ينتظر أن يعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب رسميا مساء اليوم الأربعاء اعتراف إدارته بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية من تل آبيب إلى القدس خلال بضع سنوات في تجاهل صارخ لحلفائه العرب خاصة، وللتحذيرات المتواترة من كل أنحاء العالم من تداعيات هذه الخطوة.
ومن المقرر أن يلقي ترمب خطابا في السادسة بتوقيت غرينتش (التاسعة بتوقيت مكة المكرمة) يعلن فيه قراره الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل تنفيذا لوعد كان أطلقه في حملته لانتخابات الرئاسة.
وقال مسؤولون أميركيون إن هذه الخطوة هي اعتراف بحقيقتين؛ "تاريخية قائمة على أن المدينة تعتبر عاصمة دينية للشعب اليهودي، وأخرى حالية باعتبارها مركزا للحكومة الإسرائيلية"، حسب تعبيرهم.
وأضافوا أن ترمب سيعلن أيضا توجيه وزارة الخارجية لوضع خطة بدء عملية نقل السفارة إلى القدس، على أن يتم ذلك خلال ثلاث أو أربع سنوات. وأوضحوا أن هذا القرار جاء بتوصية ودعم الفريق الأميركي الذي يشرف على الدفع بعملية السلام والذي يقوده كل من جاريد كوشنر، صهر ومستشار ترمب، وجيسن غرينبلات الممثل الأميركي للمفاوضات الدولية.
وضغط مايك بنس نائب الرئيس الأميركي والسفير الأميركي لدى إسرائيل ديفد فريدمان بقوة للاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، فيما عارض وزير الخارجية ريكس تيلرسون ووزير الدفاع جيمس ماتيس نقل السفارة، وفق مسؤولين أميركيين.
وليست هناك سفارة لأي دولة في القدس المحتلة، ويفترض أن تكون الولايات المتحدة أول دولة تنقل سفارتها للقدس، وقالت إسرائيل إنها تتوقع أن تتخذ دول أخرى خطوات مماثلة. وكان ترمب أبلغ قادة فلسطين والأردن ومصر والسعودية بالإضافة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقراره.
ترمب لا يكترث
وأثار قرار ترمب المرتقب غضبا فلسطينيا، لكن يبدو أن التحركات الرسمية العربية ردا على هذه الخطوة لا ترتقي لخطورة الموقف.
وكانت السلطة الفلسطنية دعت إلى اجتماعات طارئة عربية وإسلامية، فيما أعلن وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أن بلاده ستدعو لاجتماع طارئ للجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي يومي السبت والأحد المقبلين.
وحذر ملك الأردن عبد الله الثاني الرئيس الأميركي من أن قرار نقل السفارة ستكون له تداعيات خطيرة على الأمن والاستقرار في المنطقة، كما حذر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ترمب من القيام بإجراءات من شأنها أن تقوض فرص السلام في الشرق الأوسط، وفق بيانين رسمين صدرا بعمان والقاهرة.
كما أبلغ الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز ترمب بأن أي قرار لنقل السفارة الأميركية إلى القدس قبل التوصل لتسوية سلمية دائمة من شأنه أن يستفز مشاعر المسلمين، فيما عبر ملك المغرب محمد السادس في رسالة لترمب عن قلقه الشديد من القرار المرتقب، وقال إن القدس يجب أن تبقى أرضا للتعايش.
وأعلنت وزارة الخارجية القطرية أن قطر تعلن رفضها التام لأي إجراءات للاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. وقال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إن الحكومة العراقية ترفض نقل السفارة الأميركية للقدس، وتحذر من تداعيات الموضوع.
وفي لبنان حذر رئيس الحكومة سعد الحريري من أن هذه الخطوة ستكون لها انعكاسات خطيرة. كما شددت تونس على ضرورة الحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني للقدس.
أما الجامعة العربية فطالبت واشنطن بضرورة الالتزام بقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بمدينة القدس، وقواعد القانون الدولي ومبادرة السلام العربية لعام 2002.
ردود دولية
وقد حذر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من نقل السفارة، وحذر ترمب من أن القدس خط أحمر، وهدد بأن بلاده ستقطع علاقتها بإسرائيل إن اعترفت أميركا بالقدس عاصمة لإسرائيل، فيما قال رئيس الوزراء بن علي يلدرم إن تركيا ستواصل الوقوف إلى جانب الفلسطينيين في قضيتهم العادلة.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عبر أمس لترمب عن قلقه من الخطوة، وشدد على بحث وضع القدس في إطار المفاوضات. كما حذرت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني من أي خطوة من شأنها نسف جهود استئناف عملية السلام.
وحذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من من أي عمل أحادي من شأنه أن يؤدي إلى تقويض حل الدولتين، وقال المتحدث باسمه ستيفان دوجاريك إن المنظمة الدولية تعتبر القدس قضية نهائية يجب حلها من خلال المفاوضات المباشرة.
وفي نفس الإطار حذّر عدد من زعماء المنظمات الإسلامية في الولايات المتحدة من مغبة الإعلان عن نقل السفارة الأميركية إلى القدس واعتبارها عاصمة لإسرائيل، وحملت الرئيس ترمب مسؤولية أي اضطرابات قد تشهدها المنطقة العربية والإسلامية نتيجة ذلك الإعلان.
وكانت إسرائيل احتلت القدس الشرقية عام 1967، وأعلنت لاحقا ضمها إلى القدس الغربية، معلنة إياها عاصمة موحدة وأبدية لها، وهو ما يرفض المجتمع الدولي الاعتراف به.
ومنذ إقرار الكونغرس الأميركي عام 1995 قانونا بنقل السفارة الأميركية من تل آبيب إلى القدس، دأب الرؤساء الأميركيون على تأجيل المصادقة على هذه الخطوة لمدة ستة أشهر.