شارك مئات الفلسطينيين في مظاهرة جرت مساء الجمعة أمام دائرة المستشارية الألمانية في برلين، تعبيرا عن رفضهم قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، وتثمينا لموقف حكومة المستشارة أنجيلا ميركل الرافض للقرار.
ورفع المتظاهرون الأعلام الفلسطينية وصورا لمدينة القدس والمسجد الأقصى، وثمنت كلمات ألقيت خلال المظاهرة تصويت ألمانيا في الجمعية العامة للأمم المتحدة مع 128 دولة من أصل 193، لصالح قرار للمجموعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي الرافض لأي مساس بوضعية القدس أو تغيير طبيعتها.
وامتدح الناشط الفلسطيني أحمد محيسن التصويت الألماني في الأمم المتحدة ضد القرار الذي أصدره ترمب في السادس من الشهر الجاري، بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها؛ مؤكدا أن الفلسطينيين يتمنون من برلين المساعدة بتفعيل قرار الأمم المتحدة لإلغاء قرار ترمب والاعتراف بدولة فلسطين.
ليسوا وحدهم
وأشار المتحدثون في المظاهرة -وهي تعتبر السادسة التي تنظم في برلين منذ صدور قرار ترمب- إلى أن التصويت بأغلبية واسعة وخروج مظاهرات في ستمئة مدينة بالعالم، يظهر أن الفلسطينيين ليسوا وحدهم في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
من جانبه، دعا رئيس مؤتمر فلسطينيي أوروبا ماجد الزير لدعم الموقف الألماني ومواقف دول الاتحاد الأوروبي الرافضة لقرار ترمب عبر تحركات دبلوماسية وشعبية.
وأوضح الزير -في حديثه للجزيرة نت- أن الوحدة الفلسطينية المتماسكة ضد الاعتراف الأميركي المتعلق بالقدس ورفض الضغوط الأميركية، له تأثيره بدعم المواقف الأوروبية، معتبرا أن الجولات المكوكية الفلسطينية بين العواصم الأوروبية لشرح الموقف الفلسطيني تمثل عوامل مهمة في هذا المجال.
وخلص رئيس مؤتمر فلسطينيي أوروبا إلى أن التواصل مع البرلمانات الأوروبية ونوابها من شأنه أيضا دعم تماسك المواقف العالمية مع الفلسطينيين.
ومثل التصويت الألماني لأول مرة في الأمم المتحدة على قرار موجه ضد إسرائيل والولايات المتحدة، تحولا غير مسبوقا في السياسة الخارجية الألمانية.
واعتبر مراقبون أن برلين وجدت أنه لا يمكن أن تكون محايدة فيما يتعلق بالقدس، فصوتت لصالح القرار المعارض لإعلان ترمب، وأشاروا إلى أن هذا التصويت جاء معاكسا لامتناع ألمانيا عن التصويت عام 2012 على قرار أممي بإعطاء دولة فلسطين صفة مراقب بالمنظمة الدولية.
وكشفت تقارير صحفية ألمانية أن محاولات عديدة وقوية بذلتها الإدارة الأميركية طوال الأيام الماضية، فشلت في دفع الحكومة الألمانية للتصويت ضد مشروع القرار المتعلق بالقدس في الأمم المتحدة.
وفي توضيح لموقف بلاده بالجمعية العامة، قال متحدث باسم الخارجية الألمانية للصحفيين في برلين إن الموقف الألماني الثابت، وهو أن "الوضع النهائي للقدس ينبغي تحديده عبر المفاوضات بين طرفي الصراع الفلسطينيين والإسرائيليين، وأن التوصل لحل لهذه القضية لا يمكن فرضه من الخارج".
ويثير كل ما يتعلق بإسرائيل وإقامة دولة فلسطينية انقساما مستمرا في ألمانيا، ورأى الخبير الألماني بقضايا الشرق الأوسط أودو شتاينباخ أن التصويت ضد قرار ترمب في الأمم المتحدة مثل تطورا ملفتا أشبه بالثورة في سياسة برلين الخارجية.
وأشار في حديثه للجزيرة نت إلى أن هذا التصويت جسر فجوة كانت واسعة بين الموقف الرسمي وموقف الرأي العام الألمانيين تجاه القضية الفلسطينية.