ثمة تحول كبير في الموقف الأمريكي المنحاز دائما لإسرائيل، وصل هذه المرة حد الابتزاز عقب تلويح الولايات المتحدة بإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن وفرض شروط للسماح بعمله.
وتشترط الإدارة الأميركية على الفلسطينيين في مقابل السماح بعمل مكتب المنظمة بأن يتوقفوا عن ملاحقة "إسرائيل" في محكمة الجنايات الدولية والدخول معها في مفاوضات مباشرة.
التحول من الضغط والانحياز إلى الابتزاز وفرض الشروط يبدو أنه يهدف لدفع السلطة على القبول بصفقة سياسية بعد تحت مسمى الحل الإقليمي والذي تسعى أمريكا لفرضه مع دول عربية في لإنهاء أطول صراع في الشرق الأوسط.
خطة نهائية
وكانت صحيفة "التايمز" البريطانية ذكرت أن الولايات المتحدة تعمل على وضع خطة نهائية، تقضي بإحلال سلام دائم بين الفلسطينيين وإسرائيل، في أعقاب التحول الذي طرأ في العلاقات العربية الإسرائيلية بقيادة السعودية.
ويمكن القول إن هذا التحول ليس وليد الموقف الأخير، فمنذ اللحظة الأولى التي وطئت فيها أقدام رجل الأعمال والمال الأمريكي دونالد ترامب، البيت الأبيض فإن الرجل يدرك أن حل القضايا لا يُنجز إلا بالصفقات.
وسمحت الولايات المتحدة الأميركية عام 1994 لمنظمة التحرير الفلسطينية بأن تفتح مكتبا لها في العاصمة واشنطن، ليكون الجهة الممثلة رسميا لجميع الفلسطينيين. وقام الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون حينها بإلغاء قانون ينص على أن الفلسطينيين لا يستطيعون الحصول على مكاتب.
وتقوم مهمة المكتب على تسهيل التفاعل بين السلطات الفلسطينية والحكومة الأميركية، باعتبار أن الولايات المتحدة لا تعترف بدولة فلسطين، وليس للفلسطينيين أي تمثيل دبلوماسي أو قنصلي فوق الأراضي الأميركية.
متعددة
ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل أن هذا الابتزاز يأتي في ظل تجهيز الولايات المتحدة لصفقة القرن؛ بهدف الضغط على الجانب الفلسطيني للقبول بهذه الصفقة والتجرد السياسي وحتى الدبلوماسي من كافة الشروط.
ويوضح عوكل في حديثه لـ "الرسالة نت" أن السلوك الأمريكي بات واضحا في تواطئه المستمر مع حكومة الاحتلال "الإسرائيلي"، الذي يتجاهل كل ما تقوم به الأخيرة من سياسات خطير في الضفة المحتلة والقدس.
ويؤكد أن إغلاق مكتب المنظمة في واشنطن جاء كرسالة لجميع الفصائل المجتمعة في القاهرة بتجهيز أنفسهم لقبول بالصفقة السياسية التي تجهزها أمريكا والتي لم تظهر ملامحها بعد.
ويشدد عوكل على ضرورة توحيد الرفض الفلسطيني لهذا الابتزاز، متوقعا ألا تكتفي الإدارة الأمريكية بالضغط؛ بل ستذهب لتفعيل وسائل ضغط أخرى عبر استخدام المال وبعض الدول العربية للابتزاز الفلسطينيين وقبولهم بالصفقة المقبلة.
وحول إمكانية استجابة السلطة لهذا الابتزاز، يرى عوكل أنها لا تعارض أي مبادرة لحل الصراع لكن السؤال الأهم يبقى ما هي الرؤية الأمريكية للحل وهل تقبل السلطة بأي حل؟
حماقة وانحياز
ومن وجهة الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطا الله فإن إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية فكرة حمقاء، كون المكتب كان مجرد رشوة صغيرة تقدمها الولايات المتحدة للنظام السياسي الفلسطيني ليقنع نفسه بحيادية الدور الأميركي في التسوية مع "إسرائيل".
وعن رد السلطة على هذا القرار يقول عطا الله في مقال له: إن رد السلطة ومنظمة التحرير كان يشبه القرار الأميركي في سذاجته حين اعتبر أن الولايات المتحدة ستفقد حيادتيها ودورها كوسيط لعملية السلام، وكأن هناك عملية سلام أو كأن الولايات المتحدة رائدة السلام وصانعته في المنطقة ولنعد للتاريخ".
وفي نهاية المطاف يبقى الأهم هو توحد الفلسطينيين في مواجهة أي مخطط من شأنه أن يمرر على حساب القضية الفلسطينية.