قوبل كلام الطيار الأردني يوسف الدعجة، عن تحليق رحلته فوق "القدس عاصمة فلسطين"، بسيل من التحريض الإسرائيلي، وصل حد المطالبة بإسقاط طائرته. الدعجة، كابتن طائرة "الملكية الأردنية"، وخلال شرحه مسار الرحلة رقم 787 المتجهة من عمان إلى مطار كينيدي في نيويورك قبل أيام، تحدث عن جغرافية فلسطين، مؤكداً أن "عاصمتها هي القدس الشريف"، متجاهلاً ذكر إسرائيل، لتكون هذه الكلمات كافية لتستجلب عليه وعلى الأردن دعوات تحريضية إسرائيلية.
"أتمنى قريباً ألا يجدوا الصندوق الأسود الخاص بطائرة هذا الطيار"، علّق أحد الإسرائيليين متمنياً الموت للدعجة، لكن ليس وحده، إذ "كان يتوجب إسقاط هذه الطائرة"، قال آخر، ليؤكد ثالث "كان على سلاح الجو الإسرائيلي قصفها بصاروخ".
كثيرة هي التعليقات على كلام الدعجة التي لمّحت أو قالت صراحة إن الكابتن الأردني، شخص "إرهابي"، "فمن يضمن ألا يقوم بإسقاط طائرته على الكنيست"؟ أو "فوق أبراج عزرائيلي في تل أبيب" تساءل بعض المعلّقين الإسرائيليين، وأضاف آخرون: "إنه لأمر مخيف أن طياراً كهذا يحلق فوق إسرائيل".
استغل بعض الإسرائيليين هذا الموضوع للتحريض على العرب، فقال أحدهم "لا تخطئوا... كلهم (العرب) معادون لليهود، يكرهون دولة إسرائيل ووجودنا، لكن ذلك الطيار كان شجاعاً بما يكفي ليقول ذلك علناً. لكن هذا لن يغير شيئاً من الواقع، إسرائيل ستبقى رغم أنف الجميع". هذا الرأي وافقه عليه معلق آخر، قائلاً: "فليقل ما يشاء، فهذا لن يغير الواقع".
ولم يتوقف الأمر عند ذلك، فبعض الإسرائيليين هاجموا الأردن، إذ تساءل أحدهم: "لا أفهم كيف يعضّون اليد التي تطعمهم... الأردن لا يفيد إسرائيل بشيء بل هو المستفيد من الاتفاقيات". بينما دعا آخر إلى "حظر مرور طائرات الملكية الأردنية في الأجواء الإسرائيلية... فليمروا عبر سورية أو غيرها". وطالب آخرون بمقاطعة الشركة، علماً أن نسبة من الإسرائيليين يلجؤون إلى الخطوط الأردنية في تجوالهم حول العالم، وذلك لفارق الأسعار مقارنة مع الشركات الناشطة في إسرائيل.
وفي سياق الدعوات إلى المقاطعة، أقسم أحد المعلقين الإسرائيليين أنه لن يسافر مجدداً عبر الملكية الأردنية، داعياً للمقاطعة، فيما أضاف آخر: "سافرت عدة مرات إلى الهند من خلال الخطوط الأردنية، لكي أوفر الوقت والمال. لم يكن الأمر ممتعاً دائماً مع الطاقم، لكنني شعرت بالأمان. اليوم إذا لم تستنكر الشركة ما قاله قائد الطائرة، فهذه هي نهاية عهدي معهم". ووبخ أحدهم مستنكراً: "فليستمر الإسرائيليون بالسفر عبر خطوط الملكية، لكي يوفّروا 200 دولار! ممنوع السفر معهم حتى مجاناً، أو حتى مع الخطوط التركية... إنكم تمولون كارهي إسرائيل"، على حد تعبيره. ليتبعه آخر بالرد: "استمروا في بيع شرفكم من أجل بعض الدولارات"، مخاطباً الإسرائيليين.
وأشار بعضهم إلى أن "الطائرات ملزمة بأوامر برج المراقبة، وإذا تم إبقاء الطائرات الأردنية في الجو لساعة ونصف ساعة عند مرورها فوق إسرائيل، فستستهلك الكثير من الوقود، وبذلك تضطر لإلغاء رحلاتها البعيدة".
الانزلاق في التحريض لم يتوقف عند هذا الحد، إذ قال أحد المعلقين الإسرائيليين على كلام الدعجة: "هذه دولة (الأردن) مع اتفاقية سلام، فما بالكم بغيرها"، مضيفاً "يجب أن نستيقظ وأن يحدث تغيير في تعاملنا مع الأردن ومصر، والانتقال من معاهدة سلام إلى معاهدة عدم حرب، وإعادة تعريفهما كبلدين معاديين، فلا يوجد سلام معهما".
في سياق متصل، طالب بعض الإسرائيليين وزارة الخارجية الاسرائيلية بالتدخل، فأقوال الطيار الأردني برأيهم "تنافي معاهدة السلام". ووصل أحدهم للقول: "السلام لا يتحقق إلا بقنبلة ذرية وما غير ذلك هراء"، ليضيف آخر: "نحن نصمت وهم يسمحون لأنفسهم بما يريدون. ماذا كان سيحدث لو فعلوا ذلك مع دولة أخرى؟ لكن حكومتنا منشغلة بالحفاظ على رجالاتها وليس على الدولة".
مقابل ذلك، خرجت أصوات نادرة لم تهاجم الطيار أو الأردن، ولخّصت الأمر من منظور اقتصادي بعيداً عن السياسة، فبرأي أحدهم "طالما طائراتهم (الملكية الأردنية) أفضل من طائراتنا وأسعارها أرخص بنحو 400 دولار من شركتنا الوطنية، فمن جهتي يمكنه (الطيار الأردني) أن يتحدث أيضاً كيف يمكن إعداد سلطة بطاطا، وليستمتع في كل لحظة... بدل الانشغال بهذه التفاهات يجب العمل على تخفيض الأسعار لدينا، لتغدو كأسعارهم".