قائمة الموقع

الشهيد العطل.. السباق لرضى والديه وميادين الجهاد

2017-12-11T15:47:06+02:00
الشهيد العطل
الرسالة نت-محمد شاهين

تجاوزت عقارب الساعة السابعة والنصف صباحا دون أن يحضر محمود العطل إلى منزل أسرته التي اعتادت تناول الإفطار معه، مما أثار القلق في قلب والده الذي ربط تأخره بالأحداث الساخنة التي شهدتها ليلة مبيته خارج البيت واحتدام القصف "الإسرائيلي" على قطاع غزة.

وعلى الفور، أحضرت والدة محمود المذياع فيما طيفه يحلق في سماء البيت، حيث أذيع خبر استشهاد "عبد الله العطل"، غير أن قلب الأب جزم بأن الشهيد المقصود هو "محمود"، وأن الإذاعة أخطأت في الاسم، وما هي إلا لحظات حتى تدافع الشباب أمام المنزل.

"كلمة واحدة" قلتها للشباب، أخبروني "محمود استشهد؟؟"، بهذه الكلمات علق الأب الصابر المتحسب، مضيفاً "هيّأ الله لي أسباب الصبر ولم تخرج من فمي إلا كلمة "إنا لله وإنا إليه راجعون"، وأخبرت والدته التي تلقت الخبر بالصبر والاحتساب والدعاء له، حيث كنا نتوقع استشهاده في أي لحظة".

في كل ميدان بصمة

وقضى محمود محمد العطل (27 عاماً) مطلع الأسبوع الجاري جراء قصف إسرائيلي غادر لأحد مواقع المقاومة في قطاع غزة. وامتاز الشهيد الذي كست اللحية وجهه بحسن الخلق، فيما كانت الابتسامة تزين محياه .

وزفت كتائب القسام الشهيد العطل، مبينة أن له "في كل ميدان بصمة"، مشيرة لمشوارٍه الجهادي الذي استمر ما يزيد عن العشرة أعوام، مضيفة أنه "لقي ربه وهو يجهز العدة للمجاهدين وسط مدينة غزة".

ويخبر والد الشهيد "الرسالة نت" والدموع تنساب من عينيه، أن نجله الشهيد "أنهى حفظ كتاب الله بمسجد التقوى، قبل سن السابعة عشرة والتحق بعدها مباشرة بكتائب القسام، ومنذ تلك اللحظات فرغ محمود نفسه للجهاد في سبيل الله، فلم يكن يدخر جهداً ووقتاً إلا ويخرج به لميادين الاعداد والتدريب"، وفق قوله.

وعن الموقف الذي لم ينساه للشهيد، يقول أبو مازن "اصطحبت محمود وهو في سن الخامسة إلى زيارة للأرحام، وتلا علي في الطريق سورة الإخلاص وأخطأ بها، حينها أمرته بتلاوتها بطريقة صحيحة ورائي، وأعاد تسميعها دون خطأ، وسألته لماذا تحفظها قال لي: (بحفظ قرآن عشان استشهد)، ومنذ تلك اللحظة البعيدة وأنا انتظر خبر استشهاده".

ويشير الستيني لحرص محمود على رضى والديه، "فلم يكن يصعد إلى نومه قبل أن يطمأن على صحتهما، وحين يعود من صلاة الفجر كان يجلب وجبة الإفطار ويأمر زوجته بإحضار إبريق الشاي، ليجلسوا سويا على مائدة الإفطار، إذ لم يكن يمضي يوما دون هذه العادة".

ولا يتذكر أبو مازن أن الشهيد محمود قد أغضبه يوما، أو دخل في شجار مع إخوته، كونه كان يتنازل عن كل شيء بسهولة في سبيل أن ينال رضا والديه، ولا يسمح بأن يسبقه أحد من إخوته لخدمتهما.

أما شقيق الشهيد فقال "للرسالة نت": "رغم أننا كنا نتسابق على صلة الأرحام وعلى رضا والدينا إلا أن محمود كان دائماً السباق، وقد سبق استشهاده بثلاثة أيام زيارته لبيت اخته لثلاث ساعات وكان حديثه وقتها عن الجهاد والشهادة في سبيل الله، وكأنه يخبرنا بأنها آخر زيارة لهذا البيت قبل أن ينالها مقبل غير مدبر".

ويضيف " كنا على يقين بأن محمود سيرتقي شهيداً، كونه كان مولعاً في الشهادة، ويسعى إليها منذ نعومة أظافره، فلم يكن يقبل أن يضيع وقته بشيء بعيداً عن ميدان الجهاد، وحين التحق في كتائب القسام قبل عشرة أعوام لم تكن الدنيا تسعه من شدة الفرح حينها، ليتحامل على نفسه ويبرز في كل ميادين الجهاد، ليلتحق بوحدة النخبة والتدريب والتصنيع وغيرها في نفس الوقت".

أصدقاء الشهيد ينعونه

ومنذ أن انتشر خبر استشهاد محمود اكتظت مواقع التواصل الاجتماعي بنعيه والحديث عن مناقبه من أصدقائه الكثر الذين ترك الشهيد بصمة في حياتهم، إذ أن حسابه الشخصي على موقع الفيس بوك يسمى (الملتقى الجنان)، واقتصر حديث محمود فيه على النصائح الدينية وقصص الوعظ والإرشاد القصيرة.

ويقول محمود أبو حمدة صديق الشهيد "للرسالة"، "إنه كان خفيف الظل، طيب الكلام، حسن الخلق والمظهر، كريما وشهمًا في تقديم المساعدة والعون من يلجأ إليه، فلم يخلُ مجلس معه إلا وتكون سيرة الشهادة والجهاد حاضرة على لسانه ويذكرهم بها".

اخبار ذات صلة