تحول جهد الفصائل الفلسطينية إلى أشبه بـ"كاسحة الألغام" خلال لقاءات القاهرة التي استمرت لمدة ثلاثة أيام، صبّت كل جهدها لإزالة المفخخات التي وضعتها حركة فتح على الطاولة، وفق توصيف قيادات فصائلية شاركت في اللقاءات.
حركة فتح استبقت لقاءات القاهرة بإرسال وفد فتحاوي الى قطاع غزة برئاسة ماجد فرج، حاول خلال زيارته ثني حماس عن لقاء الفصائل والسعي لتأجيله، والتسويف في طرح قضية تمكين الحكومة، استكمالًا لمساعي سبقتها حاولت فيها الضغط عبر فصائل مقربة منها بالدعوة لإرجاء لقاء الفصائل والذي كاد أن يتأجل لولا إصرار الفصائل الأساسية وأبرزها الجهاد والجبهتين وحماس على عقده بموعده، وكذلك التزام الوسيط المصري بإنجاح مواعيد المصالحة.
وبعد فشل الضغوط الفتحاوية على إلغاء اللقاءات أو تأجيلها على الأقل، ذهب وفد فتح متسلحًا بعديد من اللاءات التي حاولت فيها القفز عن التوافقات الوطنية، في محاولة للقفز عن اتفاق 2011 من أساسه، اعتقادًا بأن هذا الاتفاق أبرم في ظروف إقليمية كانت تصب لصالح حماس ابان اندلاع الثورات العربية، "أما اليوم فالظروف تغيرت" هكذا قرأت فتح الموقف بحسب قيادات فيها.
وطرحت الحركة بحسب شخصيات شاركت في لقاءات القاهرة، وطبقًا لما سربته أوساط قيادية مقربة من الرئيس محمود عباس، عددًا من المواقف التي حاولت فيها القفز عن الاتفاق، ويمكن تلخيصها على النحو التالي:
1- حكومة الوحدة الوطنية: حيث اتجهت فتح نحو خيار تعديل حكومة رامي الحمد الله بخمسة وزارات، يتاح فيها الفرصة لحركة حماس باختيار ثلاثة على الأقل، مقابل عدم التوجه لتشكيل حكومة الوحدة التي تعتبر أحد أبرز ملفات اتفاق 2011م.
ومع إصرار حركة حماس وفصائل أخرى على تشكيل حكومة وحدة وطنية ورفضها ترأس رامي الحمد الله للحكومة، تقول مصادر فتح إن الخيار سيتجه لتعيين شخصيات مماثلة له كمحمد مصطفى أو محمد اشتيه، واضعة فيتو على أي ترشيح أي شخصية محسوبة أو مقربة من حماس.
2- البرنامج السياسي: في الوقت الذي تجمع فيه الفصائل الفلسطينية على وثيقة 2005 كمرجعية سياسية لأي حكومة فلسطينية، أصرت فتح على برنامج منظمة التحرير -الذي تقول الجبهة الشعبية بأنه برنامج أوسلو- بأن يكون مرجعية للحكومة.
ورغم موافقة الفصائل على تشكيل حكومة وحدة بدون برنامج سياسي إلا أن الرئيس عباس رفض ذلك واشترط أن يعترف الوزراء والفصائل المشاركة ببرنامج أوسلو، وهذا أمر ترفضه غالبية القوى وفي المقدمة حماس والجبهة الشعبية، بينما يصر الرئيس عليه لضمان عدم مشاركتهما.
3- الملف الأمني: أصرت فتح استدعاء الملف على طاولة البحث رغم الاتفاق على إرجائه مبدئيًا، إلا أن حركة فتح تتعامل مع الملف كما ملف الموظفين عمومًا لا رتب ولا مناصب ولا وجود وظيفي إلا ضمن نطاقات تستوعب بعضهم، على الأقل وفق التصريحات العلنية لقيادات فتح، مع التأكيد بأن الملف الأمني هو آخر الملفات التي جرى الاتفاق على حلها لتعقيدها، وأرادت فتح استدعاءه ضمن الملفات الأولى بل وجعلته محددًا لنجاح المصالحة من فشلها.
4- الانتخابات: ورغم النداءات التي كان يطلقها عباس سابقًا وتحديه لحركة حماس قبول إجراء الانتخابات، إلا أن حركة فتح وبحسب أوساط قيادية منها طلبت تأجيل عقدها على الأقل لمدة ستة شهور من الاتفاق على إعادة تعديل الحكومة.
5- القانون الانتخابي: ذهبت فتح للمطالبة بتعديل النظام الانتخابي النسبي الكامل، وذلك لضمان وجود الفصائل الصغيرة المحسوبة عليها في المجلسين الوطني والتشريعي، وذلك باحتساب نظام النسبي مئة بالمئة بعد أن تم التوافق عليه في لقاءات القاهرة بـ70%، مع الإشارة إلى أن حكومة الحمد الله دعت إلى إجراء انتخابات بلدية في غزة فقط، وهذا خيار آخر أيضًا تبحث الحكومة إرجاءه.
6- ملف المنظمة: ألقت حركة فتح أمام الفصائل سابقًا عددًا من الملفات التعجيزية وفي القلب منها عدم التمكن من إجراء الانتخابات في سوريا والأردن والعراق ودول عربية أخرى، في وقت دعت فيه من الأساس تأجيل النظر في إجراء انتخابات الوطني.
تقول مصادر فصائلية أن حركة فتح طلبت عن طريق الوسيط المصري ضمانات بألا ترشح حماس ممثلين عنها في رئاسة السلطة والمنظمة، كما أنها سعت إلى انتزاع ضمان بألا تنتزع الحركة الأغلبية في المجلسين.
7- الموظفين: رفضت فتح من الأساس تعيين أي شخصية قانونية أو إدارية محسوبة على الفصائل أو حماس في اللجنة الإدارية التي شكلتها، ثم بعد ذلك اضطرت للموافقة على ثلاثة أشخاص تجاوزتهم في عقد عدد من الاجتماعات.
مسؤولون في السلطة تحدثوا عن رفض فتحاوي مبدئي لاستيعاب الموظفين الذي استمروا في العمل بعد أحداث 2007، عدا عن رفض مبدئي للتعامل مع المنظومة الإدارية الحالية خلافًا لما تم الاتفاق عليه بأن الحكومة مناط بها التعامل مع الموظفين إلى حين انتهاء إجراءتها الإدارية والقانونية.