قائمة الموقع

نواب القدس .. إفراج يساوي إبعاد

2010-07-19T16:10:00+03:00

القدس – لمراسل الرسالة نت

تتزاحم الوفود المتضامنة نحو خيمة اعتصام النواب المهددين بالإبعاد في القدس المحتلة والذين مضى على فراقهم لمدينتهم أربعة أعوام في زنازين الاحتلال، لتحاول نار الإبعاد أن تكويهم لما تبقى لهم من مواطنة وحق بالصلاة في المسجد الأقصى المبارك.

هي الأيام سارت وسار معها القرار بحقهم مما دفعهم إلى أخذ العبرة من اعتقال رفيق دربهم النائب محمد أبو طير ليتخذوا من مقر الصليب الأحمر الدولي ملاذاً لعله يكون حامياً أو رادعاً لبطش الاحتلال بعدما تخلى عنهم القريب والبعيد، فلطالما تحدثت السلطة عن أن ملف النواب من أولويات حديثهم مع كل جانب، فكيف بسلطة تتحدث عن ذلك ولا يوجد على أرض الواقع ما "تمون" عليه حتى من تأجيل للقرار.

ضغوط

ومنذ اللحظة الأولى التي اعتقل فيها نواب الشرعية عامة والمقدسيون خاصة، مارست سلطات الاحتلال عبر إدارات سجونها ضغوطا شتى عليهم من خلال نقلهم من سجن إلى آخر في فترات قصيرة، الأمر الذي يعود عليهم بالإرهاق والتعب نتيجة ما يعرف بـ"البوسطة" التي كانوا يكبلون فيها على مدار ثلاثة أيام لنقلهم إلى سجن آخر علاوة عن تكرار منع أهاليهم من زيارتهم وردعهم بأحكام امتدت لأكثر من 40 شهراً وتهديدات لعائلاتهم وهم خلف القضبان.

واستمراراً لكل ذلك جاء قرار الإفراج عنهم، وقبل أن تنتهي تهنئة الزوار لهم زارتهم المخابرات الصهيونية في منازلهم وكأن لسان حالها يقول "إنكم في قبضتنا والفرحة معدودة عليكم"، لتبلغهم بقرار أشد وطأة وأكثر إيلاماً لمن ولد وعاش وترعرع في القدس وهو النفي عن مدينة يتمنى ملايين المسلمين أن تحط أقدامهم فيها، وبقيت قوات الاحتلال تحاول اصطيادهم على مدار ثلاثين يوماً.

أما أولى حلقات الإبعاد بحقهم فجاءت عبر اعتقال النائب أبو طير أثناء محاولته الخروج من قريته صور باهر في القدس والإبقاء عليه خلف القضبان مهددينه إما بالإبعاد أو استمرار الاعتقال، ولكن النائبين الآخرين والوزير السابق قادتهم حنكتهم السياسة إلى نصب خيمة اعتصام مفتوح أمام مقر هيئة الصليب الأحمر الدولية التي لا تستطيع شرطة الاحتلال اقتحام مقرها.

فيقول النائب المهدد بالإبعاد أحمد عطون لـ"الرسالة":" نحن طلبنا من الصليب الأحمر مكاناً للحماية ووفروه لنا لأنهم نظروا إلى قضيتنا من جانب إنساني، ونحن مصممون على البقاء فيها لأن القضية مسيسة ولكنها تحمل طابعاً إنسانياً واضحاً، لذلك قررنا الاعتصام كي نفوت على الاحتلال فرصة اعتقالنا واستمرار تهديدنا".

"إفراج يساوي إبعاد"

وهناك في أروقة محكمة الاحتلال وقف الشيخ أبو طير في قفص الاتهام غير مكترث لكل تلك "المهزلة" المنصوبة أمامه وكأنه مجرم فار من العدالة، وكان قاضيها الصهيوني يقرأ بعض الأوراق ويستمع إلى ممثلي الادعاء وهم شرطة الاحتلال ومحامي الدفاع عن الشيخ في مظهر يعرف الكل أنه شكلي فقط.

وينطق القاضي الظالم بقرار المحكمة، فإما الإفراج مقابل الإبعاد عن القدس وعدم الرجوع إليها أبداً، وإما استمرار الاعتقال مع إبقاء التهديد بالإبعاد القسري وغرامة مالية تصل إلى مئة ألف شيقل إذا دخل مدينته مرة أخرى، ولكن كلمات الشيخ كانت مدوية لأسماع القاضي وكل من تواجد في قاعة المحكمة:

" لن أخرج من القدس مدينتي أبداً مهما فعلتم، ولن أغادرها لأنكم من احتلها وأنتم من يجب أن يغادرها، سأبقى فيها وأختار الاعتقال طبعاً فلا أخشى سجونكم".

ويؤكد بقية النواب على أن هذا هو موقفهم الدائم إذا ما تم اعتقالهم، فيقول النائب محمد طوطح لـ"الرسالة" إنهم يختارون الاعتقال دوماً على الإبعاد، وإن قضيتهم لا تحتمل أن يخرجوا من القدس لحظة واحدة لأن الاحتلال إذا نجح في إبعادهم فإنه سيبعد مئات المقدسيين خلفهم.

ويضيف:" هذا التخيير لنا بمثابة الحكم بالإعدام أو السجن مدى الحياة، وكلاهما مر ولكننا نختار الأهون علينا وهو الاعتقال ونعلم أنه صعب خاصة وأن اعتقالنا السابق لم يمض على انتهائه إلا قليل".

استفزازات

وفي ظل توافد المتضامنين والزائرين بالمئات إلى خيمة اعتصام النواب في القدس والمسيرات الحاشدة الملتفة حولهم والمهرجانات الخطابية التي تزين خيمتهم في كل وقت، بدأت شرطة الاحتلال بتحركات الاستفزاز الفعلي لهم عبر عدة خطوات حمقاء لا تبوح إلا بتخبطها.

ففي بادئ الأمر قامت الشرطة بسلسلة اتصالات على منازل النائبين والوزير السابق والاستفسار عن مكانهم رغم أنها تعلم أنهم موجودون داخل خيمة الاعتصام احتجاجا على القرار الجائر، فكان الرد لها من قبل عائلاتهم بأنهم لن يغادروا القدس مهما بلغت التهديدات، ومن ثم قامت بمحاصرة منزل النائب أحمد عطون قبل عدة أيام ومطالبة عائلته بتسليمه.

ويوضح عطون بأن عناصر المخابرات وقفوا على مقربة من المنزل دون أن يدخلوه وطالبوا عائلته بتسليمه أو أن يقدم نفسه إلى محكمة الاحتلال فربما تقر بالإفراج عنه، ولكن رد العائلة جاء بذكر حال الشيخ أبو طير الذي ما زال رهن الاعتقال منذ أكثر من 16 يوماً.

أما الدليل الآخر على استنفاد شرطة الاحتلال صبرها أمام صمود النواب فإجبارها مسؤولي الصليب الأحمر في المدينة على إزالة يافطات التضامن مع النواب الإسلاميين بحجة أنها مظهر ممنوع شرق القدس، علماً أن غربيها يعج باللافتات العنصرية التي تدعو علانية إلى قتل الفلسطينيين، ولكنها حياةٌ كلُ ما فيها ممنوع على صاحب الأرض.

ويعلق على هذا الوزير السابق خالد أبو عرفة لـ"الرسالة" قائلاً:" هذه الخطوة نعتقد أنها جاءت لافتعال أي مشكلة من أجل اقتحام الخيمة واعتقالنا ولكنها إدارة الصليب فوتت هذه الفرصة بإزالة اليافطات فوراً الأمر الذي استفز عناصر الشرطة مرة أخرى وجعلهم يعودون بخفي حنيْن، وما زلنا في خيمتنا نصرّ على موقفنا ولا نخشاهم".

قيل إنها إذا ضاقت قد تفرجُ قريباً، وهذا هو حال نواب القدس عن حركة حماس الذين يصارعون كل شيء حتى لا يُبعدوا عن قدسهم، تضيق الحال بهم ويشتد الظلم عليهم حتى يقولوا متى نصر الله. 

 

اخبار ذات صلة