قائمة الموقع

القدس مفتاح السلام

2017-12-11T06:54:01+02:00
كتاب
الجزيرة نت


في الوقت الذي أعاد فيه الرئيس الأميركي دونالد ترمب الجدل بشأن القدس إلى واجهة الأحداث، عندما تعهد بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس كان لا بد من اللجوء إلى أحد أهم مؤرخي الصراع العربي الإسرائيلي، لا على الصعيد الفلسطيني العربي فحسب، بل أيضا على الصعيد العالمي، لوضع قضية القدس وعروبتها في سياقها الحقيقي بعد أن أمعن القادة الإسرائيليون وألحَوا في تلقين العالم أن "القدس الموحدة عاصمة (إسرائيل) الأبدية". 
وفي هذا السياق، جاء كتاب "القدس مفتاح السلام" للمفكر المؤرخ وليد الخالدي، ليتناول فيه تاريخ القدس، ويحاجج المؤرخين الإسرائيليين فيما أطلقوا من ادعاءات في هذا المجال. هذا الكتاب يحتوي على دراسات عديدة تُشكل مساهمة فريدة ومميزة في نطاق الأبحاث العربية والأجنبية التي عالجت القضية الفلسطينية عموما، وقضية القدس على وجه الخصوص. 

 

يتكون الكتاب من سبع دراسات: (إسرائيل) تبتلع القدس والضفة والقطاع، الثانية، الإسلام والغرب والقدس، الخصائص الفريدة التي تميز القدس عن سائر قضايا الصراع الصهيوني-العربي"، لهذه الأسباب نرفض مشروع باراك-كلينتون للقدس، القدس من العهدة العمرية إلى قمة كامب ديفد الثانية سنة 2000، موقع السفارة الأميركية في القدس: وقف إسلامي مُصادر، الساعة تقارب منتصف الليل في القدس.


الدراسة الأولى، جاءت على شكل خطاب ألقاه المؤلف في الجمعية العامة للأمم المتحدة، بعيد حرب حزيران 1967، وذلك بطلبٍ من وزير خارجية العراق آنذاك عدنان الباجه جي، من موقعه مستشارا للوفد العراقي في الأمم المتحدة، وذلك للرد على ادعاءات مندوب (إسرائيل)، آبا آيبان، وقتها. 

 

وفيما يتعلق بالدراسة الثانية، فهي محاضرة ألقاها المؤلف في جامعة جورج تاون في واشنطن عام (1996)، أي بعد اتفاق أوسلو، ويتحدث فيها عن مركزية الصراع على القدس بين الإسلام والغرب، وبين الإسلام والمسيحيين من جهة واليهود من جهة أخرى، مؤكدا أن المسار الناجم عن اتفاق أوسلو (1993) لم يحسن الوضع، بسبب تأجيل البت في مصير القدس.

 

الدراسة الثالثة تطرق فيها الكاتب إلى ما تتميز به القدس عن سائر قضايا الصراع الصهيوني العربي. وفي هذا الخصوص يقول: قضية القدس تتميز عن سائر هذه القضايا بخصائص فريدة في جذورها وأبعادها ومضاعفاتها. ذلك أن البعدين الديني والدنيوي، الروحي والمادي، السياسي والرمزي، الوجداني والعقلاني تقاطعا وتفاعلا فيها عشرات بل مئات العقود التي رافقت صراع الأطراف عليها، بحيث ارتبطت القدس ارتباطا لا انفصام له، ليس فقط بالعقائد الإيمانية، ولكن أيضا بتعاريف الذات والتراث والهوية والقومية.


وفي كلمته تلك، يشير الخالدي إلى أهمية القدس لإسرائيل، إذ يذكر أنه فضلا عن أهميتها الأيديولوجية والسياسية لدولة الاحتلال فهي مهمة لها أيضا، لأنها المفتاح الإستراتيجي للسيطرة على الضفة الغربية، من موقعها المتوسط، كما أنها العازل للنصف الجنوبي من الضفة (الخليل) عن الجزء الشمالي (نابلس).

 

وبشأن الدراسة الرابعة، فقد خصصها الكاتب لدحض مشروع باراك-كلينتون، الذي جرى عرضه في مفاوضات كامب ديفد 2، التي جرت وقتها بين الفلسطينيين والإسرائيليين، برعاية أميركية، والذي رفضه الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في حينه. 

وفي الدراسة الخامسة يقوم الخالدي باستعادة تاريخية لمراحل الحكم الإسلامي للقدس الذي حافظ على العلاقة بين أصحاب الديانات الثلاث وسيادة التسامح الديني ورعاية الأماكن المقدسة، منذ عهد الخليفة عمر مرورا بصلاح الدين والفاتح العثماني سليم. في هذا الإطار، يُلاحظ المؤلف أن الخلافات حصلت أولا بعد تعاظم التنافس أو التنازع بين الدول الأوروبية الكبرى في القرن التاسع عشر، حيث كانت السلطة الإسلامية تلعب دور الحكم بين الكنائس المسيحية المتنازعة على حقوقها في الأماكن المقدسة في القدس.

 

وفي هذه الدراسة الخالدي يناقش قرار التقسيم الذي منح القدس مكانة خاصة، ثم يعرض لانقسام القدس إلى شرقية وغربية، بعد النكبة، وفقا للخطوط العسكرية، والسياسات التي انتهجتها (إسرائيل) والقوانين التي سنتها لفرض الأمر الواقع على الفلسطينيين. يعيد شرحه للسياسات الأميركية المتقلبة والمتلاعبة بقضية القدس، في دعمها مسعى (إسرائيل) تكريس واقع الاحتلال والهيمنة على هذه المدينة، التي تعتبرها عاصمتها الموحدة، ويجدد ملاحظاته بخصوص ما طرح في قمة كامب ديفد 2 بشأن القدس، مؤكدا رفضها.

 

وفي الدراسة السادسة، خصص الخالدي حديثه عن موقع السفارة الأميركية في القدس، لما لهذا الموضوع من آثار سياسية كبيرة، بخصوص مواقف الولايات المتحدة، وعملية السلام، ولكونه يتعلق بأراض فلسطينية. ويكشف الكتاب عن أن واشنطن استأجرت من (إسرائيل) الأرض التي ستُقيم عليها سفارتها في القدس بـدولار واحد سنويا، وبعقد يسري لمدة 99 سنة، يكون قابلا للتجديد، في الوقت الذي طلبت فيه واشنطن أن يظل الهدف من العقد مُبهما، بينما طالبت (إسرائيل) بتعهد صريح ينص على أن مشروع العقد سيكون سفارة.

 

وفي دراسته السابعة والأخيرة الموسومة بعنوان "الساعة تقارب منتصف الليل في القدس"، يتطرق الخالدي إلى العديد من القضايا والطروحات المتعلقة بهذه المدينة المقدسة. ومما جاء فيها أن واشنطن ليست حكما ولا مرجعية، كما أنها ليست وسيطا ولا مراقبا محايدا. فالاستيطان في القدس والضفة والجولان ممول برأس مال أميركي غير خاضع للتدقيق، وبهبات معفية من الضرائب، وتصونه الأسلحة التي تزودها واشنطن، وتدعمه وسائط إعلامها، وتحميه دبلوماسيتها، بل يجري تعزيزه بمستعمرين مسلحين من مواليدها. وهكذا، فإن الولايات المتحدة عنصر أساسي من المشكلة، كما أنها العنصر الأخطر في الحل.

اخبار ذات صلة