قائمة الموقع

​قرار ترمب..يوصد الأبواب أمام صفقة القرن

2017-12-11T09:12:58+02:00
ارشيفية
غزة-شيماء مرزوق

مفتاح الحرب والسلام يكمن في مدينة القدس، وقرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن القدس عاصمة لدولة الاحتلال، يعكس جهل الأخير بقضايا منطقة الشرق الأوسط وخطورة قضية المقدسات التي من شأنها أن تشعل المنطقة.

ومن الواضح أن ترمب الذي بدأ رئاسته للولايات المتحدة بالإعلان عما بات يعرف بصفقة القرن والتي يهدف من خلالها الى حل القضية الفلسطينية ضمن صفقة إقليمية شاملة تضمن انهاء الصراع والتطبيع بين الاحتلال الاسرائيلي والدول العربية لا يدرك أنه بهذا القرار قد يكون أفشل صفقته قبل أن تبدأ.

وتتناقض الرغبة الامريكية بالتسوية مع سلوك واشنطن السياسي، إذ يشكل قرار ترمب أزمة كبيرة في وجه أي عملية تسوية يسعى لإطلاقها خاصة أنه قدم للاحتلال الإسرائيلي كل شيء دون مقابل، الأمر الذي سيفقده وسائل الضغط على "إسرائيل" مستقبلاً، وهو ما يشكل وصفة ممتازة للفشل سواء كوسيط أو كصاحب مصلحة في إنهاء الصراع.

وبشيء من السخرية، يقول الكاتب الأميركي توماس فريدمان: "منح ترامب الإسرائيليين القدس، مجانا، ويا لها من صفقة! كيف يمنح أحدهم مثل هذه الهدية المجانية، دون استخدامها حتى في الوصول إلى اتفاقٍ إسرائيلي-فلسطيني؟".

وتحدث فريدمان حول البديل الذي كان بإمكان ترمب طرحه وهو أن هذا القرار كان يجب أن يتم عبر صفقة توقف بموجبها "إسرائيل" الاستيطان في الضفة الغربية، خارج كتلة المستوطنات القائمة، التي يتوقع الجميع أنها ستكون جزءا من "إسرائيل" عند الوصول لأي اتفاق بين الدولتين".

واعتبر أن هذه المقايضة ضرورية، ومن شأنها أن تُحقِّق تقدُّما حقيقيا لمصالح الولايات المتحدة ولعملية السلام، حسب فريدمان.

وهو ذات الموقف الذي تبناه دنيس روس، المفاوض الأميركي المخضرم في الشرق الأوسط للسلام، حيث قال "عندما تتوقَّف عن البناء خارج الكتل الاستيطانية، فإنَّك تحافظ بحدٍ أقصى على إمكانية التوصُّل إلى اتفاقٍ بين الدولتين، وبحدٍ أدنى، على قدرة الإسرائيليين على الانفصال عن الفلسطينيين. لكن إذا واصلت البناء في المناطق الفلسطينية المُكتَظَّة بالسُكَّان، فسيصبح الفصل بين الشعبين مستحيلاً".

وكان مارتن إنديك، السفير الأميركي السابق لدى "إسرائيل"، قد اقترح أن يتم "بدء عملية نقل السفارة إلى القدس الغربية، لكنَّ في الوقت نفسه مع الاستعداد لإصدار تصريح موازٍ يوضح فيه نيته لبناء سفارة أميركية في دولة فلسطين في القدس الشرقية"، وذلك ضمن إطار أي اتفاقٍ يُعقد بشأن الوضع النهائي.

التصريحات الأمريكية من مطلعين على قضايا الشرق الأوسط تشي بأن الغضب الكبير حول خطوة ترمب الأخيرة وصل أيضاً خبراء في العاصمة الأمريكية، الأمر الذي يؤكد أنها خطوة ستساهم في إفشال أي عملية تسوية قادمة، وتعقيد ما يسمى "بعملية صنع السلام" خاصة أن أميركا أصبحت بوضوح طرف وليس وسيط.

في المقابل فقد أسهم قرار ترمب بإضعاف الطرف الذي يدعم توجهاته في الساحة الفلسطينية ممثل بحركة فتح وتحديداً الرئيس أبو مازن الذي يصر على طريق المفاوضات للوصول لتسوية سياسية، بعدما قبر عملية التسوية وأغلق كل الأبواب أمامهم، وقد بدت أصوات تتعالى بضرورة إعلان فشل هذا الطريق والعودة إلى المقاومة بكل أساليبها.

ومن ناحية أخرى، فقد تسبب قرار ترمب بإحراج لحلفائه العرب والذين من المتوقع أن يكونوا شركاء في تمرير صفقته السياسية، هذا عدا عن الاتحاد الأوروبي الذي عارض بشدة القرار وبات يقرأ في سياسات ترمب تهديد لمصالحه في الشرق الأوسط.

وقد عارضت معظم الدول الأوروبية الخطوة الأمريكية واعتبرت انه لا يمكن أن يحدد مصير القدس الا في إطار صفقة سياسية، وأن خطوة ترمب من شأنها أن تأزم الأوضاع في المنطقة، ومن الواضح أن تلك الدول بدأت تبحث عن مصالحها بعيدا عن واشنطن، وهي دول وازنة لا يمكن تجاهلها في تمرير أي تسوية سياسية.

اخبار ذات صلة