أجمع ممثلون عن الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية ومحللون وكتاب سياسيون أن مصطلح "التمكين" الذي تستخدمه حركة فتح وحكومة التوافق ليس سوى ذريعة لإدارة الانقسام الفلسطيني، مطالبين بالإسراع برفع العقوبات عن قطاع غزة.
ودعت الفصائل خلال ندوة نظمها مركز فلسطين للدراسات والبحوث بمدينة غزة، السبت، الكل الوطني الفلسطيني باستثناء حركتي فتح وحماس للخروج بمسيرات شعبية حاشدة يوم غد الأحد في مدينة غزة للضغط على وفدي الحركتين بالقاهرة لتحقيق الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام الفلسطيني.
وتوجّه أمس الجمعة وفدي فتح وحماس إلى العاصمة المصرية القاهرة بدعوة من الأخيرة؛ لبحث تطورات ملف المصالحة الوطنية.
كما اقترح هؤلاء تشكيل هيئة قانونية من محامين في غزة لرفع دعوى قضائية ضد حكومة التوافق الوطني لمطالبتها برفع العقوبات المفروضة على القطاع.
ذريعة للتعطيل
عضو المكتب السياسي لحركة حماس صلاح البردويل قال إن المصالحة يجب ألّا تقوم بمصطلح غالبًا أو مغلوب تفرض مفاهيمك على الطرف الاخر؛ بل يجب أن ننظر بها الى دعم مصالح شعبنا وقضيتنا.
وأضاف "التمكين يجب ألا يكون ذريعة لتعطيل المصالحة، فالتمكين هو يجب أن يعيش شعبنا حياة طبيعية في بلاده، ونمّكن من إصلاح نظامنا السياسي الفلسطيني"
وشدد البردويل على موقف حركته ألاّ تتوقف عن المصالحة؛ مهما حدث من ظروف أو مناكفات، مؤكدًا أن حركته ستستمر بالمصالحة حتى آخر لحظة ولن تعود إلى الوراء.
وأضاف "نحن دشنا مرحلة جديدة من العمل نحو المصالحة باطلاع الفصائل لتكون جزء منها، سنستمر إلى الحد الذي يقول لنا الشعب والفصائل؛ كفى نحن لا نتحمل أكثر من ذلك، وعندها سنطالب الجميع بتشكيل جسم موحد نكون به قادرين بالحفاظ على مكتسباتنا في غزة ونقل الروح الوطنية إلى الضفة المحتلة".
القيادي في حركة الجهاد الإسلامي خالد البطش قال إن مصطلح التمكين الذي بدأ قيادات السلطة وحركة فتح ترديده بعيد استلام السلطة لمعابر القطاع يعني الإقصاء والإحلال، "وهو شماعة للمماطلة".
وأضاف "كان ينبغي أن نتحدث عن الشراكة الوطنية"، موضحًا أن "التمكين فقط في الضفة الغربية للمقاومة لكي تواجه العدو"، مؤكدًا أن اتفاق القاهرة 2011 هو مدخل الشراكة ومرجع، مشددًا على أهمية تطبيقه واحترام اتفاق الآليات الذي وقع بين حركتي فتح وحماس.
وحول دعوة حكومة الوفاق يوم الثلاثاء الماضي للموظفين في القطاع للعودة للعمل بوزاراتهم، قال البطش: "كان يفترض على الحكومة بدل أن تلقي قنبلتها بأن تلتئم اللجنة الإدارية والقانونية المشتركة (الجديدة) لمتابعة ملف الموظفين وتسكينهم وهيكلتهم كي تبدأ بحل مشكلة الموظفين وتنقل الأزمة من صراع سياسي إلى فريق فني إداري متخصص يحل المشكلة حسب القانون والنظام".
يهدف للإقصاء
بدوره رأى عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين جميل مزهر أن الحديث عن مصطلح "التمكين" هو بهدف الاقصاء، مؤكداً على أهمية اعتماد الشراكة الوطنية في المصالحة.
وأكد مزهر على ضرورة قيام حكومة الوفاق بواجبها ومسؤولياتها وليس فقط التحدث عن التمكين "حتى نحمي المصالحة من كل المحاولات التخريبية والعبثية"، لافتًا إلى أن الترتيبات ستكون أسهل إذا ما كان هناك شراكة، مضيفاً أنه "للإقصاء سأستمر إلى مالا نهاية وأنا أتحدث عن التمكين".
وأشار مزهر إلى أن "هذا بحاجة إلى أوسع اصطفاف شعبي ووطني للوقوف في وجه الطرف المعطل للمصالحة".
وأوضح ضرورة وجود "طرف ثالث مؤثر وقادر" من خارج حركتي فتح وحماس يستطيع أن يؤثر ويشكل عامل ضغط حقيقي وجدي باستخدام كل الوسائل (الفعاليات الوطنية والشعبية بحاجة لتشكيل أداة ضغط حقيقية وجدية).
ولفت الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف إلى أن مصطلح "التمكين" ما هو إلاّ شماعة لتعطيل المصالحة.
وأكد أن هناك نظرة لما يقدمه الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لتصفية القضية الفلسطينية، "ويريدون استمرار الحوارات لهذا الحدث، وإذا كان الحل على حساب شعبنا فليذهب في 60 داهية؛ وإذا كان الحل على حساب سيناء سيكون لمصر موقف آخر".
إجراءات مرفوضة
القيادي في الجبهة الديمقراطية لتحرير صالح ناصر قال في كلمة مقتضبة له أن "الإجراءات العقابية ضد قطاع غزة تعذيب لشعبنا وليس لحركة حماس، وهي إجراءات مرفوضة يجب ان يتم التراجع عنها".
ودعا ناصر إلى تشكيل جبهة شعبية ضاغطة للمصالحة و مؤثرة، وأن تنزل على الشوارع والميادين العامة للضغط لدفع المصالحة قدماً للأمام من أجل تصويب طريق المصالحة.
وأضاف "نحن سنبدأ قريبًا بجهد الجميع معاً لتصويب البوصلة من جديد لإنجاز المصالحة الوطنية لخدمة المشروع الوطني".
من جانبه قال عضو القيادة المركزية للجان المقاومة الشعبية محمد أبو نصيرة إنه يتوجب اعلاء الصوت العمل الجاد للخروج من مأزق الانقسام وتحقيق الشراكة على أرض الواقع.
وأكد أبو نصيرة أن الضامن الوحيد لسير المصالحة هو أن تعلي الفصائل الفلسطينية صوتها وتقول بشكل واضح من هو الذي يعطل المصالحة، قائلاً "لا يوجد محاباة أو وسطية بهذه المرحلة".
بدوره، رأى الكاتب والمحلل السياسي فايز أبو شمالة أن من يرفض الشركة هو من يرفض المصالحة، "وجميع الفصائل ترفض الإجراءات العقابية؛ ولكن حتى الآن لا نعلم متى يتجسد هذا الرفض بمواقف عملية".
وطالب أبو شمالة الفصائل الفلسطينية أن تحدد موقف حتى تاريخ 10 من ديسمبر الجاري؛ وأنه في حال لم تنجز المصالحة ستتخذ تلك الفصائل موقف عملي وجريء على الأرض الواقع، "وكل شعبنا سيلتف معكم".
إدارة للانقسام
وبين مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان عصام يونس أن ما يجري على أرض الواقع ليس مصالحة حقيقية؛ بل هو ممارسة قولاً وسلوكًا لإدارة أزمة الانقسام.
وأوضح يونس أن الانقسام ضرب عموم الشعب الفلسطيني، وكل تفاصيل حياتنا؛ لكن يجب اشراك عموم المجتمع الفلسطيني "قطاع خاص ومجتمع مدني ووجهاء وعشائر" في المصالحة، مشدداً على أنه بدون مرجعيات واضحة ومحددة تحكم الفعل أو السلوك فإن المصالحة لن تسير إلى الأمام.
بدوره بيّن الخبير الأمني والاستراتيجي محمود العجرمي أن مصطلح المصالحة بدأ كالهرم المقلوب، "وكان من المفترض أن نصلح الرأس المتمثل "بالمنظمة" الذي يوحد شعبنا، ثم نبدأ بمعالجة الملفات الأخرى".
وأوضح العجرمي أن حكومة الوفاق هي نتاج واختراع مارسته حماس وفتح ثم اسنده الكل الفلسطيني؛ "لذا هي أداة تنفيذية خدماتية لا يحوز لها أن تتناول ملفات سياسية؛ ولكن للأسف الحكومة باتت تعبر عن اتجاه سياسي واحد وفقط وهي لا تزال تمارس ذلك حتى اليوم".
وأضاف "هذه ليست حكومة وفاق بل هي جزء من المشكلة؛ لذا يجب السعي الوطني لتشكيل حكومة وحدة وطنية تعكس القوى الحية بشعبنا لتكون قادرة على حمل الراية".