب إنّ حركة حماس "نجحت في تحدي نفسها، وأقدمت على خطوات لم يتوقع أحد أن تتخذها في يوم من الأيام. وقال أبو غريب لـ"الرسالة" إنّ حماس طبقت ما جرى التفاهم عليه، و"لقاءات القاهرة فرصة لنبحث الشراكة السياسية".