بدأ عصر تكنولوجيا المعلومات والإنترنت منذ تسعينيات القرن الماضي حتى أعوام قريبة، وحقق تغيرات ثورية في حياة البشرية بما فيها هذا الموقع الذي تطالع عليه هذه السطور سواء من الهاتف الذكي أو الكمبيوتر اللوحي.
أما العصر الحالي فيمكن أن يطلق عليه "عصر تكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد"، حيث يتم الكشف يومياً عن استخدامات وتطبيقات غير مسبوقة في كافة مناحي الحياة، ومنها ما أعلن عنه مؤخراً في مجال علاج الصمم وضعف السمع.
وبحسب ما نشرته صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، يمكن للخبراء حالياً تصنيع قطع الغيار للعظام الهشة، والمعروفة باسم العظيمات التي تنقل الموجات الصوتية الخارجية إلى العصب القوقعي.
ويأمل الباحثون أن هذه العظيمات متناهية الصغر ستجعل السماعات الطبية لأذن ضعاف السمع جزءاً من الماضي، على غرار الكثير من المعدات والآلات التي نشاهدها فقط في الأفلام القديمة.
توصل باحثون بجامعة "ميريلاند" في بالتيمور إلى هذا الابتكار الذي يستخدم الأشعة المقطعية لأذن المريض في إنتاج أطراف صناعية أو عظام متناهية بواسطة تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد (3D).
يقوم الجراحون حالياً بإجراء عمليات من هذا النوع، لكنها تلاقي غالباً الفشل لأنها لا تناسب قياسات كل أذن بشكل دقيق.
وباستخدام أشعة التصوير المقطعي المتطورة، تمكن الفريق البحثي من إجراء قياسات مفصلة للأذن الداخلية للمريض وتوظيف طابعة ثلاثية الأبعاد تقليدية المواصفات لإنتاج عظام صناعية حسب مقاسات دقيقة لكل أذن أو حسب الطلب.
يقول دكتور جيفري هيرش، المؤلف المشارك في الدراسة: "إن العظيمات هي هياكل صغيرة جداً، ويعد أحد أسباب ارتفاع نسب فشل هذه العمليات الجراحية هو قياسات الأحجام غير الصحيحة للعظام الصناعية التي يتم زرعها في أذن المريض".
إذا كان من الممكن أن يتم تفصيل عظام صناعية بقياسات أكثر دقة، فإن من المتوقع أن ترتفع نسب نجاح تلك الجراحات.
يعمل السمع من خلال انتقال الاهتزازات من المحيط الخارجي للشخص إلى طبل وقواقع الأذنين - الجهاز الحسي للسمع.
وتقوم الأذن بعملية الانتقال للاهتزازات من خلال 3 عظام صغيرة في الأذن الوسطى المعروف باسم عظيمات الركاب.
إن فقدان السمع التوصيلي العمودي هو أحد أشكال الصمم الناجم عن تلف في هذه العظيمات بسبب إصابات، تكون عادة من صدمة، أو عدوى.
يؤثر التلف بالعظيمات على مرور الصوت بين طبلة الأذن والأذن الداخلية، وبالتالي لا تصل الاهتزازات إلى القوقعة.
وتركز طرق العلاج حالياً على إعادة الإعمار الجراحي باستخدام دعامات مصنوعة من الفولاذ المقاوم للصدأ أو السيراميك.
وفي الدراسة، قام الباحثون باستئصال العظيمات من 3 أشخاص متوفين، وحصلوا على قياسات دقيقة بواسطة الأشعة المقطعية. ثم استخدموا طابعة ثلاثية الأبعاد لإنتاج نسخ متماثلة لتحل محل العظام التي تم استئصالها.
تم تصنيع العظيمات البديلة من مادة راتنغية، التي تتصلب عندما تتعرض لأشعة الليزر فوق البنفسجية.
إن الجمع بين الأشعة المقطعية والطباعة ثلاثية الأبعاد حققت خلال التجارب زيادة في احتمالات نسب نجاح مناسبة، كما أدت إلى قصر المدة الزمنية لإجراء الجراحة.
إن الخطوة التالية هي إنتاج عظيمات صناعية من الجمع بين تقنيات الأطراف الصناعية المطبوعة بأبعاد ثلاثية والخلايا الجذعية.
وأضاف دكتور هيرش: "بدلاً من إنتاج عظيمات صلب للأذن الوسطى، سيمكن إحراز المزيد من النجاح من استخدام الخلايا الجذعية لتنمو عظيمات دقيقة القياس. إن الخلايا الجذعية سوف تنضج وتتحول إلى عظيمات بما يؤدي إلى علاج دائم للمرضى الذين يعانون من فقدان السمع".