تتلكأ حكومة الوفاق الوطني في دفع رواتب موظفي غزة عن شهر نوفمبر الماضي وفق الاتفاق بين حركتي فتح وحماس في القاهرة مؤخراً، مخيبة بذلك آمال الموظفين الذين يرقبون بشغف كبير دمجهم على سلم رواتب السلطة الفلسطينية.
وتكفلت وزارة المالية بغزة بدفع 40% من رواتب الموظفين لشهري 9 و10، بينما جرى الاتفاق أن تتحمل حكومة الحمد الله رواتب شهر 11، كونها مسؤولة عن قطاع غزة بعد استلامها الوزارات والمعابر بشكل كامل في القطاع.
وصرفت وزارة المالية بغزة، الخميس الماضي دفعة بقيمة ألف شيكل لجميع الموظفين في غزة، وذلك للمرة الأولى التي يتم فيها صرف دفعة مالية موحدة لجميع الموظفين الذين كانوا يتقاضون رواتب بنسبة 40% و50% بما لا يقل عن 1200 شيكل، وذلك بعدما انتقلت الجباية على المعابر لصالح حكومة الحمد الله بداية نوفمبر الماضي.
وبحسب اتفاق القاهرة، فإن حكومة الحمد الله ملزمة بدفع رواتب للموظفين في غزة عن شهر نوفمبر الماضي، لكن المؤشرات السلبية وضعت الموظفين في حالة من التذمر لاسيما أنهم عقدوا آمالهم على إعادة رواتبهم كاملة بعد توقيع اتفاق المصالحة.
وكانت وزارة المالية في رام الله أعلنت نيتها صرف رواتب موظفي السلطة، اليوم الاثنين، متجاهلة الحديث عن إدراج موظفي غزة ضمن هذه الرواتب.
وفي هذا السياق، أعلن الدكتور إيهاب النحال رئيس الحملة الشعبية لمناصرة موظفي قطاع غزة، النفير العام لجموع موظفي غزة وكل الجماهير المناصرة لقضيتهم العادلة؛ اليوم الاثنين في ساحة الجندي المجهول بمدينة غزة، وقال: "الحكومة تعلن الحرب على موظفي غزة وقوت أطفالهم، ولم تدرجهم ضمن رواتب شهر نوفمبر حسب اتفاق المصالحة".
ومن جانبها، أكدت نقابة الموظفين في القطاع العام قرارها بمنع الموظفين المستنكفين من العودة للوزارات لحين الاعتراف بحقوق موظفي غزة كاملة، محذرة من النكوص عن دفع راتب شهر نوفمبر.
وأكدت النقابة على أن عودة المستنكفين إلى عملهم من اختصاص اللجنة الإدارية القانونية بعد التئام أعضائها كافة في غزة والضفة، مضيفة أن هذه العودة لن تتحقق إلا بعد دمج الموظفين وتسكينهم وتحقيق الأمان الوظيفي لهم.
وحذرت نقابة الموظفين أنه في "حال النكوص عن استحقاق 5 ديسمبر، وعدم صرف رواتب الموظفين في غزة، فإنها سنعتبر ذلك بمثابة إعلان حرب؛ إذ يمس أرزاق 45 ألف موظف يعيلون أكثر من ربع مليون فلسطيني".
وقالت النقابة في بيان لها "عدم صرف رواتب الموظفين يعتبر شرارة الغضب التي نحذر حكومة السيد الحمد الله من تبعاتها لأنها هي وحدها من تتحمل المسؤولية إضافة للجهة التي تتحكم بها وتصدر لها القرارات، ونعلن أن كل خياراتنا وفعالياتنا مطروحة على الطاولة".
وفي إطار تعقب "الرسالة" لردود فعل الموظفين، عبر الموظف إسماعيل أبو عبيد عن غضبه من عدم إعلان حكومة الحمد الله إدراج موظفي غزة ضمن رواتب شهر نوفمبر، وقال "في الوقت الذي كنا ننتظر فيه الخروج من عنق الزجاجة بحصولنا على راتب شهري كامل مع تمكين حكومة التوافق في غزة، عدنا إلى متاهة عدم وضوح الرؤية فيما يتعلق بصرف رواتبنا".
ويضيف الموظف الذي يقبع بمخيم جباليا: "الدفعات المالية التي كنا نتقاضاها لا تكفي لسد الديون التي تراكمت على كاهلي، ولا أملك حتى ثمن المواصلات التي توصلني إلى مكان عملي بمدينة غزة، فكيف سيحتمل الموظف في حال لم تلتزم الحكومة بصرف راتبه".
ويتسأل أبو عبيد المعيل لأربعة أبناء: "في الوقت الذي طلب منا توفير المناخ المناسب لعمل حكومة الوفاق، والتزمنا بتنفيذ كل التعليمات بواجب وحس وطني، تقابلنا حكومة الحمدلله بعدم الاعتراف بنا أو الحديث عن مصيرنا ومستقبلنا خلال الفترة المقبلة لماذا؟".
بدوره، يطالب الموظف حامد ابراهيم، بأن تحدد حكومة التوافق موعداً محدداً لصرف رواتبهم الشهرية والاعتراف بهم، بعد تسلمها كامل الحكم في قطاع غزة. وشدد إبراهيم في حديثه مع "الرسالة" على ضرورة كشف الغموض الذي تمارسه السلطة على مصيرهم، بعد تضارب تصريحات القيادات الفتحاوية بشأنهم، ووضوح موقف حركة حماس بتمسكها بموقف عدم إقصاء أي موظف إلا أنها لم تعد الجهة المسؤولة عليهم.
بدوره، يرى يوسف عمرو، المحلل السياسي، أن الغموض الذي تمارسه حكومة الوفاق على مستقبل موظفي غزة "يخلق أجواءً توتيريه بصورة لا تخدم المصالحة الفلسطينية".
ويؤكد عمرو في حديثه مع "الرسالة" على أن راتب شهر نوفمبر كان من المقرر أن تدفعه حكومة الحمدلله وفق ما تم الاتفاق عليه مسبقاً، وأن تشرف على راتبي شهر 9 و10، إلا أنها لم تلتزم حتى الان بالاتفاق رغم تسلمها وزرات قطاع غزة ومعابرها كاملها وبدون أي عائق.
ويوضح أنه في حال واصلت حكومة الحمدلله تميزها غير المبرر بين موظفي رام الله وغزة خلال الأشهر المقبلة، وتنصلها من دفع رواتب لهم وفق الاتفاق، فإن ذلك سيدخل المصالحة في نفق مظلم، تتحمل هي مسؤولياته.
وطالب عمرو في نهاية حديثه، الفصائل الفلسطينية بمواصلة الضغط على قيادة السلطة والرئيس عباس وإجبارهم على تحمل كامل مسؤولياتهم تجاه قطاع غزة بدءًا من رفع العقوبات ومروراً بدمج الموظفين ومنحهم مستحقاتهم ومرتباهم الشهرية حتى إنهاء الملفات العالقة كافة.