على مدار ثلاثة أيام من فتح معبر رفح، كان المواطن الفلسطيني المتواجد في صالة المعبر شاهد عيان صامت ومقهور تجاه عديد الحالات التي تمكنت من السفر ضمن ما يسمى بـ"ملف التنسيقات" الذي يعزز ثقافة "الدفع قبل الرفع" أو "أدفع بالتي هي أحسن" في إطار ابتزاز المواطنين مقابل حصولهم على حقهم بالسفر.
وباستثناء اليوم الأول لفتح المعبر فإن اليومين الأخيرين كان النصيب الأوفر لحملة الجنسية المصرية والتنسيقات، حيث تجاوزت أعداد المسافرين لحوالي ألف شخص منهم.
ويرتبط ملف "التنسيقات" بــــ "الرشاوي"، حيث يضطر المواطن الذي يرغب بالسفر لدفع مبلغ من المال لبعض الجهات في الجانب المصري، للسماح له بالسفر خلال فترة فتح المعبر، وتتجاوز هذه المبالغ المالية الثلاثة آلاف دولار في بعض الحالات.
ورغم اضطرار المواطن للجوء لهذه الطريقة خلال فترات سابقة، إلا أن ذلك كان مرتبط بمرحلة استثنائية لإدارة المعبر الذي رفضت السلطات المصرية طيلة عشرة سنوات الاعتراف بشرعية من يعمل فيه، وربطت إعادة عمله بشكل دائم بعودة السلطة.
وكان عزام الأحمد رئيس ملف المصالحة بفتح قد وعد بفتح المعبر طيلة الوقت ولجميع المواطنين في حال استلمت السلطة إدارته، وكذلك التقت تصريحاته بتصريحات مسؤولين في السلطة بينهم رئيس الوزراء رامي الحمد الله ووزراء من قطاع غزة، وكذلك قيادة السلطة.
قيادات في رام الله وبعض موظفي المعبر الجدد عيروا المواطنين المسافرين بأنهم صمتوا عن سياسة التنسيقات سابقاً، "فلما الآن تعترضون"، مقارنة تريد السلطة أن تثبت بموجبها هذه المعادلة وتبرير صمتها وموافقتها عليها.
لكنّ في المقابل مسؤولين في إدارة المعبر سابقا يقولون إن الجانب المصري كان يهدد دائما بإغلاق المعبر وعدم السماح لأي من المواطنين بالمغادرة في حال الاعتراض على كشوفات التنسيق، وجرى بعد جهد طويل التوافق على السماح للمسافرين العاديين المسجلين ضمن كشوفات وزارة الداخلية مقابل السماح بتمرير كشوفات التنسيق.
وذكر مسؤول سابق للرسالة أنّ "إدارة المعبر من الطرف المصري عندما رفضنا كشوفات التنسيق، قال أحدهم لن نسمح بأن يسافر أحد، وأعلن عن عطل الشبكة لديهم في إطار الضغط علينا، ولم يكن لدينا من خيارات سوى الموافقة".
أمّا في الوقت الحالي فإن "السلطة التي تولت المعبر بشكل رسمي، فإن قبولها لاستمرار التنسيقات يتعارض بالكلية مع الموقف السليم الذي يتوجب عليها اتخاذه، وهي اليوم تمثل طرفا شرعيا يمكنه الاعتراض"، وفق قوله.
لكنّ بعض المسؤولين في السلطة تنصلوا من تصريحاتهم السابقة حول عمل المعبر بطريقة دائمة، وقالوا إن عمله مناط بالوضع الأمني في سيناء، ثم أن عملية فتح المعبر ستناط بقرار من الجانب المصري حتى لو تسلمت الحكومة كامل مهامها بما في ذلك الملف الأمني في غزة.
وترفض هيئة المعابر التعامل مع وسائل الاعلام أساسا لتوضيح وجهة نظرها من عمل المعبر، رغم تسجيل عديد النقاط على أداءها، والتي بدأته بتعطيل شبكة الحاسوب الفلسطينية، لعدم معرفة الطواقم الجديدة بالتعامل معها، ورفض الحكومة التعامل مع موظفي غزة.
وأصرّت السلطة على تسلم المعبر كأول خطوة لها، ثم اشترطت بعد ذلك بتسلمها الملف الأمني في القطاع، قبل الشروع بفتح المعبر وعمله بشكل طبيعي، مع العلم بأن الطرف المصري قال إن انشاءاته في المعبر لا تزال متواصلة ولم تنته، كما أن معيار الامن في سيناء هو محدد عمل المعبر وتشغيله على مدار الساعة.