طوفان نحو التحرير طوفان نحو التحرير

رفقاء القادة الشهداء شهادات حية على مشوارهم الجهادي

ارشيفية
ارشيفية

غزة-محمد شاهين

في أعوامها الثلاثين، ودعت حركة المقاومة الإسلامية حماس موكباً من قادتها المؤسسين شهداء بعد مشوارٍ جهادي طويل مليء بالتضحيات والبذل والصبر على طريق ذات الشوكة والسعي لتحرير فلسطين ومقدساتها من دنس الاحتلال "الإسرائيلي".

وظن قادة الاحتلال أن اغتيال قادة حماس سينتهي بقضم مشوارها الجهادي وتشتيت رجالها وعناصرها ومؤيديها، إلا أن طيفهم كان حاضرا بعدهم، فتركوا بصمة في قلوب مئات الألوف من الجماهير الفلسطينية والعربية، التي التفت حول الحركة حتى أصبحت رأس حربة مقارعة الجيش "الإسرائيلي" وجهاً لوجه، واستطاعت أن تكسر أنفه في عدة مواجهات.

ولعل من أبرز القادة المؤسسين الذين تم اغتالتهم الطائرات الحربية "الإسرائيلية"، الشيخ المؤسس لحركة حماس أحمد ياسين، ود. عبد العزيز الرنتيسي وجمال منصور وسليم وسعيد صيام، وإسماعيل أبو شنت وصلاح شحادة وأحمد الجعبري ومحمود المبحوح، وعشرات القادة السياسيين والعسكرين.

ويحتفظ مرافقو القادة الشهداء برصيد وافر من الذكريات والمواقف التي دارت في حياتهم القصيرة والمكتظة بالمواقف الحاسمة والحساسة، لتبقى نماذج حية على عظمتهم التي توارثها من حمل راية الحركة من بعدهم.

"الرسالة" التقت مروان العربيد الذي رافق عددا من قيادي حماس الشهداء لأيام طويلة، وأولهم كان القائد عبد العزيز الرنتيسي، بعد أن لازمه طيلة فترة الإبعاد في مرج الزهور عام 1992م، وحتى قبيل اغتياله في 17 إبريل عام 2004.

وعن حياة الرنتيسي في الإبعاد، يقول العربيد "للرسالة" "منذ استقرارنا بمرج الزهور جنوب لبنان، رشّح المبعدون الذين تجاوز عددهم 410 مبعدا، الدكتور عبد العزيز الرنتيسي متحدثاً باسمهم لوسائل الإعلام والجهات والمؤسسات الدولية لينقل مطالبهم، ويتفاوض بالنيابة عن كافة المبعدين.

ويوضح العربيد أن قوة خطابه باللغتين العربية والانجليزية، ومعالجته السلمية والحكيمة للمواقف الحساسة، وتواضعه بالتعامل مع الجميع، دفعت بالمبعدين لترشيحه قائدا لهم ومتحدثا باسمهم، ليسجل مواقف بطولية تكللت بكسر سياسية الإبعاد التي خطط الاحتلال "الإسرائيلي" من خلالها للقضاء على روح المقاومة في الأراضي الفلسطينية.

ورفض الرنتيسي وعدد من القادة آنذاك، الدخول إلى الأراضي اللبنانية أو سفر المبعدين إلى عدد من الدول العربية، خوفا من أن يستكمل الاحتلال سياسية الابعاد لتطال جميع عناصر الانتفاضة الناشطين، وعقب التمركز بمرج الزهور سجل الرنتيسي موقفا بطوليا بعد أن رفض التجزئة بعودتهم، ليصر على إعادتهم دفعة واحدة، وبعد مفاوضات كثيفة خاضها الدكتور وضمانات دولية كبيرة وافق على إعادة المبعدين على دفعتين وهذا ما حدث.

وفي حياة ما بعد الإبعاد، يكشف العربيد أن الرنتيسي قصر حياته بالجهاد، وشحن المجاهدين وأبطال الانتفاضة بالعزيمة والاصرار على مواصلة طريقهم في مقاومة المحتل، إذ أنه لم يكن ليفوت فرصة يتقرب بها من المجاهدين إلا ويستغلها برفع معنوياتهم والربت على ايديهم.

وكان للالتفاف الشعبي حول الرنتيسي أثر كبير في حياته، إذ انه كان يحظى بقاعدة شعبية عريضة، وأينما يتواجد كان يلتف حوله مئات الأشخاص الذين يقابلوه بتقبيل رأسه، واحتضانه، والتقاط الصور معه، ما جعله حريصا على إرضائهم والتواضع بالتعامل معهم دون تمييز.

وعن القائد الشهيد سعيد صيام، يوضح العربيد أنه لازمه فترة زمنية طويلة، بحيث كان رجلا مرحا يتقبل الجميع ويتحدث معهم ويأخذ بمشاورتهم وآرائهم، وفي نفس الوقت كان يعالج الأمور بحكمة عالية حتى اشتهر بالعبارة بأن (المكان الذي يتواجد به الشيخ سعيد لا توجد به أية مشاكل).

وعن فترة إبعاد مرج الزهور، يوضح العربيد بأن الشيخ سعيد، لم يقبل حينها أن يعطي نفسه مجالا من الراحة أو يخلد إلى النوم، قبل أن يطمئن على المبعدين واحتياجاتهم ما جعله محبوبا من الجميع، بعد أن كان يؤثرهم على نفسه.

وفي شهادة لأحد حراس الشهيد صيام، الذين لازموا بيته قبل استشهاده وبعد تأسيسه جهاز القوة التنفيذية بعد ترؤسه وزارة الداخلية، يقول "كان الشيخ لا يخلد إلى نومه قبل أن يجلس بيننا ويبادلنا الحديث ويتأكد بأنهم على ما يرام لا ينقصهم شيئاً رغم انشغاله بالكثير من الأمور".

أما الشهيد القائد جمال منصور الذي ولد بمدينة نابلس شمال الضفة المحتلة، فيروي أحد الذي رافقوه وعاشوا بجواره "للرسالة"، أنه كان يتمتع بحكمة عالية وصبر لا ينفذ قبل اتخاذ أي قرار، وكان يحسم المواقف من منطلق الشورى والتريث.

ويكشف بأنه كان صاحب خطاب قوي يدخل قلوب الجماهير الفلسطينية بصورة سريعة حتى أطلق عليه لقب "رنتيسي الضفة"، ما خلق حوله التفاف شعبي كبير، وحظي بمكانة كبيرة تركت أثر في قلوب الالوف من الذين أصبحوا عناصراً في حماس ما جعله أبرز مؤسسي الحركة.

ويبين الذي رافق الدكتور جمال، بأنه كانت تربطه علاقة قوية مع قطاع غزة وأهلها فكان يحبها كما يحب نابلس، ولم يكن يترك أي فرصة لزيارتها والالتقاء بأهلها وقادة حماس، وحتى قبل استشهاده عام 2001م، كان يحلم بالعودة لزيارتها.

 

 

البث المباشر